بعد 7 سنوات من النضال لإسترجاع ابنته وأحفاده، كمال دبوسي يكسر صمته في كتابه A Father’s Plea

Kamal Dabbousy

Kamalle Dabbousy meets his daughter during his first and only Visit to al-Hol camp with ABC channel team on August 2019. Source: kamalle Dabbousy

التزم كمال دبوسي الصمت في بادئ الأمر بطلب من السلطات الأسترالية لحفظ سلامة ابنته مريم وأحفاده بعد إبلاغه بإجبارها على دخول الأراضي الخاضعة لحكم داعش، ولكن الصمت لم يحقق أي تقدمٍ. اليوم، وبعد سبع سنوات، يروي كمال قصته في كتاب بعنوان A Father’s plea أو مناشدة أب.


يحمل  كمال دبوسي هذه القضية التي هي إنسانية بالدرجة الأولى له كأب يناضل منذ سبع سنوات لتحرير ابنته وأحفاده من كابوس داعش. لم يحمل كمال قضية مريم إبنته وحسب بل حمل معها كل الأمهات والأطفال الأستراليين العالقين هناك منذ هزيمة داعش كما أوصته مريم. 

أصبح كمال المتحدّث والمفاوض باسم العائلات التي تحمل المعاناة نفسها.


النقاط الرئيسية

  • يروي كمال الدبوسي معاناته الشخصية كأب يناضل لإسترجاع إبنته وأحفاده في إصدار له بعنوان A Father’s Plea
  • يوثّق كمال في كتابه تفاصيل هذا الملف، وكيف أجبرت إبنته من قبل زوجها على عبور الحدود إلى سوريا حيث وقعت في شباك داعش، لقاءه الوحيد بابنته في مخيم الغوش وموقف الحكومة الأسترالية
  • يعمل كمال مع منظمة إنقاذ الطفولة الدولية Save the children منذ أكثر من عامين في محاولة لإعادة ابنته وأحفاده إلى أستراليا.

يقول كمال إنّ ابنته مريم هي ضحية عالقة في شباك أجبرت على الدخول إليها. أكدت السلطات الأسترالية هذا الإرغام القسري عندما قرعت باب منزل كمال بعدما انقطعت أخبار ابنته وأبلغته بنفسها عن هذا الأمر. شكّل الأمر صدمة لكمال الذي لم يصدق هذا الواقع.

روى كمال قصة مريم وسرد تفاصيل ولادتها، مراهقتها فزواجها وارتدائها الحجاب بشكل مفاجئ. عندما تزوجت مريم من خالد الذهب  في حفل زفاف خيالي في سيدني، كان والدها كمال يحلم بمستقبلهما الجميل. عبّر كمال أن ارتداء الحجاب يفرحه لكنّه أراد التأكد أنه قرار ابنته الشخصي دون ضغط من أي أحد.
Kamalle Dabbousy
Mariam Dabboussy with her firstborn in Australia. Source: kamalle Dabbousy
عندما ذهب الزوجان الصغيران وابنتهما في عطلة في الخارج، لم يكن بإمكان كمال أن يكون أكثر سعادة. لكن سرًا غامضًا كان يكمن في الأفق. اختفت مريم لأشهر. أبلغت الحكومة الأسترالية كمال أن ابنته أُجبرت على دخول سوريا. علم لاحقًا أنها تعرضت للخداع  حيث أجبرها زوجها تحت تهديد السلاح على عبور الحدود إلى سوريا وهناك وقعت في شباك داعش في العراق والشام داعش. كانت بداية كابوس دام ثلاث سنوات قتل خلاله زوجها وأجبرت مرتين على الزواج من مقاتلي داعش. ولكن منذ هزيمة داعش، بدلاً من إعادتهم إلى الوطن، تم التعامل مع مريم وأطفالها الصغار من قبل الحكومة الأسترالية، على أنهم "مقاتلون أجانب"، وأُجبروا على البقاء في مخيمات اللاجئين بينما يرفض وطنهم إعادتهم.  يعمل كمال مع منظمة إنقاذ الطفولة الدولية  Save the children منذ أكثر من عامين في محاولة لإعادة ابنته وأحفاده إلى المنزل.

