أكثر من 100 قتيل في انفجارين بجنوب إيران تزامنا مع إحياء ذكرى سليماني

قتل أكثر من 100 شخص جراء انفجارين وقعا بفارق دقائق في جنوب إيران واستهدفا حشودا كانت تحيي الذكرى السنوية الرابعة لمقتل اللواء قاسم سليماني بضربة أميركية.

A white Peugeot sedan damaged by an explosion

Two explosions struck a crowd marking the anniversary of the 2020 killing of Qassem Soleimani by the United States. Source: AFP / Tasnim News

وقع الانفجاران اللذان اعتبر مسؤول محلي أنهما عمل "إرهابي"، قرب مقبرة الشهداء في محافظة كرمان حيث يرقد سليماني، وفي ظل ظروف إقليمية شديدة التوتر على خلفية الحرب بين إسرائيل، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الحليف الوثيق لطهران.

وأوردت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" أن "عدد الشهداء ارتفع الى 103 بعد وفاة أشخاص أصيبوا بجروح في الانفجارين الإرهابيين" من بينهم ثلاثة من عمال الإنقاذ الذين هرعوا إلى المنطقة بعد الانفجار الأول، بحسب الهلال الأحمر الإيراني.

وأفاد التلفزيون الرسمي عن إصابة 211 شخصا، بعضهم في حال حرجة.

وتوعد المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي الأربعاء بـ"رد قاس" وقال في بيان إن "الاعداء الأشرار والمجرمين للأمة الإيرانية تسببوا مجددا بكارثة وأسقطوا عددا كبيرا من السكان الأعزاء في كرمان شهداء"، مؤكدا أن "هذه الكارثة ستلقى ردا قاسيا بإذن الله".

وأعلنت إيران الخميس يوم حداد وطني وأفاد التلفزيون "إثر الهجوم الإرهابي في كرمان (جنوب)، أعلنت الحكومة غداً (الخميس) يوم حداد وطني في سائر أنحاء البلاد".

الى ذلك، نقل التلفزيون الرسمي عن رحمن جلالي، نائب حاكم محافظة كرمان التي يتحدر منها سليماني، قوله إن الانفجارين "هجوم إرهابي".
People injured in explosions are helped to walk outside a hospital.
Iran's president Ebrahim Raisi condemned the twin blasts that killed at least 103 people in the country's south where crowds gathered to mark the killing of general Qassem Soleimani. Source: AFP / Sare Tajalli
وندد الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي الاربعاء بالتفجيرين معتبرا ان ما حصل عمل "جبان" و"مشين".

وأعلن نائب الشؤون السياسية في مكتب الرئيس الإيراني أن الأخير ألغى زيارته لتركيا التي كانت مقررة غدا الخميس، وفقا لوكالة "تسنيم".

كذلك، ندد نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالانفجارين "الصادمين بوحشيتهما" اللذين وقعا الأربعاء في جنوب إيران، فيما دان الأردن "الهجوم الإرهابي".

وأعربت السعودية الأربعاء عن "رفضها وإدانتها للتفجيرات الإرهابية" التي استهدفت حشودا في جنوب إيران، وأكدت وزارة الخارجية السعودية في بيان "رفض المملكة العربية السعودية وإدانتها للتفجيرات الإرهابية التي استهدفت المدنيين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية".

وندد الاتحاد الاوروبي بما اعتبره "عملا ارهابيا" مبديا تضامنه مع الشعب الايراني.
كذلك، صدرت ادانة "شديدة" للتفجيرين من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش على لسان المتحدث باسمه.

ودانت حركة حماس "الهجوم الإجرامي في مدينة كرمان، جنوب شرق إيران، والذي استهدف المدنيين وأوقع فيهم أكثر من مئة شهيد"، مؤكدة في بيان رفضها "كافة الأعمال الإرهابية التي تستهدف المدنيين وتسعى لزعزعة الاستقرار والأمن في الجمهورية الإسلامية، خدمةً لأجندة الكيان الصهيوني ومخططاته الخبيثة التي تستهدف أمن ومصالح شعوب المنطقة".

ومع حلول الليل، عاد عدد كبير من الأشخاص إلى مقبرة كرمان وهم يهتفون "الموت لإسرائيل!" و"الموت لأميركا!". وفي طهران، تجمع آلاف الأشخاص لإحياء ذكرى مقتل سليماني.

وقالت زينب ابنة سليماني "نحن ندين الهجوم الإرهابي الرهيب الذي وقع اليوم (...) وآمل أن تحدَّد هوية مرتكبي هذه الجريمة وأن يعاقَبوا".

من جهتها، رفضت الولايات المتحدة الاربعاء أي مزاعم عن ضلوعها او ضلوع حليفتها اسرائيل في التفجيرين في جنوب ايران.

وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية ماثيو ميلر للصحافيين إن "الولايات المتحدة ليست ضالعة في أي حال من الاحوال (في التفجيرين)، وأي قول يعاكس ذلك هو أمر سخيف"، مضيفا "لا سبب لدينا للاعتقاد أن اسرائيل ضالعة في هذا الانفجار".

وردا على سؤال بشأن الانفجارين، قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري "نحن نركز على القتال مع حماس".

