تغيرت حياة الكثير من أبناء مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية في الخامس عشر من مارس آذار عام 2019 عندما فتح الأسترالي برينتون تارانت، البالغ من العمر 29 عاما، النار على رواد مسجدي النور ولينوود يوم الجمعة، ما خلف 51 قتيلا و40 جريحا.
سهام الوكيل ذهبت إلى مسجد النور برفقة زوجها في هذا اليوم لأداء صلاة الجمعة، لكنها عادت وحدها: "ما زالت أرى خياله وهو ميت أمام باب المسجد، وأرى أمام عيني مشهد الرجل وهو يطلق عليه النار ليرديه قتيلا."
الوكيل وزوجها أشرف المرسي ينحدرا من أصول مصرية، تزوجا عام 2004 واستقرا في مدينة كرايست تشيرش حيث أنجبا بنت وولد أعمارهما 15 و14 عاما.
وقالت السيدة سهام الوكيل لأس بي أس عربي24 "أشرف عادة لا يذهب إلى صلاة الجمعة في المسجد إلا قليلا، لأنه يملك متجرا ولا يعمل معه أي موظفين." وأضافت "ولكن في هذا الأسبوع تعرض المتجر للسرقة يوم الأربعاء، فلم يكن هناك بضاعة كافية للبيع، فقال لي أني سأغلق المتجر وأذهب لصلاة الجمعة."
ما زالت سهام الوكيل تتذكر أحداث اليوم بوضوح "أنهينا أوراق متعلقة بالهجرة، وقال لي لنذهب إلى المنزل نحتسي الشاي ثم نذهب للصلاة في الجامع."
كان زوجها في هذا النهار على غير عادته مسرعا للذهاب إلى المسجد كأن لديه موعد هناك: "سبحان الله كان يقول لي "يالا يالا" ويتحرك مسرعا باتجاه المسجد، وقال لي نلتقي أمام الباب بعد انتهاء الصلاة."
لم يخرج أشرف المرسي من المسجد مرة أخرى. سمعت السيدة سهام الوكيل أصوات إطلاق النار قادمة من غرفة المسجد الأخرى: "اعتقدت أن هناك خلل في الكهرباء، ولكن عندما رأيت سيدة تأخذ ابنتها وتغادر، أسرعت إلى المغادرة ورائهم."
اختبأت الوكيل برفقة عدد من السيدات في حديقة منزل مجاور وبدأت تستوعب أن هناك هجوم مسلح في المسجد وأن هناك شخص يطلق النار على الناس: "فكرت في أولادي، وأنا لا أعلم ما هو مصير أشرف، وبدأت أفكر ماذا سيحدث لهم لو أصابني مكروه."
وأضافت "اتصلت بابنتي سلمى وأخبرتها أن تتصل بالشرطة ولا تغادر المدرسة إلا مع رجال الشرطة، وتخبر المدرس بهذا." وقالت "وأرسلت رسالة إلى مدرسة ابني يوسف، لأنه لا يملك هاتف، وقولت لهم أن يبقوه لديهم وألا يغادر إلا مع رجال الشرطة لأن هناك إطلاق نار هنا."

Family and survivors from the March 2019 Christchurch mosque shootings line enter the Christchurch High Court for day two of the sentencing hearing. Source: AAP
كانت سهام الوكيل تسمع أصوات إطلاق النار وصرخات الاستغاثة وهي تفكر في مصير أولادها: "اتصلت بأصدقائي وأخبرتهم أن هناك إطلاق نار وأوصيهم على أولادي."
استمر الاختباء في حديقة المنزل المجاور للمسجد حتى الخامسة مساء أو بعد ذلك، عندما وصلت الشرطة إلى مكان الحادث وبدأت في تأمين محيط المسجد: "جاء عناصر الشرطة وقالوا لنا أن نخرج من مخبأنا ونتبعهم ولا ننظر حولنا لأن هناك جثة لسيدة قتلت في الهجوم بجوارنا."
لم ينته يوم السيدة سهام العصيب عند هذه النقطة، ولكن بدأت في رحلة ستستمر حتى العاشرة والنصف مساء لمعرفة مصير زوجها أشرف المرسي.
وقالت "عرض علي شخص توصيلي إلى أي مكان فقولت له لنذهب إلى المستشفى لنستعلم عن زوجي." وأضافت "بدأنا نسمع أسامي المصابين في المستشفى ولكن اسم أشرف لم يكن من بينهم، حتى علمت بوجود فيديو للمجزرة."
وقالت "أخبرتني صديقتي أن هناك مقطع مصور، وشاهدته لأجد أشرف، الله يرحمه، والمسلح يجهز عليه."
كان لدى الوكيل أمل أن يكون قد أصيب فقط، وان يظهر اسمه بين المصابين في اليوم التالي، لكنها قررت العودة إلى طفليها اللذين كانا بأمان لدى إحدى الصديقات. أعلنت وفاة زوجها رسميا في اليوم التالي ولكن مشهد وفاة زوجها لم يغادرها منذ ذلك الحين.
"كلما ذهبت إلى المسجد أراه وهو ممد على الأرض وقد فارق الحياة، وأحيانا أذهب إلى نفس البقعة التي رأيتها في الفيديو وأشاهد المنظر من جديد، وهو يحاول الفرار من القاتل لكنه يطلق عليه الرصاص."
أبلغت الوكيل أبنائها بوفاة الأب وهو ما تسبب لهما بصدمة كبيرة لكنها حاولت طمأنتهم: "قولت لهما أن والدكما في مكان أفضل الآن."

A Muslim worshipper prays at a makeshift memorial at the Al Noor Mosque in Christchurch, New Zealand, 2019. Source: AAP
نيوزيلندا التي انتقلت إليها الوكيل قبل 16 عاما تغيرت تماما بعد تلك الواقعة: "كنت أقول لأشرف أن هذه البلد هادئة للغاية وكان يقول لا مشكلة طالما أن البلد آمنة وبالفعل هذا ما كنت أشعر به وقتها."
وأضافت "ولكن الآن أنا خائفة من الناس وخائفة من أتباع هذا الرجل."