فرضت حركة طالبان سيطرتها على مراكز القوة في أفغانستان فيما لا يزيد عن تسعة أيام.
وبالرغم من أن مسلحي الحركة لم يواجهوا مقاومة تذكر حتى في مركز سلطة الحكومة الأفغانية التي كانت تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة كابول، إلا أن مشاهد الهلع في مطار كابول الدولي بينما هرع الآلاف من الأفغان للهرب من طالبان، دلت على مخاوف حقيقية من أفغانستان تحكمها طالبان.
طالبان بنكهة حديثة
في اليوم التالي لمشاهد التزاحم على طائرة النقل العسكرية الأمريكية سي-17 في مطار كابول، أقامت الحركة مؤتمراً صحفياً أكدت فيه أن الحرب انتهت في أفغانستان، وأنها قد عفت عن جميع خصومها.
حيث قال المتحدث باسم الحركة ذبيح الله مجاهد إن زعيم حركة طالبان هبة الله أخوند زاده عفا عن الجميع.
In this undated photo, the new leader of Taliban fighters, Mullah Haibatullah Akhundzada poses for a portrait. Source: AP
كل الذين هم في المعسكر المعارض تم العفو عنهم من الألف إلى الياء. نحن لا نريد الثأر
وقال مجاهد إن طالبان ستشكل حكومة قريباً من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل حول أعضائها، مكتفيا بالقول إن الحركة "ستقيم روابط مع كل الأطراف".
تاريخ طالبان وحقوق المرأة
ازدادت المخاوف الدولية من تراجع الحريات في أفغانستان تحت حكم طالبان، ولا سيما في مجال حقوق المرأة.
إذ إن تاريخ طالبان في حكم أفغانستان ما بين 1995 و2001، شمل سياسات متشددة ضد المرأة، مثل منع الفتيات فوق سن العاشرة من التعليم في المدارس وفرض البرقع على جميع النساء ومنعهن من العمل.
كما كانت المتهمات بالـ"زنى" يُجلدن ويُرجمن حتى الموت.
ومع هذا قال ذبيح الله في المؤتمر الصحفي يوم الثلاثاء إن طالبان تدعو النساء للعمل.
نتعهد السماح للنساء بالعمل في إطار احترام مبادئ الإسلام
وفي مقابلة الثلاثاء من الدوحة مع شبكة "سكاي نيوز" حرص متحدث آخر باسم طالبان هو سهيل شاهين على إعطاء ضمانات حول تعليم الفتيات.
"الفتيات يمكنهن تلقي تعليم من المرحلة الابتدائية الى الجامعة".
ومع هذا يبقى الغرب مشككاً حيال طالبان بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان في ظل نظامها السابق والتصميم الذي أبداه الأفغان المحاولون للفرار من البلاد.
الواقع على الأرض
انتشرت مقاطع فيديو تداولها الملايين على الإنترنت لسيدات أفغانيات يرفعن لافتات احتجاجاً على حكم طالبان أمام مسلحين من الحركة. ولم يبدو في المقطع أن المسلحين تعرضوا لهن بشكل أو بآخر.
وفي هراتهرات الواقعة على بعد 150 كلم من الحدود الإيرانية غرباً، عادت الفتيات إلى المدارس بشكل طبيعي.
وأبدت مديرة مدرسة تدعى بصيرة بصيراتكاً تفاؤلاً حذراً قائلة إنها "تشكر الله" للتمكن من إعادة فتح مؤسستها بمثل هذه السرعة.
تلميذاتنا العزيزات يأتين الى الصفوف بأعداد كبرى وهن يضعن الحجاب. الامتحانات مستمرة
وقالت إحدى الطالبات وتدعى رقية،"نريد أن نتقدم مثل البلدان الأخرى. ونأمل أن تحافظ طالبان على الأمن. لا نريد الحرب، نريد السلام في بلادنا".
وكان قد احتشد عدد من المتظاهرين في مدينة جلال آباد الشرقية، حيث رفعوا علم أفغانستان الأحمر والأخضر والأسود بدلاً من علم طالبان الأبيض، وبحسب ما صرحت به مصادر إعلامية تم إطلاق أعيرة نارية لتفريق الحشود، أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص.
رد فعل الدول الغربية: ثقة حذرة
قالت ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأميركي، للصحافيين إنّ مجلس الأمن الدولي أصدر بإجماع أعضائه الإثنين بياناً طالب فيه بأن تشكّل في أفغانستان "من خلال مفاوضات موسّعة، حكومة جديدة موحّدة وجامعة تشمل خصوصاً مشاركة كاملة وكبرى للنساء".
البيان يُظهر أنّنا جميعاً لدينا نفس الموقف الذي يدعو طالبان إلى ضمان العدالة والمساواة في الحقوق والاندماج، حتّى لا تكون هناك أعمال عنف، وحتى يتمكّن الناس من المغادرة إذا ما رغبوا في ذلك.
وخلافاً للعديد من القوى الغربية، أبقت الصين سفارتها في كابول مفتوحة ولا يزال سفيرها موجوداً في العاصمة الأفغانية.
وترى الصين في الانسحاب الأميركي من أفغانستان فرصة لتعزيز مشروعها الاقتصادي الضخم "طريق الحرير الجديد" الذي انضمّت إليه كابول في 2016.
بدورها أبقت موسكو على تمثيلها الدبلوماسي في أفغانستان، في وقت يغادر فيه الغربيون هذا البلد في ظلّ فوضى عارمة. كما اعتبرت الثلاثاء أنّ حركة طالبان ترسل إشارات إيجابية في ما يتعلّق بالحريات وبتقاسم السلطة وبأنّها تتصرف بطريقة "متحضّرة" في كابول.
A Taliban fighter in front of main gate leading to the Afghan presidential palace in Kabul. Source: AP
