تصدر اليوم أرقام الحسابات القومية للربع الأول من السنة المالية الحالية التي كانت الأكثر تأثرا بعمليات الإغلاق والقيود، والمتوقع ان تظهر تراجعا بالناتج المحلي بنسبة تتراوح بين 2.5% و3.5%.
وفي حديث له مع أس بي أس عربي24، قال الخبير الاقتصادي عبدالله عبدالله إن "التوقعات والأرقام المتداولة تشير إلى عودة قوية للاقتصاد في الفترات القادمة، وهذا شيء مرتبط بشكل قوي ومباشر بتطورات متحور أوميكرون، الذي بالرغم من الهلع الذي ولده بأول يومين بعد الإعلان عن اكتشافه من قبل منظمة الصحة العالمية، إلا أننا سمعنا تطمينات من رئيس الحكومة وبعض المعنيين بأن مستويات التطعيم المرتفعة باستراليا تجعلنا بموقع قوي لمواجهة الفيروس دون اللجوء للإغلاق مجددا".
وفند عبدالله آخر الأرقام والمؤشرات والمعطيات الاقتصادية على الساحة الأسترالية كما يلي:
كانت مجموعة اقتصادية وشركات كبيرة عدة دعت الحكومة الأسترالية لعدم الهلع من ظهور متحور أوميكرون وعرقلة عملية التعافي الاقتصادي وخاصة أن العديد من المؤسسات بالكاد تستطيع التقاط أنفاسها وهي فعلا مهددة بالإقفال النهائي في حال العودة للإغلاق.
والسؤال ايضا هو هل بمقدور حكومات الولايات والحكومة الفدرالية الاستمرار بعمليات الدعم المالي دون إنتاج فعلي في الاقتصاد والتي بدأت أولى نتائجه تظهر من خلال ارتفاع مستويات التضخم عالمياً وداخل أستراليا، ولو بنسب أقل من دول أخرى. ثم إننا على أبواب انتخابات فدرالية في الربع القادم والأغلب أن الحكومة ستقدم ميزانية العام المقبل في شهر أيار/مايو كبرنامج انتخابي ويهمها أن يكون الاقتصاد قد عاد للتعافي وأن تظهر بموقع المسيطر على الدين العام وتقديم خطة للحد من العجز بالميزانية والبدء بمعالجة الدين العام.
الأرقام الجيدة التي يمكن البناء عليها
بالعودة للحسابات الوطنية national accounts، رغم أن أرقام الناتج المحلي اليوم ستظهر تراجعا في الربع الأول من السنة، إلا أن المؤشرات الأخرى معظمها إيجابية. فقد رأينا نموا في إعلانات الوظائف، ونموا في رواتب القطاع الخاص يعد الأعلى منذ أكثر من سبع سنوات.
ومؤشر اخر إيجابي هذا الأسبوع هو توقعات الاستثمارات في الاعمال التجارية business investments، مثل شراء المعدات وتوسيع الأسواق، والتي أشارت لاتجاه الشركات والمصالح التجارية إلى القيام باستثمارات بنسبة 20% أكثر من العام المالي الفائت، ويعد مؤشر الاستثمارات مهما في اقتصاد حر كأستراليا لأنه يعتبر المحرك الرئيسي للاقتصاد وخلق فرص العمل.
المؤشر الجيد الآخر هو أرقام ميزان المدفوعات balance of payments، الذي يلخص المعاملات الاقتصادية لأستراليا مع بقية العالم. وتشمل هذه المعاملات الصادرات والواردات من السلع والخدمات (أي الميزان التجاري) والمعاملات بالأصول المالية مثل المدفوعات التي يحصلها عليها الاستراليون عبر استثماراتهم بالخارج من أرباح أسهم والتجارة بالسندات وغيرها من الأصول المالية.
الميزان التجاري إيجابي كما دائما، أما الجديد فهو أنه ولأول مرة منذ زمن طويل تصبح القيمة الصافية لدفعات الاستثمارات إيجابية لصالح استراليا، أي ان المستثمرين الاستراليين يحصلون على المال من الخارج أكثر مما يحصل عليه المستثمرون الأجانب في استراليا، والمساهم الأول في هذا الرقم الإيجابي هي صناديق السوبر التي لديها فوائض كبيرة من رؤوس الأموال وتبحث عن استثمارات، وهي تشكل شبكة أمان فعلية لأستراليا.
صندوق استثمارات لمكافحة ازمة الإسكان الاجتماعي
بين مليون ونصف ومليوني استراليا مهددون بخسارة منازلهم والعيش في الشارع عند أول أزمة قد تواجههم.
وكان معهد غراتان للسياسات العامة دعا في دراسة الحكومة الفدرالية الأسترالية لإنشاء صندوق استثمارات مستقبلي لبناء منازل اجتماعية، ورأى في إنشاء هذا الصندوق حلا ولو جزئيا لأزمة الإسكان للأسر ذات الدخل المنخفض.
والهدف من إنشاء "صندوق الإسكان الاجتماعي المستقبلي" هو توليد الدخل اللازم لبناء آلاف المساكن الاجتماعية كل سنة.
وإذا تم إنشاء الصندوق برأس مال قدره 20 مليار دولار، من الممكن أن يموّل بناء حوالي 3,000 وحدة سكنية اجتماعية كل عام، إذا افترضنا أن مردود الصندوق قد يتراوح بين 4-5% أي حوالي المليار دولار سنويا. وإذا تمت مطابقة مردوده بتمويل من حكومات الولايات فيمكن مضاعفة هذا الرقم إلى 6,000 الاف وحدة سكنية.
ويقوم مبدأ الإسكان الاجتماعي على تحديد سقف الإيجار بنسبة 25% من دخل المستأجر، ويمكن لهذا أن يساعد الفئات الأكثر فقرا من الأستراليين الذين لا يستفيدون حاليا من برامج الإسكان الحكومية، ويدفعون 37% من مدخولهم للإيجار مقابل 24% يدفعها أصحاب المداخيل المتوسطة.
ويبلغ عدد مخزون المساكن الاجتماعية في أستراليا حاليا حوالي 430 ألف مسكن، وهو عدد لم يرتفع بالشكل المطلوب خلال السنوات العشرين الأخيرة بنسبة متناسبة مع نمو عدد سكان البلاد الذي زاد بشكل كبير خلال نفس الفترة (33%).
ومقارنة بعام 1991، كان عدد المساكن الاجتماعية حوالي 6% من المساكن في أستراليا، أما اليوم فهي أقل من 4%.
وتقع مسؤولية المساكن الاجتماعية على عاتق حكومات الولايات، لكن في ظل أزمة السكن الحالية، تدعو الدراسة الحكومة الفدرالية لمساعدة حكومات الولايات على حل هذه المشكلة من خلال هذا الصندوق الاستثماري، على غرار مسؤوليات اجتماعية أخرى تساهم بها الحكومة الفدرالية مثل مديكير وسنترلنك وغيرها.