نشعر جميعًا بالذنب، ولكن هل يمكننا تسخير الشعور بالذنب للأبد؟ شاهد حلقة Insight Guilt on
كان مارك ديفيدسون قناصًا للشرطة في عملية حصار مقهىLindt عام 2014 في سيدني.
يحكي ديفيدسون الشعور بالذنب الشديد الذي شعر به لمقتل رهينتين.
يقول الخبراء إنه في حين أن الشعور بالذنب يمكن أن يكون له تأثير قوي، إلا أنه يمكن أن يكون أيضًا عاطفة إيجابية عند تسخيره من أجل الخير.
عمل مارك ديفيدسون كرقيب شرطة سابق لمدة 24 عامًا في شرطة نيو ساوث ويلز.
قضى أحد عشر عامًا من تلك السنوات قناصًا كبيرًا وقائد فريق تكتيكي في وحدة العمليات التكتيكية التابعة للشرطة، والتي تستجيب للحالات المحلية عالية الخطورة ومكافحة الإرهاب.
ولكن عندما ذهب إلى العمل في 15 ديسمبر 2014، تغير مسار حياته ومهنته تمامًا.
كان مارك أحد القناصة المتمركزين داخل مبنى القناة السابعة في منطقة مارتن بليس بسيدني مع اندلاع حصار مقهى ليندت بعد أن احتجز المسلح مان هارون مونيس 17 شخصًا كرهائن، في بداية مواجهة استمرت 16 ساعة مع الشرطة.
اعتقد مارك وقتها أن لديه فرصة واضحة لقنص الجاني وفرصة لإنهاء الحصار وإنقاذ الرهائن.
«استطعت رؤية رأسه من خلال النافذة الرابعة التي تواجه مارتن بليس. قال مارك لبرنامج ـ Insight: «لقد كان ذلك بسبب انقطاع الاتصال من مركز القيادة إليّ، وفقدنا فرصة لإنهاء الحصار».
«كان لدينا حوالي 10 دقائق حيث تمكنا من رؤيته، وقد ضيعنا هذه الفرصة».
انتهى الحصار عندما قُتل اثنان من الرهائن، توري جونسون، مديرة المقهى، وكاترينا داوسون، بشكل مأساوي.
مع مرور الوقت، غمرته ذكريات الماضي، و «ماذا لو»، وفي النهاية شعور عميق بالذنب بسبب وفاتهم.
«لم يكن الأمر عقلانيًا بمعنى أنني لم أرتكب الحصار ولم أتسبب في وفاتهما "
وتابع بحزن: «لكن هناك شعور حقيقي بالذنب لأنه كان من الممكن إنقاذهما بواسطتي أو من قبل زملائي في ذلك الوقت».
بعد مقابلة تليفزيونية أجراها مارك في عام 2019 حيث تحدث عن حصوله على فرصة لإطلاق النار على مونيس، أصدرت شرطة نيو ساوث ويلز بيانًا قالت فيه إن القيام بذلك كان سيتطلب إحداث ثقب في لوح زجاجي في مبنى آخر ثم إطلاق النار من خلال تلك الحفرة في مقهى ليندت.
وقالت الشرطة إن الأمر كان سيستغرق «وقتًا طويلاً وسيولد ضجيجًا كان من الممكن أن يسمعه مونيس».
بعد الحصار، بذل مارك قصارى جهده للبقاء في عمله، لكن صحته االنفسية المتدهورة أجبرته على ترك الخدمة في نهاية المطاف.
على مدى العامين التاليين، عانى مارك من نوبات هلع وتم تشخيصه لاحقًا باضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب، وهو ما كان مدعومًا بإحساس عميق بالذنب.
يقول مارك: «لقد شعرت بالذنب بالفعل لعدم قتل شخص ما، وهي طريقة غير عادية للتعبير عن ذلك، لأن معظم الناس العاديين لديهم مقاومة متأصلة لقتل إنسان آخر».

David Spektor is a Clinical Psychologist, he says guilt is a corrective emotion. Source: SBS
هل الشعور بالذنب عاطفة مفيدة؟
قال عالم النفس الإكلينيكي ديفيد سبيكتور إن غالبية الأشخاص الذين يعالجهم يعانون من الشعور بالذنب، لكنه شعور لا يتم الحديث عنه كثيرًا، على الرغم من أنه عرض شائع للعديد من حالات الصحة العقلية، مثل اضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب.
