بينما ترفع أستراليا بشكل مبدئي بعض القيود التي تم فرضها لاحتواء تفشي وباء كورونا، تتوجه الأنظار كلها الآن إلى كيفية التعافي الاقتصادي من الأزمة.
الوباء سدد ضربة قوية إلى الاقتصاد وسيغير بشكل دائم كيفية عمل الكثير من الشركات والمصالح التجارية في المستقبل. رئيس الوزراء سكوت موريسون كشف اليوم الثلاثاء عن .
أس بي أس ترصد بعض القطاعات التي يمكن أن تلعب دورا في عملية خروج أستراليا من الأزمة.
السياحة الداخلية
إغلاق الحدود الأسترالية يعني أن السياحة الدولية اختفت، ولكن الخبراء قالوا إن السياحة الداخلية يمكن أن تقدم طوق إنقاذ لقطاع السياحة المتعثر. رئيس معهد غراتن جون دالي قال لأس بي أس "سيكون هناك قفزة كبيرة في السياحة الداخلية، حيث أن كل الأستراليين الذين اعتادوا على السفر إلى الخارج لقضاء العطلات، سيبدأون في قضاء عطلاتهم هنا."
وأضاف "هناك الكثير من الأستراليين الذين لم يزوروا أجزاء كبيرة من البلاد، لذا أنا أعتقد أن تلك ستكون فرصة أمامهم."
لكن الأمور لا تزال غير واضحة فيما يتعلق بفتح الحدود بين الولايات والمقاطعات المختلفة. وقال رئيس المعهد إن السياحة الداخلية سيكون عليها التأقلم مع شكل السوق الجديد سواء من ناحية القواعد الجديدة أو طبيعة المستهلكين.

Cars on the Great Ocean Road in Victoria. Source: AAP
وقال "أكبر فرصة ستكون أمام شركات السياحة التي ستفهم كيف تخاطب ذائقة الناس الذين يفكرون من منطلق أنهم أستراليين، لن تصلح أفكار مثل أن نقول "تعالوا إلى أستراليا فالناس هنا ودودين بحق."
وأضاف "يجب أن يفكروا في كيفية تسويق ما يقدمونه إلى شخص يتمتع بالفعل بكل تلك الأشياء ويرغب في تجربة شيء مختلف."
الطلاب الدوليون: العامل المجهول الكبير
وقال السيد دالي إن أحد "أكبر علامات الاستفهام" بشأن التعافي الاقتصادي هو الطلاب الدوليين. وطبقا للحكومة الفيدرالية فإن الطلاب الدوليين ينفقون 35 مليار دولار سنويا في أستراليا ويوفرون 200,000 فرصة عمل.
وبينما قررت الحكومة تعليق قدوم الطلاب من الخارج، فإن رئيس الوزراء ألمح بالفعل إلى أن الطلاب يمكن أن يتم السماح لهم بدخول البلاد قبل باقي الزوار الدوليين.
وقال دالي إن أستراليا ربما تكون في وضع يمكنها من جذب الطلاب الدوليين مجددا لو تم اعتبارها مكانا آمنا: "من ناحية، فإن سوق الطلاب الدوليين على مستوى العالم قد انكمش، ومن ناحية أخرى، فإن هناك رهان على أن الطلاب الذين يرغبون في الحصول على تعليم باللغة الإنجليزية، سيكونون أكثر حرصا على القدوم إلى أستراليا بالمقارنة بمنافسيها في هذا السوق، الولايات المتحدة وبريطانيا، والذين لديهم عدد أكبر بكثير من حالات كوفيد-١٩."

