كيف يدفع النفوذ الصيني في "الهند-الباسيفيك" أستراليا إلى تحديث ترسانتها العسكرية؟

رئيس الوزراء سكوت موريسون أعلن عن حزمة دفاعية سخية بهدف حماية مصالح أسترالية القومية في منطقة الهند-الباسيفيك خاصة مع زيادة التواترات المتعلقة بتوسع النفوذ الصيني

Australian Defence Minister Linda Reynolds.

Australian Defence Minister Linda Reynolds. Source: AAP

أعلنت أستراليا عن توسيع قدراتها العسكرية والاستراتيجية بشكل كبير مع التركيز على منطقة الهند-الباسيفيك وتحديث الترسانة العسكرية في وقت تقوم الصين بتوسيع نفوذها في المنطقة.

وقالت وزيرة الدفاع ليندا رينولدز خلال حديثها في معهد السياسات الأسترالية الاستراتيجية إن وضع أستراليا في منطقة الهند-الباسيفيك أصبح مهددا  "بشكل لم يكن متوقعا قبل أربع سنوات" وفي نفس الوقت الصين تسعى بشكل نشط لتوسيع نفوذها في المنطقة.
وقالت الوزيرة "البيئة الاستراتيجية المحيطة بأستراليا معقدة، فهي منطقة بها تنافس عال وتتغير بشكل سريع. المنافسة بين القوى العظمى، وسباق التسلح، والاضطرابات والتغيرات التكنولوجية وتهديدات جديدة أخرى تجعل المنطقة أقل أمنا."

وأضافت "كنا بحاجة للتأقلم مع الظروف الاستراتيجية التي تتغير بسرعة في المستقبل، المستقبل أصبح الآن. الحكومة ووزارة الدفاع يجب أن يردوا."

زيادة التوترات

وحددت الوزيرة رينولدز الصين كأحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على خطة الحكومة الجديدة لكيفية وضع نفسها على الخريطة الاستراتيجية للمنطقة. وقالت "نرحب بهم كشريك مسؤول في المنطقة ولكن عندما لا تتماشى تصرفاتهم مع المعايير التي نضعها لأنفسنا ونتوقع أن تتصرف بها الدول الأخرى في المنطقة، من ناحية احترام السيادة والالتزام بقواعد النظام العالمي، فإننا سنتصدى لهذه التصرفات."

وطبقا لوزارة الدفاع فإن احتمال اندلاع نزاع مسلح في المنطقة لا يزال مستبعدا إلا أنه أقرب من السابق. وقالت وزيرة الدفاع إن تصرفات الصين هي التي غيرت المنطقة. وقالت "النفوذ أصبح تدخلا، والتعاون الاقتصادي أصبح إجبارا. الاستثمار أصبح سيطرة. كل تلك الضغوط تساهم في حالة عدم الوضوح والتوتر وترفع من مخاطر المواجهة العسكرية وتقوض التجارة الحرة والمفتوحة. يجب أن تستعد أستراليا لكل تلك التحديات الاستراتيجية."
Photo from 2012 showing Chinese navy vessels in a drill in waters off Zhoushan in east China's Zhejiang province.
Photo from 2012 showing Chinese navy vessels in a drill in waters off Zhoushan in east China's Zhejiang province. Source: AAP
جاءت تصريحات الوزيرة في أعقاب إ لتطوير القدرات العسكرية الأسترالية على مدار الأعوام العشرة القادمة.

وقالت الوزيرة رينولدز إن جميع الدول في منطقة الهند-الباسيفيك تقوم بتحديث ترسانتها العسكرية وتزيد من استعدادها لخوض النزاعات. وقالت "إنهم يغيرون خصائص الحرب. الدول تقوم بشكل متزايد بممارسات لإرغام الدول الاخرى التي لا يمكنها خوض نزاع عسكري. الهجمات الإلكترونية والتدخل الخارجي والضغط الاقتصادي، كلها أشياء تهدف إلى استغلال المساحة الرمادية بين الحرب والسلام."
Australian Prime Minister looks at defence machinery during a visit to Electro Optics Systems (EOS) in Canberra.
Australian Prime Minister looks at defence machinery during a visit to Electro Optics Systems (EOS) in Canberra. Source: AAP
هذه الاستراتيجية الجديدة تؤشر لتغيير كبير في السياسة العسكرية الأسترالية. فمنذ عام 2001، استثمرت أكثر أستراليا 15 مليار دولار في التدخل العسكري في الشرق الأوسط، وأقل من أربعة مليارات دولار في منطقة الهند-الباسيفيك.

ووصف موريسون المنطقة بأنها أصبحت "بؤرة" للتنافس الاستراتيجي المتزايد، مشيرا إلى النزاع الحدودي بين الهند والصين كدليل على التواترات الإقليمية. وقال رئيس الوزراء إن مخاطر المغامرات المتهورة والنزاع قد زادت.

وأضاف "تحديث الترسانات العسكرية أقليميا يحدث بوتيرة غير مسبوقة. القدرات ومدى الوصول تزداد."
President Xi Jinping reaches votes on a security legislation for Hong Kong.
President Xi Jinping reaches votes on a security legislation for Hong Kong. Source: AAP
وتعتزم أستراليا شراء وتحديث عدد كبير من الأسلحة البحرية والبرية، تشمل الصواريخ بعيدة المدى، والأسلحة المضادة للسفن وأسلحة الضربات الجوية بالإضافة إلى الحصول على المزيد من الأسلحة البرية. وقال موريسون "نحن نقوم بأكبر عملية تحديث للقوات البحرية منذ الحرب العالمية الثانية ودخلنا مرحلة الانتقال إلى استخدام الجيل الخامس من القوات الجوية."

