"غير كافية وسابقة لأوانها": الدكتور الربيعي حول تدابير الحكومة الأخيرة بشأن مواجهة أزمة تفشي أوميكرون

Dr.Ahmed Al Rubaie

Dr.Ahmed Al Rubaie Source: Supplied

في مثل هذا اليوم منذ عامين، بدأت تتوارد أخبار كثيرة حول ظهور فيروس جديد وحالات إصابة كبيرة في مدينة ووهان الصينية.


تم وصف الفيروس وقتها بأنه يهاجم الجهاز التنفسي مثل مرض الالتهاب الرئوي أو Pneumonia.

دخل العالم منذ ذلك الوقت في جائحة لم ترى البشرية لها مثيل منذ زمن طويل، وتفشي فيروس كورونا ومتحوراته الكثيرة مثل دلتا وأوميكرون.

ووفي حديث مع أس بي اس عربي24 حول الجائحة والمتحور الجديد أوميكرون وأثره، يقول الدكتور أحمد الربيعي اخصائي الجهاز الهضمي والناضور بكلية الطب بجامعة نيو ساوث ويلز أن طريقة تعاملنا مع الجائحة يجب أن تكون مختلفة خلال الفترة المقبلة.

عن هذا يقول الربيعي : "تعاملنا مع الجائحة يجب ألا يكون مجرد رد فعل على أحداث تجري أمامنا، الجائحة هي أزمة مثلها مثل الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل ولكنها على المستوي الميكروبيولوجي".
ويتابع قائلا : " أرى أن القانون الأهم في تلك الأزمات هو مراقبة التطور الذي يحدث لسلالات الفيروس ومدى تأثير وقدرة المتحورات الجديدة على إحداث الضرر والتفشي، ومدى قدرتها على الوصول إلى الجهاز المناعي وتفادي اللقاحات".

ذكر الربيعي أننا الآن في الطور الرابع من الجائحة، والتي يهيمن عليها المتحور أوميكرون، والتي أصبح واضحا الآن انه المتحور الأكثر انتشارا في العالم وفقا للبيانات الواردة من وزارات الصحة في مختلف دول العالم.

وحول ما نعرفه حتى الآن عن المتحور أوميكرون، يقول الربيعي :" المتحور أوميكرون له طفرات جينية مقارنة بالمتحورات الأخرى، حيث تبلغ النسبة  50 طفرة في أوميكرون إلى 17 طفرة في دلتا".

ويشرح الربيعي أنه كلما زادت عدد تلك الطفرات في أي متحور فإن ذلك يعني أن المتحور يصبح أكثر قوة وقدرة على الانتشار وهذا ما نشاهده الآن مع متحور الأوميكرون.

استطاع أوميكرون اجتياح العالم منذ أول ظهور له في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في جنوب إفريقيا ويواصل الانتشار في كافة الدول بدون هوادة.

وفي سؤال حول كيفية معرفة الإصابات الجديدة هل هي جراء المتحور دلتا أم أوميكرون، يقول الربيعي: "فحص PCR او مسحة الأنف والبلعوم تؤكد لنا إصابة شخص ما بالفيروس بدون تحديد أي متحور أصيب به هذا الشخص، لمعرفة نوع المتحور لابد من إجراء اختبار آخر وهو Sequencing test أو اختبار التسلسل الجيني لتحديد نوع المتحور".
ظهرت مؤخرا العديد من التقارير والتي تفيد بأن المتحور أوميكرون أقل خطورة من دلتا، ويؤكد الربيعي على ذلك  قائلا: "على الرغم من سرعة انتشار أوميكرون، إلا أنه ليس بنفس درجة حدة المتحور دلتا، وذلك يرجع لأن 50 طفرة في هذا المتحور ليست كلها بنفس درجة الخطورة التي تحملها طفرات دلتا ال 17".

ووفقا للعديد من الدراسات العلمية والطبية من مراكز الأبحاث، فقد تم رصد أن العديد من الطفرات التي تحدث في أوميكرون بعضها مأخوذ من فيروس الزكام أو الرشح التقليدي أو ما يسمي بـCommon Cold، الأمر الذي يجعل خطورة المتحور الجديد أقل لأن الجهاز المناعي لدى الانسان قد تعرف على تلك الطفرات من قبل ويستطيع مواجهتها.