كمال يكسر صمته

إختار كمال أن يكسر صمته بعد فشل الصمت من تحقيق أي تقدّم إذ قيل له إن التزام الصمت سيكون في مصلحته.

عبّر كمال عن أنّه في ظل التعتيم على هذه القضية، لم يكن لديه خيارٌ آخر سوى أخذ الملف على عاتقه وعاتق الأهالي قائلًا:
هناك عشرون قصة وكل قصة مختلفة عن الثانية، وأنا أخترت أن أنقل تفاصيل قصة إبنتي مريم.
وفي هذا الإطار أطلق صرخة إنسانية لحماية الأطفال قائلًا:
مهما كان حكمنا على الأمهات كمريم والنساء الأخريات، فالأطفال لا ذنب لهم فيما يحصل

اللقاء وجهًا لوجه مع مريم

عندما أجبرت مريم على الدخول إلى الشام، كانت حاملًا بابنها الذي ولد بعد شهر من مقتل والده خالد في القتال مع داعش.

حاولت مريم بعد ذلك الهرب من المخيم عام 2017 مع طفليها ولكن لم تتمكن من ذلك، إذ أجبرت آنذاك على الإختيار بين الزواج أو السجن والتخلي عن أولادها، فاختارت مريم حماية طفليها مهما كلّف الأمر. وهنا مع زواجها الثاني انقطعت أخبارها لمدة 18 شهرًا وطلب من كمال في هذه الفترة تقبّل فرضية خسارتها قائلًا:
كانت أصعب مرحلة بالنسبة إليّ. بقيت مدة سنة ونصف لا أعرف شيئًا عن أولادي وأحفادي. طيلة فترة زواجها الثاني منعت من إجراء أي اتصال معي.
تمكّن كمال من رؤية مريم لمرة واحدة فقط بعد 4 سنوات من النضال، حيث رافق  فريق عمل ABC channel وبرنامج Four Corners  وتمكن من الدخول إلى مخيم الهول في شهر آب/أغسطس 2019.  

كشفت مريم النقاب عن وجهها أمام عدسة الكاميرا، وخاطبت الجمهور الأسترالي بدون خوف، وهي التي تركت قلبها في يديه في هذه الكلمات:
لقد ضحيت كثيرًا من أجلي طوال حياتي. أنا لا أستحقك. أعلم أنني أحرق قلبك وأعلم أنني سببت لك الكثير من الألم والنعمة. أنا أسفة.
Image

الحياة والموت على شارع أستراليا

وصف كمال تفاصيل حياة الخوف في مخيم الهول الذي  يفتقر لأبسط مقومات الحياة. ولكن في هذه المساحة المليئة بالمخاطر، تجمعت الأمهات الأستراليات في شارع أطلق عليه إسم "شارع أستراليا". كانت الأمهات تتناوب على حراسة خيم أولادهّن على مدار الساعة إذ إن الأصولية المتعشعشة هناك كانت قنابل موقوتة. ومع كشف مريم ونسرين على وجههما أمام عدسة الكاميرا، باتتا مستهدفتين من قبل النساء الأصوليات في المخيم.

موقف الحكومة الأسترالية

بالرغم من أن أستراليا لديها التزام إنساني واضح وقانوني يتطلب تحمل مسؤولية مواطنيها في الخارج ولكن موقف الحكومة الأسترالية كان معارضا بشكل واضح لإرجاع النساء والأطفال لأستراليا وسط المخاوف من نقل أي فكر أصولي أو تعريض الأمن القومي لأي خطر كما عبّر آنذاك وزير الداخلية بيتر داتون. وفي هذا الإطار صرّح رئيس الحكومة سكوت موريسون قائلًا:
لن أعرض حياة أسترالية واحدة للخطر لمحاولة انتشال الناس من هذه المواقف الخطيرة.
علّق كمال على موقف الحكومة الأسترالية قائلًا:
لا ترفض الحكومة الأسترالية إخراج العالقين لسبب قانوني ولكن لخطورة هذا الإخلاء على الرغم من جهوزية الصليب والهلال الأحمر الدولي لأخذ الأمر على عاتقهما وإحضارالأمهات والأطفال إلى الحدود. ولكن على الحكومة الأسترالية المبادرة أولًا والتقدم بطلب رسمي لإخلائهم.
أورد كمال في كتابه أن دور النساء الأستراليات كان الإنجاب فقط وليس القتال مشددًا على أنه ان استطاعت الحكومة اثبات هذا الشيء وفق الأدلة، فلتحاكم  النساء وتخضعن لحكم القانون .

