تعتبر مصانع اللحوم والمسالخ من الأماكن عالية الخطورة فيما يتعلق بنقل عدوى كوفيد-١٩ بشكل يتجاوز الكثير من أماكن العمل الأخرى. ويرجع الخبراء هذا إلى درجات الحرارة المنخفضة والمساحات الضيقة على خط الإنتاج والهواء الجاف الموجود في تلك الأماكن.
النقاط الرئيسية
- الهواء الجاف والبارد بالإضافة إلى وضع الآلات والمعدات في أماكن العمل مع اللحوم تجعلها بيئة خصبة لانتقال العدوى
- منتجات اللحوم نفسها لا تنقل عدوى كورونا إنما اللوم يقع على بيئة العمل داخل مصانع اللحم والمسالخ
- توفير ملابس وقاية شخصية وتوزيع أوقات الراحة بعض الحلول المقترحة لمنع خروج بؤر تفشي كبيرة من المسالخ
قصة انتشار العدوى في مصانع اللحوم والمسالخ متكررة في الكثير من الدول حول العالم، فهناك الكثير من بؤر تفشي الفيروس في الولايات المتحدة التي تعود لأماكن العمل في اللحوم.
ووجد مركز السيطرة على الأمراض في الولايات المتحدة خلال دراسة في مايو أيار، والتي تم تحديثها لاحقا في يوليو تموز، إن هناك 17,358 حالة إصابة بين العاملين في مجال اللحوم والدجاج. من بين تلك الحالات تم تسجيل 91 حالة وفاة.
وفي أوروبا، وقعت حالات تفشي في المسالخ في كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا. أما في أستراليا، شهدت مدينة ملبورن بؤرة تفشي في معمل سيدار للحوم نتج عنها أكثر من 100 حالة إصابة. ومؤخرا، سجل اثنين من مسالخ ملبورن، سومرفيل للحوم وJBS للحوم، حالات بين العاملين وقاموا بعزل الموظفين في المنزل فورا.
لماذا يحدث هذا في أماكن العمل مع اللحوم؟
الساعات الطويلة وأوقات المخالطة الطويلة وصعوبة ممارسة التباعد الاجتماعي، كلها عوامل تجعل من الصعب جعل العمل في المسالخ آمنا من ناحية التعامل مع كوفيد.
وقال البروفيسور المساعد بول غريفين من Mater Health "هناك الكثير من الآلات والمعدات التي لا يمكن إبعادها عن بعضها. ولأن الناس هناك تعمل لساعات طويلة وتؤدي عملا شاقا، فإنه من غير الممكن تطبيق استراتيجية التعامل مع الوباء."
الدكتورة فيونا ستانواي تذكر سببين لتكرار تفشي الفيروس في منشآت اللحوم والدجاج: الهواء البارد والجاف وطريقة وضع المعدات.
وتتفق الدكتورة ستانواي أن طريقة وضع المعدات في مصانع اللحوم تجهل الناس تعمل عادة على مسافات قريبة ولأوقات طويلة وهو ما يحد من قدرة العمال على تطبيق التباعد الاجتماعي بشكل فعال.
وقالت الدكتور فيونا ستانواي عالمة الأوبئة من جامعة ملبورن "وجود مجموعة من الناس على مسافة قريبة نسيا في بيئة مغلقة تزيد من خطر العدوى."
وينتشر الفيروس عن طريق الرذاذ، وهو ما يجعل البيئة الباردة والجافة التي تتمتع بها المسالخ وسيطا خصبا لنقل العدوى كما تشرح الدكتورة ستانواي "هذه البيئة في الحقيقة تسمح لقطرات الرذاذ أن تبقى متماسكة وفعالة لفترات أطول عما ستكون عليه لو كانت البيئة حارة ورطبة."

NSW Health pamphlets in Arabic Source: NSW Health
بالإضافة إلى ذلك فإن الفيروس يكون مستقرا أكثر في الظروف الباردة لأنه بإمكانه البقاء على الأسطح مثل المعدن عند تقليل درجة الحرارة.