يقول إن الشعور بالذنب يعمل مثل البوصلة الأخلاقية الداخلية الخاصة بنا. عندما نخطئ فيما نشعر أنه يتماشى مع هذه البوصلة، نشعر بالسوء.
ويوضح سبيكتور :«الشعور بالذنب هو عاطفة معقدة للغاية. فمن ناحية، يمكن أن يسبب معاناة لا توصف، ويمكن أن يستحوذ علينا حقًا بشكل كبير. لكن من ناحية أخرى، يمكن أن يكون ذلك بوصلة لصلاحنا الداخلي".
تميل كلمة الشعور بالذنب إلى أن تحمل دلالات سلبية بطبيعتها، ربما بسبب ارتباطها بالمحكمة والنظام القانوني لدينا، ولكن وفقًا لديفيد، فإن الانطباع الذي تولده هذه الكلمة غير دقيق.
وقال سبيكتور: «لسوء الحظ، نحن نعيش في مجتمع لا يسمح للناس بارتكاب الأخطاء، وهذا يخجلك لكونك ناقصًا أو معيبًا».
ثم تابع موضحا: «ولكن عندما تشعر بالذنب، فإن الشعور يمكن أن يجعلك تصلح شيئًا ما . لهذا السبب نسميها عاطفة تصحيحية».
وأضاف: «نتجنب الشعور [بالذنب] بأي ثمن لأنه مؤلم للغاية".

باتريشيا وزوجها شون. ولدت باتريشيا بمتلازمة إهلرز-دانلوس وتقول إن حالتها تعني أن زوجها يجب أن يلعب دورًا أكثر نشاطًا في الاعتناء بها وأطفالهما. Source: SBS
كيف يمكن أن يؤثر الشعور بالذنب على حياتنا اليومية
في حين أن الشعور بالذنب يمكن أن ينشأ نتيجة لتجارب مؤلمة للغاية كما هو الوضع في حالة مارك، إلا أنه يمكن أن يظهر أيضًا في العديد من السياقات اليومية.
ولدت باتريشيا سيمبسون بمتلازمة إهلرز-دانلوس، وهي اضطراب في النسيج الضام يمكن أن يؤدي إلى مرونة مفرطة في المفاصل أو عدم استقرارها وهشاشة الجلد. هذه الحالة مزمنة ويمكن أن تؤدي إلى متاعب يومية سيئة للغاية.
ونظرًا لأن حالتها أصبحت أكثر صعوبة على مر السنين، فقد اضطر زوجها شون إلى القيام بدور أكثر نشاطًا في العناية بها وأطفالها.
«إنه يتفانى في تقديم الرعاية لي، ليكون الأب والأم في بعض الأحيان عندما لا أكون هناك.
«لذا، أنا محظوظة، لكن لدي شعور بالذنب".
«في كثير من الأحيان، أعتقد أن زوجي لم يطلب هذا. في بعض الأحيان، بسبب الإعاقة التي أعاني منها، لا أستطيع فعل الأشياء التي يفعلها الآباء الآخرون مع أطفالهم".
التغلب على الشعور بالذنب واستخدامه من أجل الخير
تمكن كل من مارك وباتريشيا من شق طريقهم من خلال تجربة الشعور بالذنب للاستفادة من بعض الإيجابيات.
بعد أن غادر قوة الشرطة، دفع الشعور بالذنب مارك إلى التحدث ضد تعامل شرطة نيو ساوث ويلز مع الحصار في التحقيق في وفاة توري جونسون وكاترينا داوسون - وهي خطوة ساعدته على معالجة صدمته.
بالنسبة لباتريشيا، فقد تم تحويل هذا الشعور بالذنب إلى نموذج يحتذى به لأطفالها وغيرهم في التغلب على المحن.
«شعرت بالذنب ثم فكرت، «لا». يجب ألا أحبط، يجب أن أظهر للناس من حولي أن الأمر ليس كذلك، أن أظهر لأطفالي أنه لا يهم التحديات التي تواجهك، فستستطيع تخطيها" .
واختتمت حديثها قائلة: «أعتقد أن هذه هي الطريقة التي تعاملت بها مع شعوري بالذنب».