لطالما كانت الحرائق جزءا لا يتجزأ من الطبيعة الأسترالية. السكان الأصليون طوروا طرقا للتعامل مع النيران بشكل يضمن حمايتهم بل ومساعدتهم على تأمين عيشهم.
يستخدم السكان الأصليون النار من أجل التدفئة والإضاءة والتواصل بالدخان والطقوس وحتى الصيد، حيث يقومون بإشعال حريق في مساحة من الغابة ويقفون خارجها في انتظار فرار الحيوانات لصيدها.
لكن استخدام النيران ليس حكرا على الإنسان في أستراليا، حيث طورت بعض الطيور طرق لاستخدام النيران من أجل الصيد أيضا. الطيور التي تُعرف باسم "صقور النار" تتكون من ثلاثة أنواع: "الحدأة السوداء" و"الحدأة ذات الصفارة" و"الصقر البني" وكلها موطنها الأصلي أستراليا.
هذه الطيور الثلاث لطالما سجل السكان الأصليين قيامهم بنشر حرائق الغابات من خلال التقاط أعواد الأشجار المحترقة ونقلها جوا لإسقاطها على منطقة لم تطالها النيران بعد. لكن الأمر انتقل من الثقافة التقليدية إلى العلم الحديث قبل عام فقط من الآن، عندما نُشرت ورقة علمية محكمة في دورية الأحياء الإثنية المرموقة.

Black Kite - feeding on carrion togetherʠ,(Milvus migrans) Date: Source: Ardea Picture Library
اعتمد العلماء في هذه الورقة على شهادات من 16 شخص شاهدوا بأنفسهم أحد هذه الطيور أو كلها وهي تقوم بنشر النيران. جاءت تلك الشهادات من رعاة أبقار ورجال إطفاء وباحثين، منهم عالم الأنثروبولوجي المتقاعد كيم أكريمان.
بدأت رحلة هذا البحث عندما قرأ عالم الطيور بوب غوسفورد وأحد مؤلفي الدراسة فقرة في كتاب "أنا الأبورجيني"، الذي دون فيه (وايبولدانيا فيليب روبرتس) سيرته الذاتية عام 1964. في هذا الكتاب يقول روبرتس "رأيت صقرا يحمل غصنا متفحما في مخالبه ويسقطه على مساحة سليمة من العشب الجاف على بعد نصف ميل، ثم انتظر مع رفاقه الفرار الجماعي للزواحف والقوارض المرتعبة والمحترقة."
تجمع الطيور الجارحة حول الحرائق أمر شائع، وتم تسجيله في مناطق مختلفة، مثل غرب أفريقيا وبابوا نيو غينيا والبرازيل وفلوريدا وتكساس. وكما قال غوسفورد "الحدأة السوداء والصقر البني يأتون إلى مكان اشتعال الحرائق لأنها حرفيا تكون نوبة قتل مجنونة، نوبة من الالتهام المحموم للطعام، لأنه من الأرض الخضراء تخرج الطيور الصغيرة والسحالي والحشرات وكل شئ يريد الهرب من النيران."

fire hawkes hovering around fire Source: Supplied
لكن هذه الدراسة هي الأولى التي توثق قيام الطيور بنشر النيران. الباحث المشارك في الدراسة مارك بونتا قال "نحن لم نكتشف أي شئ جديد، أغلب البيانات التي قمنا بالتعاون فيها مع السكان الأصليين، تؤكد ما يعرفونه منذ 40,000 عاما أو يزيد."
لكن هذه النظرية ليست بعيدة عن النقد، حيث يظل السؤال قائما، إن كانت الطيور تقوم بنقل الأغصان المشتعلة عن عمد أو عن طريق الخطأ. طبقا لبونتا فإن الشهادات التي تم جمعها تؤكد أن هذا التصرف يتم عن عمد.
ولكن أنتوني مولينيكس من محمية آليس سبرينغز الصحراوية لديه رأي آخر "ماذا لو كان الطائر ينقض على فريسته فيخطأها، وبدلا من الإمساك بها، يمسك أحد الأغصان المشتعلة. وعندما يطيرون في الهواء ويجدون أنهم أخطأوا فيتركون ما أخذوه سواء كان حجر أو غصن مشتعل."
ورغم أن العلماء القائمين على تلك الدراسة لم يتمكنوا من التقاط قيام الطائر بنقل الأغصان المشتعلة في صورة أو مقطع فيديو، إلا أن الأدلة التي جمعوها والشهادات تكفي لإثبات قيام هذه الطيور بنشر النيران.

A drawing of a firehawk carrying a smoldered stick Source: Supplied
وقال رجال الإطفاء إن هذه الطيور لا تشكل خطرا في حالة الحرائق الخارجة عن السيطرة، ولكن عندما يتم وضع الحريق تحت السيطرة فإن تلك الطيور يمكنها نقل النيران إلى ما وراء خطوط الاحتواء أو الدفاعات لتعيد نشرها مرة أخرى، وعندها يكون سلوكها هذا خطيرا.
لكن غوسفورد أكد أن تلك الطيور لا يمكنها أن تبدأ الحرائق، بل تنشر الحرائق التي اشتعلت لأسباب أخرى.