هل يمكن أن ينتقل كوفيد-١٩ من خلال منتجات اللحم؟
لا. الخبراء واضحون بشأن تلك النقطة، لا يوجد أي شيء يربط انتشار الفيروس بمنتجات اللحوم.
البروفيسور بينجامين كوي عالم الأوبئة والأمراض المعدية في معهد دوتري يؤكد تلك الفرضية: "لا أعرف بوجود أي حالة موثقة حول العالم، كانت فيها اللحوم مرتبطة بنقل عدوى كوفيد-١٩." وأضاف "هذا فيروس تنفسي ينتقل عبر الرذاذ والإفرازات التنفسية."
العدوى المجتمعية
معدلات العدوى التي تنتقل بين أفراد المجتمع هي التي تقرر لأي مدى يمكن أن تتسع بؤر التفشي في المسالخ. الدكتورة ستانواي تستخدم مثال الولايات المتحدة، حيث تتجاوز معدلات العدوى المجتمعية نظيرتها في في أستراليا، للتدليل على حجم بؤر التفشي التي يمكن أن تحدث في منشآت اللحوم.
الدكتورة ستانواي قالت إن العامل الذي يلتقط الفيروس من المجتمع يمكن أن ينقله بسهولة إلى بيئات مثل مكان العمل في مصنع اللحوم، أو دور رعاية المسنين أو أبراج الإسكان الاجتماعي، لأن تلك البيئات تساعد على نشر العدوى.
وأضافت إن تقليل معدلات العدوى المجتمعية من خلال الخطوات التي يتم تطبيقها حاليا في فيكتوريا خلال الإغلاق وزيادة معدلات الاختبارات وتعقب المخالطين أمر لا غنى عنه.
وقالت ستانواي "لأنه عندما يكون لديك معدلات عدوى مجتمعية مرتفعة، يكون هناك خطر أكبر بكثير لزيادة أعداد الإصابات بشكل كبير."
ما الذي يجب أن نفعله؟
هناك عمليات فحص وتعقب للمخالطين في مختلف أنحاء أستراليا خلال الشهور الأخيرة. وتؤكد الدكتورة ستانواي إنه يجب فحص العمال في المسالخ بمجرد ظهور الأعراض عليهم.
وقالت "لأنه بهذه الطريقة، يمكن أن تقوم السلطات بتعقب المخالطين وإيقاف سلسلة العدوى في مرحلة مبكرة." وإلا فإن العدوى المجتمعية للفيروس يمكن أن تزيد وتصبح عملية السيطرة عليها أكثر صعوبة.
من جانبه قال البروفيسور كوي إن هناك حاجة لتطبيق عدد من التغييرات الهيكلية في قوة العمل. هناك بالطبع قاعدة التباعد الاجتماعي بالالتزام بمتر ونصف ولكن في مكان مثل المسالخ، يمكن أن تكون عصية على التنفيذ.
لذا بدلا من هذا دعا البروفيسور كوي إلى توفير معدات حماية للعاملين في المسالخ تشبه تلك التي يرتديها عمال الخطوط الأمامية من أطباء وممرضين.
وقال البروفيسور كوي "لا يمكن تجنب أن يكون الناس قريبين من بعضهم لأوقات طويلة، لذا فإنه يجب أن يتم تدريبهم على وإعطائهم معدات الحماية الشخصية."
وأكد أن توزيع معدات حماية مثل الكمامات، سيقلل من مخاوف الوقوف بجوار شخص قد يكون حاملا للعدوى، لأن الأعراض قد تستغرق حتى 48 قبل أن تظهر. بالإضافة إلى ذلك قال البروفيسور كوي إن العاملين لا يجب أن يتزاحموا عندما يحصلون استراحة من العمل.
واقترح البروفيسور كوي أن يكون هناك أوقات للراحة متقطعة ولمجموعات منفصلة: "لا يجب أن يحصل الجميع على وقت الراحة في نفس الوقت وفي نفس المكان."