أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الخميس أنه سيتم التحقيق في تقارير حول قيام مسؤولين وأصحاب مصارف بتحويلات مالية إلى الخارج العام الحالي في الوقت الذي تفرض فيه البنوك قيوداً مشددة على حركة الأموال.
وسلامة، الذي طالما أكد على استقرار الليرة اللبنانية، قال الخميس رداً على سؤال عما سيصبح عليه سعر صرف الدولار في السوق الموازية، التي ظهرت للمرة الأولى خلال الصيف، إن "لا أحد يعرف".
ويشهد لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية (1975-1990)، ما يهدد المواطنين في وظائفهم ولقمة عيشهم تزامناً مع أزمة سيولة حادة وارتفاع مستمر في أسعار المواد الأساسية.

a man heads to the Lebanese central bank, in Beirut, Lebanon. Source: AP/Hussein Malla
ويتهم متظاهرون في الحراك الشعبي ضد الطبقة السياسية المستمر منذ أكثر من شهرين المصارف بتحويل مبالغ مالية ضخمة لمسؤولين إلى الخارج، في الوقت الذي تفرض فيه إجراءات مشددة على المودعين في لبنان.
وقال سلامة، إثر اجتماع مع لجنة المال والموازنة النيابية، الخميس "سنقوم بكل ما يسمحه لنا القانون للتحقق من كل التحويلات التي حصلت في العام 2019" إلى الخارج و"إذا كان هناك أموال مشبوهة"، مشيراً إلى أن الحديث "كثر" في هذا الموضوع ويتعلق بأموال "سياسيين وإداريين في القطاع العام وأصحاب المصارف"، لكن "يجب التأكد".
وأشار إلى أن التحقيق يبدأ من لبنان و"إذا خرجت الأموال من هنا"، مضيفاً "كل شيء من الممكن ملاحقته قانونياً، ولا شيء يختفي".
وإثر الاجتماع، قال عضو اللجنة النائب عن حزب الله حسن فضل الله "نتحدث اليوم عن 11 مليار دولار للمصارف في الخارج". وأضاف "إذا الاموال التي حُولت هي أموال غير شرعية يجب أن تستعاد"، مشيراً إلى أن من شأن ذلك أن يؤمن سيولة في البلد.
وفي تقرير لمركز كارنيغي للشرق الأوسط في العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر، قدّر خبراء تحويل 800 مليون دولار إلى الخارج منذ انطلاق الاحتجاجات ضد الطبقة السياسية في لبنان في 17 تشرين الأول/أكتوبر، وهي الفترة التي أقفلت فيها المصارف أبوابها.
واعتبر سلامة أن إغلاق المصارف لأسبوعين بداية فترة الاحتجاجات "خلق اضطرابات في السوق".
ومنذ الصيف، تفرض المصارف إجراءات مشددة على سحب الأموال، بحيث لا تسمح بعض المصارف بسحب أكثر من ألف دولار شهرياً، كما تمنع التحويلات إلى الخارج، ولا يمكن للمغترب الذي يملك حسابات مصرفية في لبنان سوى الاستفادة من مبالغ مالية محدودة في الخارج.

A Lebanese anti-government protester holds a mask of Lebanon's Central Bank Governor Riad Salameh as she sits for a haircut in front of the central bank HQ. Source: AFP
واتهم وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل قبل يومين بعض المصارف بـ"حبس" رواتب موظفي الدولة التي تحولها الوزارة.
وتشهد المصارف بشكل شبه يومي خلافات بين زبائن يريدون الحصول على أموالهم وموظفين عاجزين عن تأمين رغباتهم جراء الإجراءات المشددة.
وأطلق متظاهرون الأسبوع الحالي حملة "#مش دافعين"، تتضمن رفض دفع ما يترتب عليهم من قروض للمصارف. كما تظاهر العشرات الخميس أمام مقر جمعية المصارف في بيروت، مرددين هتافات ضد البنوك وسلامة.
وفي وقت لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً منذ أكثر من عقدين على 1507 ليرات مقابل الدولار، تخطى الدولار في السوق الموازية 2000 ليرة، مع توقعات بانخفاض أكبر في قيمة الليرة بعد انتهاء فترة الأعياد.
ورداً على سؤال عن سعر صرف الدولار في السوق الموازية، قال سلامة الخميس "لا أحد يعرف".
ونقلت قناة المؤسسة اللبنانية للإرسال عن مصادر في مصرف لبنان أن تصريح سلامة "لا يعني إطلاقًا أي تغيير في سعر صرف الليرة الرسمي"، مؤكدة أن "سياسة مصرف لبنان لا زالت قائمة على استقرار سعر الصرف بالتعامل مع المصارف".