ما هو مصير أموال المغتربين في المصارف اللبنانية؟

 Anti-government protester during calling for 'the fall of the rule of the bank' during a protest in front of the Lebanese Central Bank headquarters

Anti-government protester during calling for 'the fall of the rule of the bank' during a protest in front of the Lebanese Central Bank headquarters Source: EPA/NABIL MOUNZER

لقاء مع الخبير الاقتصادي الدكتور شربل قرداحي يكشف عمق الأزمة.


عكست الصور التي انتشرت خلال عطلة نهاية الأسبوع عن الأحداث والمواجهات في بيروت الوضع المتأزم على الساحة اللبنانية.

فمع دخول الثورة شهرها الرابع، إلى أين يتجه الوضع الأمني والمعيشي والإقتصادي؟ وما الذي تحقق حتى الساعة؟

اللبنانيون في لبنان خائفون على مصيرهم، ولبنانيو الإغتراب قلقون: قلقون على بلد كانوا يحلمون بالعودة إليه مزدهراً، وقلقون على أهل وأصدقاء وأقارب باتوا يترحمون على أيام الحرب الموجعة...
فإضافة إلى صور وفيديوهات المواجهات العنيفة بتنا نسمع خبراً كل يوم يبشرنا بمزيد من الانحدار: فيوماً نسمع عن اقفال مئات المؤسسات والشركات أبوابها وخسارة الآلاف لوظائفهم أما الذين لا يزالون في أشغالهم فيقبضون نصف رواتبهم ولكن لا يستطيعون سحبها من المصرف، ويوماً نسمع عن المستشفيات التي بدأت تنفذ لديها الأدوية وخصوصاً تلك المخصصة لمعالجة الأمراض المستعصية ومنها أمراض السرطان، ناهيك عن التهديد بانقطاع خدمات الانترنت التي لا تزال آخر متنفس لدى اللبنانيين وصلة الوصل الوحيدة التي تجمع الإغتراب بهم.

وسط كل هذه الأخبار، لا حكومة بعد في الأفق لا بل مزيد من الخلافات حول وزير لهذه الفئة ووزيرين لذلك الفريق وكأن شيئاً لم يكن، و"كأنو الدنيي بألف خير"...
A gas station pump is closed during a protest against tight supply of dollars from the central bank in Beirut, Lebanon, Friday, Nov. 29, 2019.
A gas station pump is closed during a protest against tight supply of dollars from the central bank in Beirut, Lebanon, Friday, Nov. 29, 2019. Source: AP
الواقع الاقتصادي المؤلم الذي يعيشه اللبنانيون يصفه الخبير في الشؤون الإقتصادية الدكتور شربل قرداحي بأنه مجموعة أزمات، هي عبارة عن أزمات بنيوية وهيكلية موروثة منذ 30 عاماً وحتى اليوم و"أهم هذه الأزمات عجز الميزان التجاري الذي يتراوح بين 16 و17 مليار دولار إضافة إلى عجز المالية العامة من 5 إلى 6 مليار دولار". ويضيف قرداحي أن "تفاقم هذان العجزان منذ الأزمة السورية التي أدت إلى تراجع دخول رؤوس الأموال إلى لبنان أما الانزلاق الكبير فحدث مع إغلاق الطرق وإغلاق البنوك فدخلنا بأزمة مصرفية، وأزمة تمويل المالية العامة من جانب آخر إضافة إلى أزمة تمويل ميزان المدفوعات والاستيراد وفاقم من هذه الأزمات اقفال العديد من الشركات وخسارة الناس لوظائفهم".

يرفض الدكتور شربل تحميل كامل المسؤولية في ما آلت إليه الأمور على  السياسة التي يتبعها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة: "صحيح أن السياسة النقدية هي جزء كبير من المشكلة والتي كان لها هدف معلن  هو ثبات سعر الصرف ولكنها وللأسف الشديد اتبعت سياسات أخرى تتعارض مع الهدف الرئيسي وكان لهذا الأمر تكلفة كبرى على الاقتصاد الوطني. ولكنها ليست المسبب الوحيد للتصدعات التي أصابت الاقتصاد فهناك السياسة المالية أيضاً المسؤولة عنها الحكومة والتي لم تكن سوية لسنوات طويلة ماضية. والمزيج من هاتين السياستين النقدية والمالية اللتين لم تتم إدارتهما بطريقة محترفة هما وراء جزء كبير مما نعيشه اليوم في لبنان".
Anti-government protesters clash with Lebanese riot police during a protest outside of the Lebanese Parliament in downtown Beirut.
Anti-government protesters clash with Lebanese riot police during a protest outside of the Lebanese Parliament in downtown Beirut. Source: EPA
وحول ما إذا كانت الأزمة ستطول، يؤكد قرداحي أنه من الواضح أن الأزمة طويلة "لأنه لا يظهر في الأفق أن أحداً ينوي مساعدتنا علماً أننا أصلاً لا نساعد أنفسنا فلا حكومة حتى اليوم وقد رأينا مظاهر التكسير في بيروت...وفي كل الأحوال ، حتى ولو تم تأليف الحكومة واتخذت الأخيرة الإجراءات التي يجب اتخاذها، سنة 2020 ستكون صعبة جداً."

ولا يعتبر قرداحي أن الثورة هي التي أوصلتنا إلى الوضع الراهن بل إن الأمر نتيجة لسياسات استمرت على مدى سنوات طويلة: "فنحن كنا في انزلاق متدرّج نحو القعر ..يمكن أننا كنا نبعد سنتين عن الوضع الذي نعيشه الآن. ليس الثورة بحد ذاتها غير أن اقفال الطرقات واقفال البنوك سببوا صدمة كبيرة جداً في الجسم الاقتصادي اللبناني وسرعوا في التدهور الحاصل".


وفي وقت يساور القلق عدداً كبيراً من المغتربين الذين أودعوا مبالغ كبيرة في المصارف اللبنانية، يشرح الخبير الاقتصادي عن مصير هذه الأموال:  "نحن في أزمة والاموال التي أودعوها في المصارف اللبنانية استثمرتها المصارف في أماكن مختلفة فهي ديّنت الاقتصاد المحلي إذ لدينا نحو 50 مليار دولار قروض داخليّة، المصارف أيضاً أعطت قروض للدولة اللبنانية بشكل سندات خزينة على سبيل المثال كما انها استثمرت خارج لبنان وفي الختام أودعت المصارف جزءاً كبيراً من موجوداتها داخل المصرف المركزي". وبحسب ما يشرح قرداحي: "تستطيع المصارف تحصيل الديون التي أقرضتها عبر الضمانات التي تأخذها على هذه الديون إذاً المنطق يقول أن جزءاً من الودائع هو بأمان ولكن القسم الآخر الموجود في البنك المركزي والتي تشكل جزءاً من  لثروة الوطنية بالدولار خسرها المصرف وهذه ودائع البنوك لديه وهي بالأساس ودائع الناس لدى البنوك. ولكن ربما في وقت لاحق سيتم ايجاد حلول لهذه الخسائر وخصوصاً للودائع الكبيرة".

ويختم قرداحي: "الوضع صعب ولكن غير ميؤوس منه لأن لبنان من الدول القليلة في العالم التي لديها موجودات واحتياطات وأملاك وعقارات يمكن استغلالها لإعادة تحسين الوضع."


              


شارك