افتتاح المعرض الفني يُسلط الضوء على قوة وحكمة كبار السن من السكان الأصليين، كجزء من مهرجان "بوب أب نورث كوينزلاند" للفن المعاصر. حمل المعرض عنوان "صانعو الطريق" وضم 50 من كبار السن، عُرضت صورهم على عشر لوحات إعلانية ضخمة، تعبيراً عن التقدير والاعتراف بالدور المحوري الذي يلعبه هؤلاء الأشخاص في تشكيل نسيج المجتمع.
فكرة المعرض جاءت من منظمته فيكي سايلور، وهي من السكان الأصليين وتعود أصولها إلى تقاليد مالبارا. أمضت سايلور أكثر من ثلاثة عقود في العمل في مجال المشاركة الثقافية والتواصل المجتمعي، واستوحت فكرة المعرض من موضوع NAIDOC لعام 2023 "من أجل كبار السن". أرادت سايلور من خلال هذا المعرض تسليط الضوء على الأشخاص الذين تركوا بصمة لا تُمحى في تاريخ المجتمع المحلي، والذين غالبًا ما لا يُمنحون الفرصة الكافية للظهور والتعبير عن قصصهم.
تقول سايلور: "كنت أرغب في تنفيذ مشروع يعكس قيمة كبار السن في مجتمعنا، فهم الأشخاص الذين نعمل معهم ونستمد منهم القوة والإلهام في حياتنا اليومية". وتضيف: "اخترت اسم 'صانعو الطريق' لأنه يعبر عن الأجيال الحالية من كبار السن، وليس فقط عن الأجيال التي غادرتنا. أردت أن أركز على هؤلاء الذين ما زالوا بيننا، يسيرون معنا ويشاركوننا تجاربهم".
القصص التي تحملها كل بورتريه لم تكن مجرد صور، بل كانت انعكاسًا لتجارب حياة مليئة بالتحديات والانتصارات. ومع ذلك، كان من الصعب على سايلور إقناع كبار السن بالمشاركة في المشروع، نظراً لأن الكثير منهم لا يحبذون أن يكونوا في مركز الاهتمام.
من بين الصور التي تضمنها المعرض، صورة لسيدات يشاركن في حفلة شاي تقليدية في البرية، وصورة لشيوخ من جزيرة بالم يجتمعون حول نار على الشاطئ، وأخرى لضباط دعم في محكمة موري يقفون أمام أعلام السكان الأصليين وسكان جزر مضيق توريس. كما تضمن المعرض صورة للمؤلف العالمي العم بوري برايور، وصورًا لشيوخ يقفون بثبات أمام حريق قصب السكر، والعم راسل باتلر وهو يتحدى مياه شمال كوينزلاند.

Backo family members in 'Kanakas, The South Sea Story'. Source: Supplied / Pippa Samaya
تحكي سايلور كيف كانت العمة جوان شاهدة على العديد من الصدمات والأزمات التي مر بها الأطفال في الدار. ورغم كونها امرأة غير متزوجة وليس لديها أطفال، كانت العمة جوان قادرة على تقديم الحب والراحة للأطفال الذين لم يحصلوا عليهما من عائلاتهم. تقول سايلور: "أعجبت بصلابة العمة جوان وقدرتها على التواصل مع الأطفال وتقديم الرعاية لهم رغم كل التحديات".
LISTEN TO

"دولتي فعلت هذا": في الذكرى الثالثة لانفجار مرفأ بيروت، أين العدالة الضائعة؟
SBS Arabic
20:58
تشير سايلور إلى قصة مؤثرة أخرى، حيث التقت بأسرة من خلال مدرسة الأحد، كانت هذه الأسرة قد تلقت الرعاية من قبل العمة جوان في الدار. بعد سنوات، تحدثت إحدى الفتيات من تلك الأسرة، واسمها فلورنس، عن مدى تأثير العمة جوان عليها وعلى أشقائها، ووصفتها بـ"الملاك الأسود". استرجعت سايلور ذكريات فلورنس التي كانت تعتقد أن العمة جوان كانت "ملاكًا أسود" أرسله الله ليأتي كل ليلة ويساعدهم على النوم.
ورغم تردد العمة جوان في البداية بشأن المشاركة في المشروع، إلا أن سايلور استطاعت إقناعها بطريقة مبتكرة. استغرق تصوير البورتريه 10 دقائق فقط، وكان هذا التوقيت المثالي لتحقيق هذه اللحظة التي ستظل خالدة.

Uncle Russell Butler braving the waters to create this magical shot, 'Keeper of Culture'. Source: Supplied / Pippa Samaya
من أكثر جلسات التصوير التي أثرت في سايلور كانت تلك التي شاركت فيها مجموعة من العاملات في المركز الطبي المحلي. هؤلاء النساء الأربع جمعن بينهن أكثر من 200 سنة من تقديم الرعاية الصحية لمجتمعهن. تقول سايلور: "أردت أن تكون هذه الصورة ذات طابع فكاهي، لأن هؤلاء السيدات يتمتعن بروح مرحة للغاية، وكانت الجلسة مليئة بالضحك والمرح".
LISTEN TO

من هم الموحدون الدروز ولماذا يؤمنون بالتقمص؟
SBS Arabic
13:49
النتيجة النهائية للمشروع لم تكن مجرد صور، بل كانت لحظات من الفخر والاعتراف بأهمية كبار السن في المجتمع. عندما شاهد كبار السن صورهم لأول مرة، كانت ردود أفعالهم مليئة بالعاطفة والدموع. تعتقد سايلور أن المجتمع سيكون مندهشًا عندما يرى أفراد عائلاتهم مصورين بهذه الطريقة الجميلة والإيجابية.

Curator Vicki Saylor said this was her favourite photoshoot. Source: Supplied / Pippa Samaya