أعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الثلاثاء استقالة حكومته، بعد 13 يوماً من احتجاجات شعبية غير مسبوقة عمّت كافة المناطق اللبنانية للمطالبة برحيل الطبقة السياسية بكاملها.
وتلقى المتظاهرون في الساحات والشوارع خبر استقالة الحريري بالترحيب والهتافات احتفالاً بما حققه حراكهم الشعبي الذي بدأ في 17 تشرين الأول/أكتوبر وتسبب بشلل كامل في البلاد.
وقال الحريري في كلمة مقتضبة في بيروت "سأتوجه إلى قصر بعبدا لتقديم استقالة الحكومة" لرئيس الجمهورية ميشال عون وللشعب اللبناني، "تجاوباً لإرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا إلى الساحات للمطالبة بالتغيير".
وأضاف "وصلت لطريق مسدود وأصبح من الضروري أن نقوم بصدمة كبيرة لمواجهة الأزمة".
وتكتظّ الشوارع والساحات في بيروت ومناطق عديدة من الشمال إلى الجنوب، بالمتظاهرين الذين قطعوا طرقاً رئيسية في إطار حراك عابر للطوائف تسبب بإغلاق المصارف والمدارس والجامعات، للمطالبة بإسقاط الطبقة السياسية برمّتها.

Saad Hariri (AAP) Source: AAP
وأكد الحريري أن "المناصب تذهب وتأتي، المهمّ كرامة وسلامة البلد".
والحكومة الحالية هي الحكومة الثالثة التي ترأسها الحريري منذ وصوله إلى الحكم عام 2009.
ووجّه الحريري نداءً إلى اللبنانيين "في هذه اللحظة التاريخية" طالباً منهم "أن يقدموا مصلحة لبنان وسلامة لبنان وحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي على أي شيء آخر".
وبعد أن أنهى الحريري كلمته، ذكر حساب رئيس الجمهورية على تويتر أن الحريري قدم كتاب استقالته إلى الرئيس عون في القصر الجمهوري وقال إنه "مقتنع بضرورة إحداث صدمة إيجابية وتأليف حكومة قادرة على مواجهة التحديات".
واعتبرت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن التي تنتمي إلى تيار المستقبل بزعامة الحريري، في تغريدة مساء أمس أن استقالة الحريري "كانت ضرورية لمنع الانزلاق نحو الاقتتال الأهلي الذي شهدنا خطره اليوم في وسط بيروت"، في إشارة إلى صدامات وقعت بعد الظهر في وسط بيروت.
واعتدى العشرات من مناصري حزب الله وحركة أمل بالعصي والحجارة على متظاهرين كانوا يقطعون جسر الرينغ الرئيسي في العاصمة، ما أدى إلى تدخّل القوى الأمنية.
وهاجم المعتدون أيضا موقع التجمّع الرئيسي للمتظاهرين في وسط بيروت وعمدوا إلى تكسير الخيم التي نصبها المحتجّون في ساحتي رياض الصلح والشهداء وهاجموا عدداً من المحتجين كانوا في المكان.
وفي أولى ردود الفعل الدولية، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن إعلان الحريري استقالته "يفاقم الأزمة". وسأل في بيان "هل سيضع القادة اللبنانيون المصلحة العامة أمام مصالحهم الخاصة؟ هذا سؤال يطرحه قرار الحريري بالانسحاب".
وغمر الشعور بفرحة الانتصار المتظاهرين على امتداد لبنان بعدما اعتبروا أن صمودهم لنحو أسبوعين في الشارع أثمر استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، فاحتفلوا برقصات الدبكة التقليدية والمواكب السيارة وتوزيع الحلوى، لكن بعضهم يؤكد أن المعركة لم تنته بعد.
وفي طرابلس التي تعدّ خزان جمهور تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري، احتفل المتظاهرون في ساحة النور كما في ضواحي هذه المدينة الواقعة في شمال لبنان، بالاستقالة معتبرين أنها انتصار كبير سجلته ثورتهم. وجابت المواكب السّيارة أحياء المدينة داعيةً الناس للنزول إلى الشارع، لاسيما جمهور الحريري للانضمام إلى ثورتهم. كما تبادل المتظاهرون التهاني ووزعوا الحلوى والقهوة والذرة على بعضهم البعض وهم يرفقونها بكلمة "مبروك".

Lebanese protesters. Image Source: Getty Source: Getty
هذا وعاشت مدينة صيدا الجنوبية، التي تتحدّر منها عائلة الحريري، أجواء احتفالية أيضاً في أعقاب إعلان الاستقالة.
وإلى جانب المظاهر الاحتفالية، واصل المتظاهرون برفع لافتات داعمة للثورة. وارتفعت الهتافات المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.
اقرأ المزيد

من سيدني إلى بيروت: "كلّن يعني كلّن"