مونديال قطر 2022: عرس الكرة العالمي المجبول بالدماء والعرق

في الثاني من كانون الاول/ديسمبر 2010 قفز أمير قطر حينها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في الهواء تعبيراً عن فرحه بإعلان الرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم – الفيفا جوزيف سيب بلاتر فوز الدوحة بشرف تنظيم كأس العالم عام 2022.

Al Janoub Stadium, one of the eight venues to host the FIFA World Cup 2022 in Qatar. The stadium was designed by British-Iraqi architect Zaha Hadid.

Al Janoub Stadium, one of the eight venues to host the FIFA World Cup 2022 in Qatar. The stadium was designed by British-Iraqi architect Zaha Hadid. Source: Getty

منذ ذلك التاريخ، أنفقت الامارة الصغيرة، ولكن الغنية بالغاز مليارات الدولارات لبناء العديد من الملاعب الرياضية ومنشآت البنية التحتية وشبكة مواصلات وجسور وفنادق لضمان أن يكون مونديال قطر 2022 الأفضل على الإطلاق والأكثر تنظيماً في تاريخ اللعبة الشعبية الاولى في العالم، حيث من المنتظر أن يزور قطر أكثر من مليون ومئتي ألف شخص من مختلف دول العالم لحضور المونديال.


النقاط الرئيسية

  • أنفقت قطر مليارات الدولارات لبناء الملاعب الرياضية ومنشآت البنية التحتية استعداداً لاستضافة مونديال
  • تم دفع ثمن بشري باهظ مقابل قصة النجاح هذه
  • جاء في تقرير للأمم المتحدة أن حوالي ألفي عامل أجنبي فقدوا أرواحهم خلال أعمال البناء معظمهم من النيبال والهند الفيليبين

وبالفعل، أشاد رئيس الفيفا الحالي السويسري جياني اينفانتينو في عدة مناسبات بعد زيارات قام بها إلى قطر للاطلاع على التحضيرات الجارية بالتقدم المحرز قائلاً إن ذلك سيعني أن المونديال المقبل الذي سيقام بين 21 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر المقبلين سيكون نسخة استثنائية في تاريخ اللعبة.

ولكن ينبغي الإشارة إلى أن هناك ثمناً بشرياً باهظاً دُفع مقابل قصة النجاح هذه. وهو ما دأبت منظمات حقوقية مدافعة عن حقوق الإنسان على الإشارة اليه منذ سنوات. فقد وثّقت العديد من التقارير الحقوقية الدولية انتهاكات واسعة النطاق بحق العمالة الأجنبية المشاركة في بناء منشآت مونديال قطر.
FIFA President Gianni Infantino
FIFA President Gianni Infantino Source: AP
وجاء في تقرير لمفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان صدر في أيار/مايو 2019 أن حوالي ألفي عامل أجنبي فقدوا أرواحهم خلال أعمال البناء، معظمهم من النيبال والهند الفيليبين. وتحدث التقرير عن ظروف عمل غير إنسانية لا يتم فيها الالتزام بأي معايير سلامة أو أمان، والعمل لأكثر من 12 ساعة يومياً في درجات حرارة شديدة الارتفاع وبأجر لا يتجاوز 6 دولارات في اليوم.

وقال هانز كريستيان غابريلسن زعيم الاتحاد النرويجي لنقابات العمال في نفس العام إنه "إذا وقفنا دقيقة صمت لكل وفاة لعامل مهاجر في أعمال إنشاءات كأس العالم في قطر فإن أول 44 مباراة من البطولة ستُلعب في صمت.

من جهتها، انتقدت منظمة العفو الدولية في عدد من تقاريرها سجل قطر في مجال حقوق الإنسان، مشيرة إلى ظروف صعبة وقاسية يعاني منها العمال الأجانب، بما في ذلك ضآلة الرواتب و عدم دفعها بانتظام وسوء الطعام ومصادرة جوازات السفر، وضعف الحماية القانونية.

وفي نيسان/ابريل الماضي، نددت منظمة العفو الدولية بظروف عمل آلاف حراس الأمن الأجانب العاملين في المشاريع الخاصة بكأس العالم في قطر ، معتبرة أنه يمكن مقارنة هذه الظروف بالعمل القسري. وأشارت إلى أن أي شكوى من سوء المعاملة تعرض المشتكي للطرد من العمل والترحيل من البلاد. ودعت المنظمة الاتحاد الدولي لكرة القدم لدفع 440 مليون دولار لصالح عمال أجانب قالت إنهم تعرضوا لسوء معاملة خلال عملهم في منشآت مونديال قطر.
General view of the Al Janoub Stadium, one of the eight venues to host the FIFA World Cup 2022 in Qatar
General view of the Al Janoub Stadium, one of the eight venues to host the FIFA World Cup 2022 in Qatar Source: IPA Milestone
في المقابل، تنفي السلطات القطرية بشدة الاتهامات الموجهة اليها في هذا الإطار، مؤكدة أنها أدخلت إصلاحات جذرية على قانون العمل واعتمدت حداً أدنى للأجور. 

وقالت وزارة العمل القطرية إنها اتخذت إجراءات فورية لمعالجة المخالفات في كل مرة تم إبلاغها بها، مشددة على أن عدد الشركات الخاصة والعامة التي تخرق القواعد انخفض ويستمر في الانخفاض.

وفي بيان صدر عنها في أيار/مايو الماضي، أكدت وزارة العمل القطرية أن ما قامت به خلال الفترة القصيرة الماضية على صعيد إصلاح أوضاع العمالة الأجنبية يتطلب سنوات لإقراره في دول أخرى، مؤكدة أنها أصبحت نموذجاً يحتذى في هذا المجال.
An aerial view of Ahmad Bin Ali stadium at sunset on June 23, 2022 in Al Rayyan, Qatar
An aerial view of Ahmad Bin Ali stadium at sunset on June 23, 2022 in Al Rayyan, Qatar Source: Getty Images Europe
و استناداً الى بيان الوزارة، فإن السنوات الخمس الماضية شهدت إقرار قوانين تسهل انتقال العمال من عمل إلى آخر، كما تسهل الحصول على تأشيرات الخروج من البلاد، فضلاً عن تشديد الرقابة على عمليات التوظيف والتعويض وتوفير السكن الملائم والعناية الصحية المناسبة. ودعت الوزارة المنظمات الدولية غير الحكومية لزيارة قطر والاطلاع ميدانياً على ما تم من إصلاحات، مؤكدة أنها ستوفر لها سبل التواصل مع المسؤولين الحكوميين ومناقشة وجهات النظر المختلفة.

في كل الأحوال، في الساعة الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي في 21 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ومع انطلاق صفارة البداية لمباراة قطر – الأكوادور الافتتاحية على أرض ملعب البيت الذي يتخذ اسم وطابع الخيام التقليدية التي عاش فيها سكان الصحراء في منطقة الخليج والذي يتسع لستين ألف متفرج، على الأرجح ستصبح كل هذه الاتهامات والردود عليها في ذمة التاريخ... والأرشيف.  


شارك
نشر في: 22/07/2022 1:34pm
By Hashem El-Haddad
المصدر: SBS