وأشار إلى أن الرد الوحيد الذي تلقاه من الحكومة الأسترالية هو إلغاء جواز سفر مريم. وبذلك فالمفاوضات مع الحكومة الأسترالية جامدة على الرغم من عودة 40 مقاتلاً من داعش إلى ديارهم من أصل 230 مقاتلاً وفقًا لبيان أدلى به وزير الشؤون الداخلية آنذاك بيتر داتون أمام البرلمان.

وتابع في هذا الإطار قائلًا": " عاد رجلٌ مقاتل من أسبوعين فقط. كيف نستطيع إعادة مقاتل ولا نستطيع إعادة النساء والأطفال؟"

ترى الحكومة الأسترالية أن قرار الإبعاد المؤقت، هو الحل الأسهل والأمنز ونشير إلى أن الحكومة لديها الحق بتجريد الجنسية من مزدوجي الجنسية في حال تبين تورطهم في الإرهاب.

الأطفال هم رهائن

على صعيد آخر هناك ملف إنساني ملح، وهو ملف الأطفال العالقين في المخيمات. منهم  من ولد في المخيمات دون أوراق ثبوتية وهم الأكثر عرضة للإتجار والموت بظروف غير إنسانية. جريمتهم الوحيدة إنهم ولدوا في هذه البقعة من العالم.

يقول الداعم الأول لهذا الملف بول رونالدز الرئيس التنفيذي للمنظمة  Save the Children Australia
نناشد الحكومة، هؤلاء الأطفال هم ضحايا نزاع ويجب معاملتهم على هذا النحو. يجب نقلهم مع النساء الأستراليات إلى برّ الأمان، يجب أن يكون هذا أولوية لنا.
لا يجد كمال تفسيرا منطقيًا أمام عجز أستراليا  في هذا الملف الإنساني ذاكرًا في كتابه أنه في العام 2019 ، توفي أكثر من 250 طفلاً في المخيم بسبب سوء التغذية والأمراض، وأن 80٪ من الأطفال عديمي الجنسية الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات يواجهون خطر الموت، وأردف قائلًا:
الموضوع عالق سياسيًا وليس قانونيًا. عاجلًا أم آجلًا سيرجع هؤلاء الأطفال إلى بلادهم فهم أستراليون!
وهنا بين حقوق الطفل وحفظ الأمن القومي، لمن ستكون الكلمة الغالبة؟ 

سأتمسك بالأمل

دعا كمال مريم التي احتفلت بعيدها الثلاثين في المخيم، بالتمسك بالأمل وقوة الإيمان. سبع سنوات ولم يستلسلم قلب الأب بل تابع النضال متسلحًا بالإيمان ودعم أناس كثيرين وبشكل خاص منظمة  Save the Children Australia. سيبقى كمال أمينًا على وصية مريم التي طلبت منه حمل الملف كاملًا وعدم الإكتفاء بالنضال لأجلها وأحفاده وحسب.
وربما هذه الكلمات التي استهلّ بها كتابه تختصر ما يختلج قلبه :
عندما شرعت في تأليف هذا الكتاب، كنت آمل في قلبي أن يختتم بتحية مريم وأحفادي الثلاثة في مطار سيدني، أو لقاء لم شمل آخر على الأراضي الأسترالية. لكن في وقت كتابة هذا الكتاب، ما زال هذا مجرد حلم. التحدي هو أن تظل متفائلا. بدون أمل ، سأتوقف عن النهوض من الفراش في الصباح . Image
وآخر كلمة كتبتها  في كتابه هي "إنشالله"!


شارك