ما هي مصالح الصين في منطقة الهند-الباسيفيك؟

الصين لديها حضور عسكري متزايد في بحر الصين الجنوبي والشرقي، يشمل التدريبات العسكرية والنزاع على الأراضي ونشر صواريخ بعيدة المدى.

النزاع الحدودي مع الهند في الهيمالايا في مرحلة الغليان منذ عقود، خاصة مع عدم وجود أي اتفاق رسمي حول شكل الحدود. ولكن النزاع تسارع في الشهور الاخرى، حيث يسعى الطرفان إلى تطوير وجودهم العسكر في المنطقة.
Kiribati's President Taneti Maamau, Cook Islands Prime Minister Henry Puna, Tonga's Prime Minister Akilisi Pohiva, Australia's Prime Minister Scott Morrison and Solomon Islands Prime Minister Manasseh Sogavare pose for the family photo before the Leaders
Leaders pose for a photo before the Leaders Retreat at the Pacific Islands Forum. Source: AAP
في الوقت نفسه، قامت الصين بمنح عدد من الدول الصغيرة في الباسيفيك قروضا، وصفها الناقدون إنها "فخاخ" على هيئة قروض لا يمكن لتلك الدول ردها، ما يجعل تلك الدول الصغيرة تحت رحمة بكين.

وفي أستراليا، وُجهت سهام النقد إلى فيكتوريا من قبل النواب الفيدراليين بسبب اتفاق مع الصين ضمن مبادرة طريق الحرير الجديد التي تهدف إلى إعادة أحياء شبكة طرق بحرية وبرية لتعزيز التجارة بين الصين وباقي دول العالم. وتشمل تلك المشروعات خطوط أنابيب وموانئ وطرق سكة حديد.

تأثير التوتر الأمريكي-الصيني على منطقة الهند-الباسيفيك

وصفت وزيرة الدفاع الأسترالية العلاقة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة أنها "أكثر علاقة ثنائية تؤثر على المنطقة وفي الحقيقة على العالم بأسره." وهي علاقة يغلب عليها طابع التنافس بشكل متزايد.
An army convoy moves on the China-India border, north-east of Srinagar, India.
An army convoy moves on the China-India border, north-east of Srinagar, India. Source: AAP
المدير التنفيذي للمعهد الأسترالي الوطني للعلاقات الدولية الدكتور برايس وايكفيلد قال إن التوتر المتزايد بين الولايات المتحدة والصين وضع منطقة الهند-الباسيفيك على الحافة. وقال الدكتور وايكفيلد "مكن أن تكون تلك استراتيجية للتعامل مع تراجع نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة. كثيرون قلقون من تركيز الولايات المتحدة على أوضاعها الداخلية بشكل متزايد، وأن طريقة تعاملها مع آسيا وخاصة الصين أصبحت صدامية وأقل تركيبا."

وأضاف "بالنسبة للبعض فإن التركيز على منطقة الهند-الباسيفيك قد يكون وسيلة لإعادة الولايات المتحدة إلى الطاولة وتأمين مصالحها في المنطقة."

هل شراء السلاح كافي؟

الدكتور وايكفيلد يقود منتدى أبحاث الهند-الباسيفيك، وهو منتدى لتعاون القادة لتقييم المصالح في منطقة الهند-الباسيفيك، ودور أستراليا فيها. وقال وايكفيلد إن الاستراتيجية العسكرية لا يجب أن تكون محور التركيز الوحيد في المنطقة.
Dr Bryce Wakefield (left) with Simon J Draper and Suzannah Jessep from the Asia New Zealand Foundation.
Dr Bryce Wakefield (left) with Simon J Draper and Suzannah Jessep from the Asia New Zealand Foundation. Source: Facebook
وقال "هناك خطر أننا لو ركزنا كثيرا على الاستراتيجية والجيش كوسيلة فعالة لحماية مصالحنا في الهند-الباسيفيك، فأننا نخسر الكثير من التنوع في طريقة تعاملنا مع مشاكل مهمة للغاية هناك، في مصلحة أستراليا."

البروفيسور روري ميدكالف متخصص في الأمن القومي بالجامعة الوطنية الأسترالية، ويرى أن التركيز على التسلح يرسل إشارة إلى أن أستراليا جادة بشأن أمنها الدفاعي.
وقال البروفيسور "هذه إشارة أيضا إلى الصين لنقول أننا سنتعاطى مع الصين ولكن من موقف يعبر عن قوتنا. هذا الأمر يتعلق بأن تكون أستراليا للمرة الأولى منذ الأربعينات تفكر في نفسها باعتبارها دولة يمكنها القتال ضد دول عظمى في المنطقة وتدافع عن مصالحها."

من جانبها تقول المعارضة إن الحكومة تجاهلت المنطقة وجيرانها في الباسيفيك لوقت طويل ويجب عليها أن تفعل المزيد من أجل كسب ثقة الجيران. وقال المتحدث باسم حزب العمال لشؤون التعاون الدولي والباسيفيك بات كونروي إن العلاقات مع دول جزر الباسيفيك يجب أن تكون بناءة أكثر ولا تقتصر على الدفاع والأمن.


شارك
نشر في: 3/07/2020 3:45pm
By Marcus Megalokonomos
تقديم: Abdallah Kamal