وحول هذا يقول الربيعي: "ذلك الأمر وأيضا ارتفاع نسبة المناعة المجتمعية خلال العام الماضي إما بسبب عدد الإصابات أو بسبب اللقاحات يقلل من خطورة أوميكرون بالنسبة للمتحور دلتا على سبيل المثال".
Dr.Ahmed Al Rubaie
Dr.Ahmed Al Rubaie Source: Supplied
قد يتذكر البعض أن عددا من العلماء منذ بداية الجائحة قد أشاروا إلى أهمية تكوين مناعة القطيع، يقول الربيعي: " أعتقد أننا الآن نشهد بدايات مرحلة انحسار الجائحة، وذلك يعود لارتفاع نسب تلقي اللقاحات وأيضا لارتفاع أعداد المصابين وتكوين مناعة مجتمعية ضد الفيروس".

يرى الربيعي أن الجائحة تمر بكافة الأطوار الطبيعية والتي تمر بها كافة الكوارث البيولوجية التي واجهتها البشرية، حيث تم تسجيل 19 جائحة حتى الآن ولها أطوار مشابهة من البداية والذروة ثم الانحسار والاختفاء.

صرح براد هازارد وزير الصحة بولاية نيو ساوث ويلز منذ أيام قليلة بأن الجميع سيصاب بالفيروس في وقت ما، وحول كيفية تحضير أنفسنا لتلك الحالة يقول الربيعي: "أهم مايمكننا القيام به الآن، تلقي اللقاحات والجرعات المعززة في مواعيدها، التزام ارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة والتباعد الاجتماعي".

يوصي الربيعي بأهمية ارتداء الكمامات كوسيلة مثبتة علميا للحد من انتشار الفيروس بعد اللقاحات، ويرى أننا لم نصل بعد لذروة الأوميكرون.

على الرغم من هذا، فبعض الولايات تقوم بتخفيف القيود وهو الأمر الذي يرى الربيعي أنه سيؤدي للمزيد من التفشي ووضع النظام الصحي تحت الضغط.
يقول الربيعي: "أرى أنه بجب فرض المزيد من القيود حول التجمعات وخاصة داخل الأماكن المغلقة للحد من انتشار الفيروس".

يشير الربيعي إلى مقارنة صارخة، حيث بلغ عدد الإصابات في أستراليا 21 الف إصابة في يوم واحد، بينما في السنة الأولى من الجائحة بلغ اجمالي عدد الإصابات في أستراليا 32 ألف إصابة على مدار العام.

بينما يرى الربيعي أن الإغلاق ليس حلا، ولكنه يؤيد وبشدة وضع ضوابط على التواصل الاجتماعي والتزاور والتجمعات الحاشدة والتي من شأنها نشر الفيروس بشكل أكبر وأسرع.

وافقت إسرائيل مؤخرا على الجرعة الرابعة من لقاح كورونا، وفي سؤاله حول مدى تحمل جسم الانسان لهذه اللقاحات المتعددة، يقول الربيعي : "يعتمد ذلك بشكل كبير على ردة فعل الجهاز المناعي لتلك اللقاحات وليس معروفا حتى الآن مدى قوة المناعة المتأتية والفترة الزمنية التي يحتاجها الجسم من تلك الجرعات".
Dr.Ahmed Al Rubaie
Dr.Ahmed Al Rubaie Source: Supplied
وفقا للمعطيات والأرقام والتقارير الأخيرة، فإن الأوميكرون قد يكون بارقة أمل للبشرية حيث أنه على الرغم من سرعة انتشاره إلا انه ليس بنفس حدة المتحورات السابقة.

يقول الربيعي عن تلك التقارير: "هنالك أمر يدعو للتفاؤل، حيث أبلغت جنوب إفريقيا عن أن المتحور أوميكرون قد وصل لمرحلة الذروة هناك، وذلك يعني أن المرحلة الأصعب من هذا المتحور قد مرت والمرحلة القادمة هي مرحلة الانحسار هناك".

وعن مدى رضائه عن التدابير التي قامت بها الحكومة بعد اجتماع مجلس الوزراء الوطني مساء أمس، والتي من ضمنها تقليل فترة العزل الصحي لمدة 7 أيام واستبدال اختبار PCR بفحص كورونا السريع في حالات معينة، قال الربيعي: "لا، أرى أن هذه التدابير غير كافية وسابقة لأوانها، واتفق في ذلك مع كافة الأجهزة الطبية في أستراليا والتي تحذر من الضغط على القطاع الطبي".

وعن أمنياته للعام الجديد، قال الربيعي: "أتمنى أن نشهد في العام الجديد انحسار الجائحة بأقل الخسائر وأن نعود للحياة الطبيعية قريبا".

شارك