رجح المدعي العام الفرنسي المتخصص في قضايا مكافحة الإرهاب السيناريو الجهادي للهجوم الذي استهدف مركزا للشرطة في باريس، موضحا أن المهاجم اعتنق "فكرا إسلاميا متطرفا" وكان على اتصال بأفراد من "التيار الإسلامي السلفي".
وعقد جان فرنسوا ريكار مؤتمرا صحافيا عرض فيه بالتفصيل وقائع الهجوم الدامي الذي خلف أربعة قتلى في مركز شرطة في العاصمة باريس، قبل أن يتم قتل المنفذ.
وأوضح مدّعي النيابة العامة الوطنية لمكافحة الإرهاب أن التحقيقات الأولية كشفت "تأييد (المهاجم) لبعض التجاوزات التي ارتكبت باسم هذه الديانة" و"سعيه الى عدم التواصل مع النساء بعد اليوم" و"تبديل عاداته من ناحية ملابسه منذ بضعة أشهر".
واضاف أنّ ميكايل هاربون (45 عاما) الذي يعمل منذ 2003 في دائرة المعلومات في مركز شرطة باريس تخلّى في الواقع "عن أي زي غربي واستبدله بزي تقليدي للتوجه الى المسجد".
وعزز رصد خطه الهاتفي فرضية التخطيط لعمل عنيف، خصوصا انه تبادل صباح الهجوم "33 رسالة نصية" مع زوجته، التي مددت السلطات توقيفها رهن التحقيق.
وأورد ريكار "خلال هذا الحديث، استخدم المهاجم كلمات ذات بعد ديني انهاها بعبارة +الله اكبر+"، موضحاً أنّه حضّ زوجته على اتّباع الإسلام وقراءة القرآن، ناقلا عن أشخاص يعرفون المهاجم أنّه أدلى "بعبارات مماثلة" في الليلة التي سبقت الهجوم.
وكان المهاجم قد ابتاع سكينين صباح يوم الاعتداء واستخدمهما لتنفيذ الهجوم على عدد من زملائه قبل أن يرديه شرطي متدرب في باحة مركز الشرطة.

Police and military personnel block the bridge near Paris Police headquarters after four officers were killed in a knife attack on October 3, 2019 in Paris Source: ABACA
وبعد تحقيقات استمرت 24 ساعة، تسلمت نيابة مكافحة الإرهاب التحقيق يوم الجمعة باعتباره يتعلق بعملية "اغتيال ومحاولة اغتيال من جانب شخص يتمتع بسلطة عامة على صلة بمؤسسة إرهابية".
ومذاك، يحمل اليمين واليمين المتطرف الحكومة مسؤولية التقصير ويطالبان بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية "لكشف مواطن خلل".
وقال زعيم كتلة حزب الجمهوريين اليميني في مجلس النواب كريستيان جاكوب إن "القضية خطيرة جدا"، داعيا الى التعامل معها "بجدية بالغة لأنها تعنى بالأمن وفاعلية أجهزة استخباراتنا".
بدورهم، طالب العديد من نواب الحزب باستقالة وزير الداخلية كريستوف كاستانير، ورأى النائب إريك سيوتي أنه "لم يعد مؤهلا لمواصلة مهمته".
وبعيد الهجوم، صرح كاستانير أن المهاجم "لم تظهر لديه أي مشاكل مرتبطة بالسلوك" و"أي إشارة تنذر بشيء ما".
من جانبه، أكد رئيس الوزراء ادوار فيليب في مقابلة مساء السبت أن لديه "كامل الثقة بكريستوف كاستانير"، لكنه اعلن إطلاق تحقيقين لتقييم أداء عناصر مكافحة الارهاب.
وأعلن الاليزيه أن مراسم لتكريم الضحايا ستقام صباح الثلاثاء في حضور الرئيس ايمانويل ماكرون.

French President Emmanuel Macron. Source: AFP
وتشكل هذه المأساة تحديا جديدا للشرطة الفرنسية التي تواجه منذ أشهر صعوبات جمة، خصوصا الانتقادات التي طالتها على كيفية إدارتها الشأن الأمني في العاصمة في ظل أزمة "السترات الصفراء".
وعلق مصدر في الشرطة "من الصعوبة بمكان أن نفسر كيف نجح (المهاجم) في الإفلات من رادارات جهاز مكافحة الارهاب داخل الشرطة."
."وقال قائد شرطة باريس ديدييه لالمان "ما يزيد من فظاعة هذه المأساة أن موظفا لدينا ارتكبها"، مؤكدا أن الظروف الأمنية داخل مركز الشرطة "مثالية تماما".