خلال عطلة نهاية الأسبوع يلتقي قادة وممثلو الدول العربية في اجتماعهم السنوي في العاصمة التونسية. مرتفعات الجولان ستكون على رأس أولويات هذه القمة، فالرئيس الأمريكي .
ترامب وقع قرارا للاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان ليعيد للأذهان ما فعله قبل أكثر من عام عندما . لكن على عكس القدس ذات الدلالة الروحية والرمزية العالية فإن الجولان منطقة جبلية وعرة صغيرة على الحدود بين إسرائيل وسوريا، فلماذا تحظى الجولان بتلك الأهمية؟
اقرأ المزيد
"القدس عاصمة لإسرائيل": من الذي خذل فلسطين؟
ما هي أهمية الجولان؟
رغم عدم وجود إتفاقية ترسيم حدود بين إسرائيل وسوريا حتى اللحظة، إلا أن الحدود بينهما تمر عبر مرتفعات الجولان. على أرض الواقع هناك جولان سوري وجولان إسرائيلي، وتشرف المنطقة على شمال إسرائيل بالكامل وخاصة قرى الجليل الأعلى كما قال الدكتور هشام جابر الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية "يشكل الجولان بالنسبة لإ سرائيل في الوقت الحاضر موقعا دفاعيا مهما في الجليل الأعلى. كما أن "الجولان بعيدة 70 كيلومترا فقط عن العاصمة السورية وتشرف على سهل حوران."
أجرت سوريا وإسرائيل عدة جولات من المفاوضات بخصوص الجولان كان أهمها مفاوضات عام 2000 والتي جرت بوساطة أمريكية بهدف إعادة الجولان إلى سوريا. وقال المحلل السياسي الإسرائيلي إيلي نيسان إن نجاح تلك المفاوضات كان سيعرض أمن إسرائيل للخطر "لو كان الأسد نجح في تحقيق هذا الاتفاق كانت سوريا ستسيطر على كل ما يحدث في شمال إسرائيل من مدينة طبرية مرورا بالقرى التعاونية والكيبوتسات في الشمال."
اقرأ المزيد
أمس القدس اليوم الجولان وغداً فلسطين
الخلاف بين الجانبين على الحدود كان 100 متر فقط، ولكن تلك الأمتار المائة كانت ستحدد من له حق الوجود على أهم موارد الجولان، بحيرة طبرية. إيلي نيسان مرة أخرى " الأسد الوالد أراد أن تكون القوات السورية موجودة على الضفاف الشرقية لبحيرة طبرية وهذا الأمر لن يكون مقبولا لأي حكومة في إسرائيل."
وبجانب البعد الاستراتيجي، يرغب الجانبان في الحصول على الموارد المائية والتربة الخصبة للمنطقة كما يقول الدكتور هشام جابر " الأهمية الاقتصادية أيضا كبيرة خاصة فيما يتعلق بالماء. إسرائيل تحصل على 40% من حاجتها من المياه من الجولان وتحديدا بحيرة طبرية."
الحرب الأهلية السورية فرضت واقعا جديدا على المنطقة، حيث زاد نفوذ حزب الله وإيران في سوريا، وأعربت إسرائيل عن قلقها من النشاط الإيراني جنوب العاصمة دمشق. إيلي نيسان يعتبر الجولان نقطة مهمة لمراقبة هذا النشاط " أذا لم تكن إسرائيل موجودة اليوم في هضبة الجولان، لكان حزب الله وإيران في مرتفعات الجولان." وأضاف نيسان "رغم ما يقال عن أنها مُنحت كهدية لرئيس الوزراء نتنياهو قبل الانتخابات إلا أن هذه الخطوة مهمة جدا جدا لأمن إسرائيل."
ما هو وضع الجولان الحالي؟
اجتاحت إسرائيل الجولان خلال حرب الستة أيام عام 1967، وحاولت سوريا استعادتها خلال هجومها المشترك مع مصر بدعم عربي عام 1973، ولكن دون نجاح. وفي عام 1981 مررت إسرائيل قرار بضم الجولان إلى أراضيها لم يلق أي تأييد دولي، بل لاقى استنكارا أسفر عن القرار الأممي رقم 497 لسنة 1981 والذي يعتبر فرض السيادة الإسرائيلية على الجولان "باطل ولاغ ولا أثر قانونيا له على الساحة الدولية".
هذا القرر مُرر بدعم أغلبية أعضاء مجلس الامن وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، ومن وقتها فهو القرار الذي يحدد وضعية الجولان أمام القانون والشرعية الدولية. ما فعله ترامب بالخروج عن الإجماع الدولي لم يلق قبولا أو تأييدا من أي دولة حتى الآن.
لماذا الآن؟
لا يمكن قراءة القرار الأمريكي بمعزل عن الانتخابات الإسرائيلية في التاسع من أبريل نيسان القادم. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يخضع لضغط كبير من التحالف اليميني الذي يتزعمه، بالإضافة إلى قضايا الفساد التي قد تنهي مستقبله السياسي برمته.
الدكتور هشام جابر قال إن هذا الإعلان سيدعم نتنياهو "هدية انتخابية لرئيس حكومة إسرائيل نتنياهو لمساعدته." وقال جابر إن نتنياهو سيسوق هذا الإعلان داخليا "كمكسب كبير يعود له الفضل في تحقيقه قبل الانتخابات الإسرائيلية بأسبوعين، لا سيما أن المنافسة حادة بينه وبين خصومه."
ما هي احتمالات وقوع مواجهة مباشرة؟
الأمم المتحدة لديها قوة في منطقة الجولان لمراقبة فض الاشتباك، وهناك أيضا منطقة فصل بين الجيشين السوري والإسرائيلي ولا يسمح لقوات الجانبين بدخولها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. منطقة الفصل تبلغ مساحتها 400 كيلومترا مربع.
لكن الدكتور هشام جابر لا يستبعد أن يتم الالتفاف على هذا الوضع من قبل الجانب السوري " أنا لا استبعد أن تقوم سوريا مع إيران وحلفائها بإنشاء مقاومة في الجولان السوري مثل ما حدث في جنوب لبنان وتقوم بعمليات نوعية في الجولان المحتل."
هناك 40 ألف شخص يعيشون في الجولان، أكثر من نصفهم من الدروز العرب والباقي من المستوطنيين الإسرائيليين. الدروز في تلك المنطقة رفضوا الحصول على الجنسية الإسرائيلية وأغلبهم موالون للنظام السوري. وقال جابر إن هذه التركيبة السكانية قد تمثل مصدرا لإزعاج إسرائيل " إذا حصلت مقاومة في الجولان المحتل انطلاقا من الجولان المحرر أعتقد إسرائيل لن تتمكن من تحمل هذا الأمر لأن إسرائيل هشة وسريعة العطب." وأضاف جابر " إذا أصبحت الجولان غير آمنة للمستوطنين فإن إسرائيل حتما سيكون لديها مشكلة كبيرة."
Source: EPA
ويعمل أغلب المستوطنين في السياحة والزراعة. لكن المحلل الإسرائيلي إيلي نيسان أكد أن إسرائيل لا تهتم بالرفض الدولي أو التهديدات بالتدخل العسكري من الجانب السوري " إسرائيل لم ولن تخشى أي طرف في الحرب."
