قصة سعودية "هاربة" لجأت إلى أستراليا قبل 5 سنوات

هناك لاجئات سعوديات في أستراليا منذ عام 2010 وقبل ذلك على الأرجح

Saudi women roll their suitcases at the departure hall of the Jeddah Airport on August 6, 2019.

Saudi women roll their suitcases at the departure hall of the Jeddah Airport on August 6, 2019. Source: Getty

تركت شرين (تم تغيير الأسم الحقيقي) منزل عائلتها في السعودية متجهة إلى أستراليا في رحلة محفوفة بالمخاطر. لم تكن شرين تعرف أي شئ عن أستراليا، لكنها كانت تعرف أنها بديل أفضل مما تعانيه في السعودية، تقول شرين: "لو لم أغادر لكنت بقيت حبيسة المنزل بقية حياتي".

لا ترغب شرين في حكي معاناتها حتى لا تنكشف هويتها، لكنها اكتفت بالقول "معاناتي جاءت من ثلاث جهات، الأسرة والدولة والمجتمع".

الطريق إلى أستراليا

اختيار استراليا لم يكن بسبب معرفة بالمجتمع أو قوانين اللجوء والهجرة، لكن ببساطة لأنها تمنح تأشيرات إلكترونية للسعوديين. شرين كانت تبحث عن دولة يمكنها انهاء معاملات السفر إليها دون أن تضطر للذهاب إلى السفارة حيث لم يكن مسموح لها مغادرة المنزل.

كل ما احتاجته للحصول على التأشيرة هو تذكرة ذهاب وعودة، وحجز في فندق، ومصروف جيب تقول شرين "لم يكن معي سوى 4000 دولار أسترالي".

لكن التأشيرة لم تكن العقبة الأكبر، بل ضرورة الحصول على أذن ولي الأمر حتى تتمكن من السفر. فالقانون السعودي يمنع المرأة من السفر خارج البلاد دون موافقة ولي الأمر. هناك طريقة اتبعتها شرين للالتفاف حول الأمر، لكنها رفضت الإفصاح عنها حتى لا تنبه السلطات السعودية وبالتالي تحرم فتيات سعوديات في المستقبل من اتباع نفس الطريقة للهروب.
"كل شئ يجب ان يكون محسوبا بدقة، فلديك فرصة واحدة"
شرين ليست السعودية الأولى التي تسعى للوصول إلى أستراليا للحصول على تأشيرة حماية. أستراليا تنظر حاليا في طلب لجوء الشابة السعودية رهف القنون، التي جذبت اهتمام وسائل الإعلام العالمية. القنون لم يتعين عليها الحصول على أذن ولي الأمر لأنها كانت تقيم مع عائلتها في الكويت.
Girls supporting Rahaf Mohamed in Australia
A photo posted in twitter from girls in Australia supporting Rahaf Al Qunoon asylum claims Source: twitter @@nourahfa313
ودعمت وكالة الأمم المتحدة للاجئين ادعاءات القنون ومنحتها صفة لاجئ، بانتظار أن تبت أستراليا في طلبها.

يوم السفر

تصف شرين يوم رحيلها عن السعودية بالمصيري "كل شئ يجب ان يكون محسوبا بدقة، فلديك فرصة واحدة". تحركت شرين في منتصف الليل حتى لا يلاحظ أحد غيابها، وأمنت وسيلة انتقال إلى المطار "كل شئ كان محسوبا بالدقيقة". كانت شرين تخشى أن يعرف ولي أمرها بهروبها، فيستطيع ولي الأمر طالما ما زالت في السعودية أن يلغي أذن سفرها أو يبلغ السلطات. ويعد الهروب من ولي الأمر جريمة في السعودية يعاقب عليها القانون بالحبس بين ثلاثة إلى ستة أشهر.

من السعودية طارت إلى دبي، في محطة انتظار "ترانزيت" لا تتجاوز الساعة، حيث كانت تخشى أن تنجح السعودية في ردها من دبي.
سجن النساء في السعودية لعدم طاعة ولي الأمر ليس نادرا، فالناشطة سمر بدوي قضت سبعة أشهر في السجن، قبل أن تلغي السلطات السعودية الحكم نتيجة ضغوط المدافعين عن حقوق الإنسان. بدوي فرت من بيت اسرتها ولجأت إلى دار رعاية بسبب تعرضها للاعتداء البدني، فرفع عليها والدها قضية بموجب قانون الولاية.

كما سُجنت مريم العتيبي لثلاثة أشهر عام 2017 بعد أن رفع والدها عليها دعوى بموجب قانون الولاية أيضا. وقالت العتيبي إنها تعرضت للإساءة من والدها وأخيها.

الوصول إلى استراليا

نجحت شرين في الوصول إلى مدينة بيرث غربي أستراليا ومنها إلى داروين في مقاطعة أراضي الشمال. لم تكن شرين تعلم الكثير عن أستراليا ولكنها اعتبرت وجودها في بادئ الأمر في مدينة صغيرة ذات تكاليف معيشة منخفضة سيزيد من فرصها في التأقلم مع البيئة الجديدة.