ولم تقدم السلطات الإيرانية بعد تفاصيل بشأن التفجيرين. الا أن وكالة تسنيم نقلت عن مصادر مطلعة لم تسمّها، قولها إن "حقيبتين تحملان متفجرات انفجرتا" على الطريق المؤدي الى مسجد صاحب الزمان حيث المقبرة.

وأضافت أن "منفذي... هذا الحادث قاموا على ما يبدو بالتفجير باستخدام جهاز تحكم عن بعد".

وأظهرت اللقطات وجود الآلاف على الطريق، قبل أن يُسمع من بعيد دوي انفجار أثار هلعا بين الحاضرين الذين بدأ كثر منهم بالركض للابتعاد عن المكان. كما أمكن رؤية دخان يتصاعد في الخلفية، بينما عمل عناصر من قوات الأمن على فرض طوق. وأظهرت المشاهد على التلفزيون الرسمي العديد من سيارات الاسعاف والمسعفين في المكان.
ونقلت وكالة "إيسنا" عن محافظ كرمان سعيد تبريزي قوله إن الانفجارين وقعا بفارق عشر دقائق فقط.

كذلك، نقلت الوكالة عن شاهد قوله "كنا نسير نحو المقبرة عندما توقفت سيارة خلفنا فجأة وانفجرت سلة مهملات تحوي قنبلة".

وكانت الجموع تحيي الذكرى الرابعة لمقتل سليماني بضربة جوية أميركية فجر الثالث من كانون الثاني/يناير 2020 بعيد خروجه من مطار بغداد. وقضى معه نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس.

وكان سليماني في حينه قائدا لفيلق القدس الموكل العمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، وأحد أبرز القادة العسكريين للجمهورية الإسلامية، وصاحب دور محوري في رسم استراتيجيتها في الشرق الأوسط على مدى أعوام طويلة.

ويعزى الى سليماني الدور الأكبر في إرساء "محور المقاومة"، وهي التسمية التي تطلق على الأطراف الحليفة لطهران في المنطقة، مثل حزب الله اللبناني وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، والحوثيين في اليمن، إضافة الى بعض الفصائل العراقية.

وحظي سليماني بمكانة رفيعة لدى العديد من الإيرانيين وشارك الملايين منهم في تشييعه مطلع العام 2020 خلال مراسم تنقلت بين محافظات عدة وصولا الى مواراته الثرى في مسقطه كرمان.

وينسب الى سليماني دور كبير في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية بعد سيطرته على مساحات واسعة من العراق وسوريا خلال العقد المنصرم.

وأشاد به المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي بعد أيام من مقتله بالقول "قتلوا شخصًا كان القائد الأكثر قوّة في الحرب على الإرهاب (...) بعملية غادرة وجبانة وقد اعترفوا بها، فأي خزي وعار أكبر من ذلك لهم".

وأثار قتل سليماني بأمر مباشر من الرئيس الأميركي في حينه دونالد ترامب، توترا حادا بين واشنطن وطهران التي ردّت على اغتياله بقصف صاروخي طال قاعدة عسكرية في غرب العراق يتواجد فيها جنود أميركيون.
ويأتي انفجارا الأربعاء في خضم توتر إقليمي متصاعد على خلفية الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة.

كما وقعا بعد أيام من اتهام طهران للدولة العبرية بقتل القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي جراء ضربة قرب دمشق حيث كان يؤدي مهاما "استشارية" ضمن "محور المقاومة" في سوريا. كما جاء التفجيران غداة مقتل القيادي في حركة حماس صالح العاروري في ضربة منسوبة الى إسرائيل في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وسبق لإيران أن شهدت حوادث وتفجيرات أدت الى مقتل العشرات، تبنت غالبيتها تنظيمات انفصالية أو جماعات تصنّفها الجمهورية الإسلامية "إرهابية".

ففي شباط/فبراير 2019، قتل 27 عنصرا من الحرس الثوري في تفجير انتحاري استهدف حافلتهم في محافظة سيستان بلوشتان بجنوب شرق البلاد عند الحدود مع أفغانستان وباكستان.

وفي أيلول/سبتمبر 2018، قتل 24 شخصا على الأقل في هجوم استهدف عرضا عسكريا في مدينة الأهواز بجنوب غرب إيران، اتهمت السلطات مجموعة مرتبطة بـ"انفصاليين تكفيريين" بالوقوف خلفه.

وفي كانون الأول/ديسمبر 2010، تبنت مجموعة "جند الله" المتطرفة هجوما انتحاريا استهدف مصلين يحيون ذكرى عاشوراء في جابهار (جنوب شرق)، ما أدى الى مصرع 34 شخصا وإصابة عشرات.

وفي تموز/يوليو من العام نفسه، قتل 28 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من 250 بجروح في اعتداء على مسجد للشيعة في زاهدان مركز محافظة سيستان بلوشستان، أتى بعد أسابيع من إعدام زعيم "جند الله" عبد الملك ريغي شنقا.

وتبنت المجموعة في تشرين الأول/أكتوبر 2009 هجوما انتحاريا أودى بـ42 شخصا في مدينة بيشين قرب الحدود الباكستانية، استهدف اجتماعا ضمّ ضباطا في الحرس الثوري وزعماء محليين لـ"تعزيز الوحدة بين الشيعة والسنة".

أكملوا الحوار عبر حساباتنا على و

اشتركوا في لتشاهدوا أحدث القصص والأخبار من أستراليا والعالم.

شارك
نشر في: 4/01/2024 9:54am
المصدر: AFP