مقتل أربعة عناصر شرطة في باريس طعنا على يد زميل لهم

السلطات تنسق عن قرب مع أجهزة مكافحة الإرهاب لكن لم تحل القضية إليهم حتى الآن

French police and security forces establish a security perimeter near the police headquarters where a man was attacking officers with a knife in Paris

French police and security forces establish a security perimeter near the police headquarters where a man was attacking officers with a knife in Paris Source: EPA/IAN LANGSDON

قُتل أربعة عناصر شرطة فرنسيين، بينهم امرأة، طعناً بالسكين في اعتداء داخل مقر شرطة باريس ارتكبه موظف في أحد أقسامه. وقامت قوات الأمن بقتله لاحقا، ووصفته أنه هجوم غير مسبوق إلا أن دوافعه لا تزال مجهولة.

المهاجم يبلغ من العمر 45 عاما ويعمل في قسم تكنولوجيا المعلومات داخل هذا المركز الذي يضم عدداً من مديريات الشرطة الباريسية. ويقع المركز في الوسط التاريخي للعاصمة الفرنسية قرب كاتدرائية نوتردام.
Armed soldiers patrol after an incident at the police headquarters in Paris.
Armed soldiers patrol after an incident at the police headquarters in Paris. Source: AP
وقال مدعي عام باريس ريمي هايتز للصحافيين "نأسف لمقتل أربعة اشخاص، ثلاثة رجال وامرأة، وهم ثلاثة أفراد شرطة وإداري.

بدوره، قال وزير الداخلية كريستوف كاستانير الذي أرجأ زيارتيه إلى تركيا واليونان، أنّه "لم تظهر على (المعتدي) أبداً مشاكل سلوكية". ولفت مصدر مطلع إلى وجود ضحية جرى نقلها إلى المستشفى حيث تلقت العلاج قبل وضعها في "العناية المركزة".

ولد منفذ الاعتداء (45 عاما) في جزر الأنتيل الخاضعة للسيادة الفرنسية في الكاريبي، واعتنق الإسلام قبل 18 شهراً، وفق ما قال لفرانس برس مصدر قريب من الملف.

وتم فتح تحقيق بتهمة "القتل عمداً"، ويعتقد المحققون أن هناك خلافا شخصيا أدى إلى هذا الهجوم. وقال المدعي العام إنه على "اتصال دائم" بمحققي مكافحة الإرهاب ولكن حتى الآن يتم التعامل مع القضية من قبل مكتبه.

مأساة حقيقية

أعرب الرئيس إيمانويل ماكرون عن أسفه إزاء هذه "المأساة الحقيقية". وتوجه للقاء العاملين في مقر الشرطة، وقال في المساء "إنهم في حالة صدمة، إنه أحد زملائهم الذي قتل أربعة آخرين".
كان الرجل الأربعيني يعمل في مديرية الاستخبارات في المقر، كموظف في قسم المعلوماتية، ويعاني من الصمم. وفي البداية، اعتدى على ثلاثة أشخاص بسكين مطبخ، كانوا يتواجدون في مكاتب قسمه، ثم هاجم موظفة إدارية عند الدرج، ما أدى إلى قتلها.

وفي الباحة، أمره شرطي بالتخلي عن سكينه، وعندما لم يتجاوب معه الرجل، استخدم الشرطي سلاحه وأصاب منفذ الاعتداء برأسه.

وقال لوييك ترافر من نقابة الشرطة "آليانس" إنّ المعتدي كان "موظفاً مثالياً، بلا سوابق". وأضاف أنّه ينتمي إلى النقابة منذ "أكثر من 20 عاماً". ووضعت السلطات زوجته قيد الاحتجاز، كما جرى تفتيش منزله الواقع في ضواحي باريس.
The IT worker killed three male officers and a female assistant before being shot.
The IT worker killed three male officers and a female assistant before being shot. Source: AAP
وحتى المساء كان المقر يخضع لحراسة مشددة، إذ جرى إغلاق المحيط فيما حضرت إلى المكان نحو عشر شاحنات إطفاء وطوافة إسعاف.

وقال إيمري سياماندي وهو مترجم كان حاضراً داخل المقر أثناء وقوع الاعتداء، "سمعت طلقة نارية ففهمت أنّ الأمر في الداخل"، مضيفاً أنّه "بعد وقت قصير، رأيت شرطيات يبكين، كنّ في حالة هلع".

عدم ارتياح داخل الشرطة

وكان ماكرون حضر إلى المكان "لإظهار دعمه وتضامنه مع جميع الموظفين". وقال دنيس جاكوب، المسؤول في نقابة "س.اف.د.ت" لقناة بي اف ام تي في "لم أشاهد من قبل مهاجمة زميل لزملاء آخرين في مؤسسة الشرطة"، مشيراً إلى "تقطع الأواصر بيننا" وإلى "تجريد المؤسسة من إنسانيتها".

ويأتي هذا الاعتداء الدامي غداة مشاركة آلاف من عناصر الشرطة الباريسية في "مسيرة غضب"، في تحرّك غير مسبوق منذ نحو 20 عاماً.
Around 27000 of members of the police protest in Paris against their working condition and raise awareness on the suicides of their colleagues.
Around 27000 of members of the police protest in Paris against their working condition and raise awareness on the suicides of their colleagues. Source: AAP
ولا يرتبط التحرك بوقوع حادث دام، وإنّما يأتي عقب ارتفاع أعباء الخدمة والتوترات المتصلة بحراك "السترات الصفراء" ضدّ السياسة الاجتماعية والاقتصادية للرئيس ماكرون، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الانتحار داخل الشرطة، حيث وصل عددهم إلى 52 منذ بداية العام، وهي مسألة مزمنة في صفوف الشرطة.

وبحسب المنظمات النقابية، شارك 26 ألف شخص في مسيرة الغضب. ويوجد في فرنسا نحو 150 ألف عنصر شرطة.
ويقول جاك مايار الذي يشارك في رئاسة مركز أبحاث حول القانون والمؤسسات العقابية، "ثمة اليوم عوامل تتراكم: بعد موجة الاعتداءات الإرهابية، واجه رجال الشرطة حراك السترات الصفراء الممتد، وسط ظروف صعبة جداً. وثمة أيضا مسألة الانتحار التي تنبعث من جديد، بالإضافة إلى العلاقات المتدهورة مع الشعب".

وبينما لا تزال دوافع المنفذ غير محددة، فإنّ القوات الأمنية الفرنسية كانت أحد الأهداف المتكرر للمنظمات الجهادية وبينها تنظيم داعش. وفي عام 2015، تعرضت فرنسا لأحد أكثر الهجمات المتشددة دموية في أوروبا أودت بحياة 251 شخصاً.


شارك
نشر في: 4/10/2019 11:09am
By Abdallah Kamal