Students enter the University of New South Wales in Sydney. Source: AAP
وأضاف "ربما تزيد حصة أستراليا، هناك فرصة في هذا القطاع بلا شك."
قطاع التعدين
وقال دالي إن المعادن والموارد الطبيعية ستلعب دورا في التعافي الأولي من كوفيد-١٩، لكنه دور لا يقارن بما فعله هذا القطاع خلال ثورة التعدين: "يبدو أن الطلب الصيني على خام الحديد والفحم وواردات الطاقة المختلفة عاد بشكل أو بآخر إلى ما كان عليه قبل وباء كورونا، لذا فإن تلك الصناعات تبدو في وضع جيد."
لكن الخلاف الصيني الأسترالي بسبب التحقيق في أصول منشأ وباء كورونا يمثل واحدا من أسباب القلق المتزايد لدى الحكومة بشأن هذا القطاع. وكانت الصين قد اتخذت إجراءات ضد اللحوم الحمراء والشعير بالفعل ولكن حتى الآن ما زالت لم تمس الصادرات الأخرى.

Source: Getty
جايمس ويلان، مدير الاستثمار في مجموعة VFS قال إن مدى تحركات الصين قد يصل إلى قطاع التعدين، وهو أمر من شأنه أن يضع أستراليا في موقف صعب: "هذه هي طريقة الصين في قول "لو أنكم ترغبون الحديث عن استعراض العضلات، فنحن لدينا عضلات كبيرة أيضا يمكننا استعراضها."
وأضاف ويلان "إنهم يقولون "حتى لو كنا نستورد 62 في المائة من الحديد الخام من أستراليا، لا يعني ذلك أن الأمر يجب أن يظل هكذا، فالبرازيل موجودة أيضا."
طفرة في الطاقة النظيفة؟
من جانبه قال البروفيسور في الاقتصاد كوينتن غرافتون من الجامعة الوطنية الأسترالية إن التعافي يمكن أن يتم استغلاله من أجل تمرير تغييرات كبيرة في البلاد: "الآن وقت مناسب لإعادة ضبط معارك أستراليا الخاصة بالتغير المناخي من أجل تحقيق نمو اقتصادي."
وأضاف "الأمر كله متعلق بالوظائف، صناعات الوقود الحفري تتغير وتتحول بالفعل. ولا يمكننا إصلاحها في الوقت المناسب." وقال البروفيسور غرافتون إن الاستثمار في التحول نحو الطاقة النظيفة سيكون مربحا في المستقبل.

A power station in Victoria. Source: AAP
وقال "الاستثمار في صناعة لديها فرص للنمو، أعتقد أنه أفضل من الاستثمار في صناعة تتدهور، على الأقل من وجهة نظر استثمارية."
وأكد على أن الحكومة الفيدرالية هي المسؤولة عن دعم تلك التغييرات خلال فترة ما بعد الوباء: "الحكومة هي العامل المحفز الأساسي، إنها الدافع الأساسي من ناحية توجيه الاستثمارات، وهي التي ترسل إشارات للمستقبل."
وقت الابتكار
وقال مدير معهد غراتن إن أكبر الجوائز خلال فترة التعافي ستكون من نصيب الأفراد والشركات الذين سيتأقلمون أو يخاطرون في هذه البيئة الاقتصادية الجديدة.
وقال السيد دالي "لدينا تغير كبير في تفضيلات الناس وعاداتهم وما الذي سيُسمح بفعله. الفائزون سيكونون هؤلاء الأشخاص الذين سيستجيبون لتلك التغييرات والمذاقات والعادات بشكل سريع، وهؤلاء الذين سيجدون طرقا جديدة لجعل الأمور تعمل بنجاح."
واستشهد بمجموعة من النماذج منها بمجموعة من مغنيين الأوبرا بدأوا في تقديم عروض خاصة في المنازل، ومقهى محلي أعاد بناء نفسه كمحل بقالة متخصص في بيع الفواكه والخضروات الغريبة لسكان المنطقة الذين يقومون بالطهي في المنزل بوتيرة أعلى.

People on a walk through Rushcutters Bay park in Sydney. Source: AAP
وقال "هذا النوع من الابتكار يتولد من الضرورة، ولكن التعامل مع تلك الضرورة بشكل خلاق يحولها إلى فرصة." مؤكدا أننا لا نعرف بعد ما هي الابتكارات الاقتصادية القادمة الناجمة عن كوفيد-١٩.
لكنه عاد للتأكيد على أن "أكبر الجوائز ستكون من نصيب المبتكرين في عالم أصبحت فيه قيمة الابتكار أعلى بكثير للغاية."