بعد اختتام المونديال ورحيل المشجعين: هل سيذكر العالم معاناة العمال المهاجرين في قطر؟

في الفترة التي سبقت كأس العالم، كان المنتخب القطري من بين الذين دفعوا قطر لتحسين معاملتها للعمال المهاجرين. فهل استجابت الإمارة النفطية للنداءات وماذا سيكون إرث المونديال؟

Anish, a Nepali migrant worker who helped build Qatar's Lusail stadium.

Anish, a Nepali migrant worker who helped build Qatar's Lusail stadium. Credit: Supplied

Key Points
  • اتُهمت قطر بانتهاك حقوق العمال المهاجرين
  • دافعت الفيفا عن قطر ووصف النقاد الغربيين بالنفاق
  • تدعو الجماعات الحقوقية إلى إجراء تحقيقات أكثر شمولاً في وفيات العمال المهاجرين
ترك أنيش عائلته المنكوبة بالفقر في نيبال للمساعدة في بناء ملعب لوسيل القطري، على أمل توفير ما يعيل عائلته.

وقد وُعد بدفع أجره في الموعد المحدد وبإقامة لائقة وطعام مجاني، وقيل له إن الشركة التي سيعمل لديها "لطيفة".

لكن الواقع الذي عاشه أنيش كان عكس ذلك.

"عليك أن تفعل شيئًا عندما لا تستطيع توفير طعام كافٍ للأكل، وكان علينا أن نسافر إلى الخارج".

"لم أتمكن من إخبار والديّ بحقيقة ما كان يحدث بالفعل. كانوا قلقين بشأن ابنهم. لو أخبرتهم القصة كاملة، كانوا سيصابون بالحزن".

"لا بأس إذا كنت غير سعيد، لكن لا يمكنني رؤية عائلتي حزينة."

وفقًا لجمعية Equidem الخيرية لحقوق الإنسان وحقوق العمال، فإن آنيش مدين بآلاف الدولارات في شكل أجور غير مدفوعة ورسوم غير قانونية.

يقول أنيش، "كان من المفترض أن يكون الطعام مجانياً". لكن تم الاقتطاع من أجره لتغطية تكاليف الطعام، وهو ما يعد شكلاً من أشكال العبودية الحديثة - عبودية الديون.

كان الطقس حاراً جداً عندما كان أنيش وغيره من العمال المهاجرين يقومون ببناء الملاعب الحديثة، وقال "حتى لو شربنا 10 زجاجات من الماء، لم نكن نشعر بالحاجة إلى التبول".

وقال إنه إذا اشتكى العمال، كان يتم الاقتطاع من أجورهم.
وقالت جمعية Equidem إن شركة HBK للمقاولات، صاحب العمل السابق لآنيش، لم ترد على طلبها للتعليق.

بعد الإدانة الدولية لقطر لمعاملتها للعمال المهاجرين، والانتقادات اللاذعة للفيفا لمنحها البطولة المرموقة لقطر زعم قادة الإمارة النفطية والفيفا أن قطر تسعى جاهدة لمعالجة سجلها في مجال حقوق الإنسان.

وفي مؤتمر صحفي عشية كأس العالم في نوفمبر/ تشرين الثاني، استنكر رئيس الفيفا جياني إنفانتينو النقاد الغربيين لما زعم أنه نفاق وأعلن أن قطر ستفتتح وحدة لرعاية العمال.

ما هي القضايا المتعلقة بالعمال المهاجرين في قطر؟

العدد الحقيقي للوفيات من العمال المهاجرين الذين يبنون البنية التحتية لكأس العالم في قطر متنازع عليه ويصعب التحقق منه بسبب المعلومات المحدودة التي قدمتها الحكومة القطرية.

ومع ذلك ، تشير دراسة قام بها Tord Kjellstrom ، الأستاذ المقيم في نيوزيلندا في مجال تغير المناخ والصحة العالمية، إلى صحة الادعاءات القائلة بأن وفيات العمال المهاجرين كانت ناجمة عن الحرارة الشديدة، وكان من الممكن تجنبها.

فقد وجدت الدراسة التي أجريت بين عامي 2009 و2017 وجود علاقة قوية بين متوسط مستويات الحرارة الشهرية بعد الظهر ومعدل الوفيات بأمراض القلب والأوعية الدموية بين العمال.

على الصعيد العالمي، كانت 15% من وفيات الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن بين المهاجرين النيباليين في قطر، كانت الأرقام 22% في موسم البرد و58% خلال الموسم الحار.
Two pie charts showing deaths globally and for Nepali migrant workers in Qatar
Source: SBS
وقال البروفسور كيلستروم "خلصنا إلى أن السبب في ذلك هو أن العمال قاموا بأعمال شاقة في بيئة حارة عندما كانوا يحتاجون إلى الراحة لحماية صحتهم".

وتشمل مجالات الاستغلال الأخرى المبلغ عنها الأجور غير المدفوعة، ورسوم التوظيف الكبيرة غير المتوقعة التي يتكبدها العمال، وعدم تمتع العمال بالحق في ترك وظائفهم.

وكان المنتخب الأسترالي من الذين رفعوا الصوت لزيادة الوعي بظروف العمال المهاجرين في قطر.

وقال اللاعبون في مقطع فيديو نُشر قبل البطولة، " "هؤلاء العمال المهاجرون الذين عانوا ليسوا مجرد أرقام. تماماً مثل المهاجرين الذين رسموا معالم بلادنا وكرة القدم لدينا، كانت لديهم نفس الشجاعة والتصميم لبناء حياة أفضل".

