لم تحتج الشابة السعودية رهف محمد القنون أكثر من اسبوع واحد لتحصل على . مفوضية الأمم المتحدة منحتها صفة لاجئ خلال أيام من استغاثتها الأولى على موقع تويتر في الخامس من يناير كانون الثاني، ووافقت الحكومة الكندية على طلب لجوئها بعد ذلك بأيام.
هذه الاستجابة السريعة لا تعكس واقع اللجوء الإنساني في العالم، فاللاجئون قد ينتظرون لسنوات قبل أن يحصلوا على صفة لاجئ، ثم سنوات أخرى حتى تتم إعادة توطينهم في بلد آخر، أو ربما يستمر الانتظار للأبد دون حل.
العراقية هيام داود العبيدي نزحت مع أطفالها عام 2016 إلى الأردن هربا من ملاحقة من أسمتهم بـ "الميليشيات الطائفية" في العاصمة بغداد. لاحقت تلك الميليشيات زوجها حتى فر من العراق عام 2012 ووصل إلى أستراليا عن طريق البحر. وتنقلت هي صحبة عائلتها المكونة من بنتين وولد في عدد من أحياء العاصمة العراقية قبل أن تغادر لتنضم إلى سبعة وستين ألف لاجئ عراقي في الأردن.
بمجرد وصولها قدمت العبيدي أوراقها إلى المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ترغب هيام في لم شملها مع زوجها في أستراليا من خلال برامج إعادة التوطين. ولكن بعد ثلاث سنوات من تقديمها الطلب لازالت لم تتجاوز بعد مرحلة التقييم المبدئي "اتحدث معهم باستمرار، لكنهم دائما ينصحوني بالانتظار، ولا أعرف إلى متى هذا الانتظار".
تقسم الأمم المتحدة قضايا اللاجئين إلى ثلاث فئات، طارئة وعاجلة وعادية. كل طلبات اللجوء التي تُقدم من بلد مضيف، مثل الأردن أو تركيا أو مصر، تقع في نطاق الفئة العادية. داخل هذه الفئة تعطي المفوضية الأولوية للحالات التي تملك أسباب خاصة لإعادة التوطين، مثل وجود نساء أو أطفال معرضين للخطر.

Iraqi refugee Hiyam Al Obeidy (center) with her two daughters Source: Supplied
أما الموجودين بشكل آمن في بلد مضيف فقد لا يدخلون تحت مظلة إعادة التوطين من الأساس، أو يدخلوا تحت بند "إعادة توطين لعدم وجود بديل منتظر" وهي الفئة التي تعتبرها المفوضية الأقل من حيث الأولوية.
الأماكن والموارد المحدودة قد تعني أن بعض العائلات لن يتم إعادة توطينهم أبدا.
أحمد الخفاجي، زوج هيام قضى سبعة أشهر في مركز احتجاز داروين لدى وصوله، قبل أن يحصل على تأشيرة تسمح له بالخروج من المركز. وبعد معارك قانونية طويلة حصل على تأشيرة لمدة ثلاث سنوات في سبتمبر أيلول من عام 2016. التأشيرة تجعل وضعه قانونيا في أستراليا لكنها لا تمنحه حق استقدام عائلته.
بدأت الأسرة سعيها القانوني لدى الحكومة الأسترالية والمفوضية قبل سبع سنوات، لكن حتى الآن لا توجد بارقة أمل في الأفق على قرب لم الشمل. هيام أعربت عن استغرابها من سرعة إعادة توطين رهف القنون " أشعر أنه لا يوجد عدل في عملية مراجعة طلبات اللاجئين، لا أنكر أن رهف القنون وغير ها يستحقون اللجوء، ولكننا أولى لأننا منتظرين منذ سنوات."
مكتب التمثيل الأقليمي للمفوضية في كانبرا قال لـ SBS Arabic24 إن تسريع طلب اللجوء يشمل الأشخاص المعرضين للإعادة القسرية إلى البلدان التي فروا منها، أو الاعتقال التعسفي أو الاحتجاز. اعتبرت المفوضية حالة رهف القنون ضمن فئة الحالات الطارئة، وطبقا لدليل إعادة التوطين الذي تصدره المفوضية فإنه "في ظل محدودية أماكن إعادة التوطين، وعدم وجود موارد كافية لإعادة التوطين فإن الحالات التي تحتاج حماية عاجلة سيكون لها الأولوية دائما."
لكن اللاجئين لا يتفقون على عدالة تلك القواعد الأممية. رجاء، وهذا ليس أسمها الحقيقي، لاجئة عراقية في تركيا، خرجت بصحبة زوجها وأطفالها الثلاثة من بغداد عام 2015. انتظرت أسرة رجاء في ظروف معيشية صعبة في بلدة صغيرة في تركيا أربع سنوات قبل أن تمنحها المفوضية صفة لاجئ، استعدادا لدخولها ضمن خطط إعادة التوطين.
تقول رجاء إنها كانت تعتقد أن ستنتظر سنة أو سنتين قبل إعادة التوطين، لكنها منتظرة منذ أربع سنوات وغيرها ينتظر منذ خمس أو ست سنوات "المفوضية تقول لنا أننا سننتظر إلى أجل غير مسمى، إلى متى سنظل منتظرين هكذا؟"
أكثر من 70 مليون شخص معرضون للخطر في العالم
تعرف رجاء أن فرصها في إعادة التوطين ضعيفة، لأن المفوضية ستعطي أولوية لحالات أخرى، سواء الأطفال غير المصحوبين أو النساء العازبات أو الأقليات الدينية "هل ذنبنا أننا أسرة كاملة، أب وأم وأطفال. نحن أيضا معرضين للخطر مثل تلك الحالات، لا يمكننا العودة إلى العراق أو البقاء في تركيا دون حق في العمل."
لا تعتبر المفوضية أن الحل لمشكلة اللاجئ هو إعادة التوطين حصرا، بل تطرح المفوضية ما تسميه "الحلول المستدامة الثلاثة". الأول هو العودة إلى البلد الأصلي بعد انتفاء حالة الخطر، والثاني هو الاندماج في المجتمع المضيف اندماجا كاملا اجتماعيا واقتصاديا حتى يصبح اللاجئ قادرا على إعالة نفسه دون مساعدات. آخر الحلول هو إعادة التوطين، والذي يعتمد على مدى أولوية مقدم الطلب، وعدد الأماكن التي تتيحها دول الاستقرار.
رجاء أيضا تشعر بانعدام العدالة بعدما رأت أن رهف القنون حصلت على حق اللجوء في أسبوع واحد "الإنسانية التي انتفضت من أجل فتاة لا يتجاوز عمرها ثمانية عشر عاما، لماذا لم تنتفض من أجل العوائل اللاجئة، ليس فقط عائلتي ولكن كل العائلات العراقية والسورية المنتظرة منذ سنوات."
المفوضية تقول إن الأماكن والموارد المحدودة قد تعني أن بعض العائلات لن يتم إعادة توطينهم أبدا.
طبقا لآخر احصاءات المفوضية هناك أكثر من 70 مليون شخص معرضون للخطر في العالم منهم 20 مليون لاجئ و3 ملايين طالب لجوء. ويعاني اللاجئون في الدول المضيفة التي تعتبرها المفوضية آمنة من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة. وقالت تقارير حقوقية إن اللاجئين، وخاص النساء والأطفال، أكثر عرضة للاستغلال بسبب موقفهم الهش في البلدان المضيفة.
استمعوا إلى المقابلة مع هيام العبيدي في الرابط أعلاه