تواصلت مع محامين بعد وصولها إلى داروين للبدء في عملية طلب اللجوء، لكنهم نصحوها بالانتقال إلى مدينة رئيسية، لأن داروين لا يوجد بها محامين أو منظمات تعنى بشؤون اللاجئين.
"على الارجح لم يتعاملوا من قبل مع سعودية تطلب اللجوء"
انتقلت شرين إلى مدينة ملبورن بعد عشرة أيام فقط في داروين. وتواصلت مع منظمة تعنى بشؤون اللاجئين، ولكن خلال شهر كامل قضتها في المدينة، لم تحصل على أي مساعدة من تلك المنظمة "قالوا لي إنهم يعملون مع اللاجئين الذين يصلون بالقوارب أو المحالين من الأمم المتحدة". أعتبرت المنظمة ملف شرين أقل أهمية، لأنها سعودية أتت بالطائرة "على الارجح لم يتعاملوا من قبل مع سعودية تطلب اللجوء". 

لا توجد تقديرات علنية بأعداد السعوديات اللاتي سعين إلى اللجوء في دول أوروبا والولايات المتحدة وكندا.

في ملبورن تواصلت مع محام آخر، دلها على كيفية التقديم على تأشيرة الحماية. سارعت شرين في التقدم بطلبها خوفا من انتهاء تأشيرتها ومدخراتها، ونصحها المحامي بالانتقال إلى سيدني.

هناك تعرفت شرين على منظمة تعاملت في السابق مع طلبات لجوء لسعوديات. حصلت على تأشيرة حماية خلال تسعة أيام، وبمجرد نفاذ أموالها، تكفلت المنظمة بسكنها ودفعت لها مبلغا أسبوعيا للعيش منه.
"السعوديون لا يستحقون اللجوء، السعوديون لديهم إمكانيات مادية"

مشوار استقرار بدأ بعمل تطوعي

كأي واصل جديد، سعت شرين للحصول على عمل ولكنها واجهت تمييزا لكونها لاجئة، كما كانت تفتقر لخبرة محلية مطلوبة. كان العمل التطوعي بوابة شرين للاستقرار في وظيفة تمنحها الاستقلال لأول مرة منذ وصولها إلى أستراليا قبل ستة أشهر.

تتذكر شرين بعض التعليقات التي ضايقتها في بداية استقرارها بمجرد أن يعرف آخرون أنها سعودية ولاجئة "كانوا يقولون كيف حصلتي على حق اللجوء؟ السعوديون لا يستحقون اللجوء، السعوديون لديهم إمكانيات مادية".

بالمقارنة بدول أخرى تعتبر شرين الاستقرار في أستراليا سهل "أستراليا أفضل بكثير من دول أوروبية، الحياة فيها أسهل، الاستقرار فيها اسهل، وحتى طبيعة المجتمع مختلفة عن أوروبا والولايات المتحدة".

ناشطات على تويتر

أسست شرين حسابا على تويتر قابلت من خلاله لاجئين سعوديين من ألمانيا، ومن خلالهم دخلت إلى عالم اللاجئين السعوديين في الخارج "تفاجئت لأني كنت أعتقد أنني الوحيدة في العالم التي أخذت تلك الخطوة، لكن اكتشفت أن هناك كثير غيري". ومن خلال مجموعات التيلجرام تواصلت مع اللاجئين السعوديين وتعرفت على اللاجئات في استراليا "بعضهم أتوا قبلي، في 2010 و2013. وبعضهم أتى بعدي، وكان هؤلاء يتواصلون معي بمجرد وصولهن إلى أستراليا".

تلك المجموعات كبرت واصبحت تقدم دعما للواصلين الجدد وأحيانا لمن يرغبون في مغادرة السعودية.

هل كان الأمر يستحق العناء؟

"يكفي أنني أستيقظ كل صباح وأقرر بنفسي الخروج، أقرر ماذا أفعل خلال اليوم، باختياري وليس بناء على توجيهات آخرين أو ترتيبات مسبقة. إلى الآن، رغم مرور ثلاث سنوات على وصولي، أمر بلحظات سعادة بسبب هذا، عندما أقرر أن افتح الباب وأركب السيارة وأغادر".

تشعر شرين بالرضا عن المستوى المعيشي وطبيعة المجتمع التي تجدها أكثر تقبلا من دول غربية أخرى. وعند النظر مرة أخرى على الرحلة الطويلة التي بدأت قبل ثلاث سنوات تقول شرين "ربما ندمي الوحيد أنني تأخرت ولم آخذ هذا القرار مبكرا"
استمعوا  المباشر لإذاعتنا و إذاعة BBC أيضا

حمّل تطبيق أس بي أس الجديد على للاستماع لبرامجكم المفضلة باللغة العربية

 

 

 

 

 

 

 

 


شارك
نشر في: 11/01/2019 4:58pm
آخر تحديث: 12/08/2022 3:03pm
By Abdallah Kamal, Fares Hassan