كيف ردت قطر والفيفا؟

قال إنفانتينو إن على الغرب أن ينظر في سجلاته في مجال حقوق الإنسان قبل أن ينتقد قطر.

أضاف: "أعتقد أنه بسب ما كنا نفعله نحن الأوروبيين في جميع أنحاء العالم منذ 3,000 سنة، يجب أن نعتذر طوال الـ 3,000 سنة القادمة، قبل أن نبدأ في إعطاء دروس في الأخلاق".

"اليوم أشعر أنني قطري. أشعر بالعربية. أشعر بأني أفريقي. أشعر بأنني مثلي. أشعر بالعجز. أشعر كعامل مهاجر".

ووصفت هيومن رايتس ووتش تصريحات المليونير السويسري بأنها "سخيفة".
لكن رئيس الفيفا أكد للصحفيين أن منظمته، إلى جانب قطر، تحرزان تقدماً نحو تحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان.

ووعدت الفيفا بتخصيص التمويل لإنشاء مركز للتميز العمالي بالشراكة مع منظمة العمل الدولية لتبادل أفضل الممارسات في "مسائل العمل" ودعم الالتزام بمبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان عند تنظيم بطولات الفيفا.
Sوقد علمت أس بي أس أن منظمة العمل الدولية ستنشئ مكتباً دائماً في الدوحة يضم وحدة لتمثيل العمال.

وقال إنفانتينو إنه لا تزال هناك "بعض الإجراءات الشكلية المتبقية" قبل إنشاء المكتب.

ودعا الاتحاد الدولي لعمال البناء والأخشاب (BWI) قطر إلى إنشاء مركز للعمال المهاجرين لأكثر من عقد، وقال إنه أمر بالغ الأهمية لإرث البلاد.

وقال الاتحاد، "هذا إرث لقطر والعالم سوف يعيش بعد انتهاء بطولة كأس العالم. ومع ذلك، حتى الآن، لا توجد علامة على أن التغيير المستدام وشيك".

ولا يزال العمال الوافدون غير قادرين على تشكيل نقابات عمالية أو الانضمام إليها في قطر.

ماذا سيكون إرث مونديال قطر بالنسبة لحقوق العمال الوافدين في المنطقة؟

قالت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر إن بطولة كأس العالم "ساهمت في إرث من التقدم والممارسة الأفضل وتحسين الحياة - وهو إرث سيعيش طويلاً بعد تسديد الركلة النهائية".

في عام 2020، تم الإشادة بقطر لإصلاحها نظام الكفالة، وهو نظام حوكمة للعمال المهاجرين في دول الخليج يُلزمهم بالتبعية لصاحب عملهم.

وسمحت الإصلاحات للعمال المهاجرين بتغيير وظائفهم دون إذن صاحب العمل ووضع حد أدنى أعلى للأجور لجميع العمال، بغض النظر عن الجنسية، مما جعل قطر أول دولة خليجية تسمح بذلك.
وفقاً لمنظمة العمل الدولية، تمت الموافقة على أكثر من 350 ألف طلب لتغيير الوظائف في العامين التاليين لإدخال تشريعات جديدة، مما يحقق "نتائج إيجابية للاقتصاد القطري ككل".

لكن بعض الجماعات الحقوقية تدعو لتقديم إرث إيجابي من البطولة، بحيث يجب على الحكومة القطرية التحقيق بشكل صحيح في وفاة العمال المهاجرين.

بعد وفاة العامل المهاجر الفلبيني أليكس، الذي لقي حتفه مؤخراً أثناء عمله على إصلاح ملعب خلال دور المجموعات، انزعج مدرب كأس العالم القطري من الصحفيين لسؤالهم عن الحادث.

وقال ناصر الخاطر الرئيس التنفيذي لكأس العالم 2022 بالدوحة "الموت جزء طبيعي من الحياة سواء في العمل أو في نومك".

"نحن في منتصف كأس العالم. ولدينا كأس عالم ناجحة. وهذا شيء تريد التحدث عنه الآن؟"

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن العديد من وفيات العمال المهاجرين تم الإعلان أنها "أسباب طبيعية" أو "سكتة قلبية" ولم يتم التحقيق فيها بشكل صحيح.

وطالبت الجماعة في بيان بتعويض أسرة أليكس.

وقالت المجموعة: "علمت قطر والفيفا بلا شك الآن أن العالم يشاهد أكثر من مجرد المباريات، ويشهدان تجاهلاً صارخاً من قبل المسؤولين للعمال المهاجرين الذين بنوا البنية التحتية التي جعلت كأس العالم هذه ممكنة".

وبدلاً من محاولة تفادي الانتقادات، يتعين على قطر والفيفا تصحيح هذه الأخطاء من خلال تعويض العمال المهاجرين وأسرهم.

في هذه الأثناء قالت الحكومة القطرية إنها تحقق في وفاة أليكس.

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و و


توجهوا الآن إلى للاطلاع على آخر الأخبار الأسترالية والمواضيع التي تهمكم.



يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر  أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على 



يمكنكم أيضًا مشاهدة أخبار في أي وقت على SBS On Demand.

شارك
نشر في: 12/12/2022 3:44pm
By Tom Canetti, Andrew Chappelle
المصدر: SBS