تسلب عقوبة الإعدام في النظام القضائي الحق في الحياة بهدف حماية الحياة. هذه العقوبة الجنائية الصارخة قديمة قدم الحضارة الإنسانية، ولكن هل تصلح للقرن الحالي؟
النقاط الرئيسية
- في ذكرى إلغاء أول عقوبة الإعدام عام 1786، يحتفل بيوم المدن من أجل الحياة كوقفة تضامنية ضد عقوبة الإعدام من خلال إضاءة 1200 مدينة وبلدة مشاركة لنصب تذكاري رمزي
- ألغت 108 دولة عقوبة الإعدام لجميع الجرائم، 28 دولة ألغتها في الممارسة فيما لا تزال 55 دولة تحتفظ بعقوبة الإعدام
- اعتبر المحامي هاشم الحسيني أن عقوبة الإعدام غير رادعة للجريمة وهي تنتزع الحق بالحياة
تحتفل المدن في جميع أنحاء العالم بذكرى أول إلغاء لعقوبة الإعدام من قبل دولة أوروبية، وبهذه المناسبة تظهر المدن المشاركة التزامها مدى الحياة وضد عقوبة الإعدام. في هذا اليوم، تضيء المدن المشاركة نصب تذكاري رمزي، مثل معلم الأتوميوم في بروكسل، والكولوسيوم في روما، وبلازا دي سانتا آنا في مدريد. تشمل المدن المشاركة أكثر من 60 عاصمة حول العالم، وأكثر من 1,200 مدينة وبلدة حول العالم. من خلال هذا الإجراء الرمزي، تطالب هذه المدن بوقف جميع عمليات الإعدام في جميع أنحاء العالم إنه يوم يعزز ويشجع على الوعي السياسي والوعي العام لدى الحركة المناهضة لعقوبة الإعدام.
للإضاءة حول العقوبات الرادعة ومن بينها حكم الإعدام مقابل العقوبات السلوكية التأهيلية شرح المحامي الأستاذ هاشم الحسيني أن عقوبة الإعدام القديمة أتت كتعبير على أن المجتمع لا يستطيع تحمل وجود أشخاص ارتكبوا جرمًا قد يهدد سلامة القبيلة ولكن مع التطور الإنساني عبر العصور، بات العلم الجنائي ينظر إلى أبعاد مختلفة عند مرتكب الجرم منها البعد النفسي والاجتماعي.
يقول الحسيني: "بالطبع يجب أن يكون هناك خطوط حمراء وبناء عليها يتدخل المجتمع ولكن هناك عدة ظروف وعوامل ترافق المرتكب مهما صغر أو كبر نوع الجرم".
بحسب الإحصائيات من منظمة العفو الدولية، يقدّر مركز كورنيل المعني بعقوبة الإعدام حول العالم أن عدد الأشخاص الذين تم إعدامهم في سنة 2020 بلغ 483 شخصًا، من بينهم 16 امرأة، وفي هذا الإطار شرح الحسيني أن مرتكب الجرم نادرًا ما يفترض أنه سيتم القبض عليه لذا طرح هذا التساؤل:
ما هي نظرتنا للجرم وكيف نحاول حماية المجتمع؟ وهل نعالج الظروف المسببة لارتكاب الجريمة؟
اشار الحسيني لأهمية معالجة مسببات الجريمة بدل استخدام مقاربة بتر المشكلة قائلًا:
"نحن نبتر ولا نعالج المشكلة وإيقاف قتل بريء واحد كافٍ لإيقاف جريمة الإعدام، فكم من بريء طبق عليه هذا الحكم عبر التاريخ".
تجدر الإشارة إلى أن 108 دولة ألغت عقوبة الإعدام لجميع الجرائم، فيما ألغت 28 دولة عقوبة الإعدام في الممارسة بينما تحتفظ 55 دولة بالعقوبة في قوانينها.
وحول كيفية اعتماد فعل عنفي كعقوبة رادعة للجريمة في حد ذاتها، علق الحسيني:
"لا أحد يملك الحق في أخذ الحياة سوى الخالق، كيف لإنسان أن يأخذ حياة إنسان آخر؟"
وأضاف أنه في أكثر الدول تحضرًا، يصدر الحكم بما يرقى إليه الشك، إذ لا يوجد حقيقة مطلقة لذا أعتبر أن هذه العقوبة قد تتلاءم مع القرون الوسطى ولكن في القرن الحالي لم يعد بالإمكان تجاهل الوسائل الإصلاحية لتقويم خلل فكري أو سلوكي:
الضمير الإنساني يدرك أن عقوبة الإعدام غير محقة
وأردف قائلًا: "تشير الدراسات إلى أن هذه العقوبة غير رادعة إذ لم تتوقف الجريمة في تلك البلدان وهي ارتكاب جريمة مقابل جريمة".
أما فيما يخص الواقع الأسترالي، فقد شرح الحسيني أن كانت شكلاً من أشكال العقوبة الرادعة التي تم إلغاؤها في جميع الولايات قائلًا: "كانت تطبق هذه العقوبة في حالات القرصنة والخيانة العظمى ومساعدة دولة أجنبية على حساب أستراليا، وآخر ولاية ألغت العقوبة كانت نيو ساوث وايلز في عام 1984".
وتعتمد عدة دول العقوبات السلوكية التأهيلية إذ الغت من قاموسها كلمة سجن واستبدلته بمراكز إعادة التأهيل من أجل إعادة بناء الفرد في المجتمع، ومعدل إعادة ارتكاب فعل جرمي من قبل الأشخاص الذين خضعوا لإعادة التأهيل متدن بشكل ملحوظ.
نشير إلى أنه قد تم ذكر مفهوم إلغاء عقوبة الإعدام لأول مرة في عام 1764 في أطروحة كتبها سيزار بيكاريا، وجادل فيها ضد الإعدام كعقوبة.