ما بين الجائحة والخلافات السياسية: انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين

شهد حفل الافتتاح قيام أحد أفراد أقلية الأويغور المسلمة في الصين بإنارة المرجل الأوليمبي وذلك في أعقاب انتقادات ومقاطعات دبلوماسية غربية للحدث بسبب المعاملة السيئة لهذه الأقلية والتي لا زالت محور انتقادات حقوق الإنسان الدولية في الفترة الاخيرة.

A snowflake is displayed under the Olympic rings

The Opening Ceremony of the Beijing 2022 Winter Olympic Games took place on Friday. Source: USA TODAY Network/Sipa USA

افتتح الرئيس الصيني شي جين بينغ دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، والتي تأتي في إطار تفشي كبير للجائحة في الصين، وكذلك تشهد توترات دولية على الصعيد العالمي كما هو معتاد مع تلك الألعاب منذ حقبة الحرب الباردة.

وانتهى حفل الافتتاح المبهر بقيام عضو من أقلية الأويغور المسلمة في الصين بإنارة المرجل الأوليمبي، بعد ساعات من إعلان الرئيس الصيني عن تحالف استراتيجي جديد مع الرئيس الروسي الزائر فلاديمير بوتين.

وظهر نحو 3 الالاف مشارك في الاستاد الذي شهد حفل الافتتاح على مساحة 11 ألف متر مربع من الشاشات العملاقة قبل أن تتفرق الحشود المتفرجة بسبب قيود فيروس كورونا.

إن إضاءة المرجل الأوليمبي تتم عادة من قبل آخر رياضي في تتابع الشعلة، وظلت هويتهم سرية حتى اللحظة الأخيرة، وعادة ما تكون الذروة في نهاية حفل الافتتاح الأولمبي، وقد ثبت أن هذا الحدث مهم بشكل خاص.
Dinigeer Yilamujiang and Zhao Jiawen
Dinigeer Yilamujiang from Xinjiang was among the torchbearers. Source: YNA
أشعل دينيجير ييلاموجيانغ، المتزلج الريفي على الثلج البالغ من العمر 20 عامًا والمولود في ألتاي في منطقة شينجيانغ الغربية، الشعلة جنبًا إلى جنب مع الرياضي الاسكندنافي المشترك تشاو جياوين.

كانت معاملة الصين لمسلمي الأويغور في شينجيانغ - التي تعتبرها الولايات المتحدة إبادة جماعية - بمثابة حافز للمقاطعة الدبلوماسية من قبل العديد من الدول الغربية بما في ذلك الولايات المتحدة وأستراليا وكندا.

هذا وترفض الصين مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان وسعت إلى نقل روح التنوع وعدم الاقصاء خلال الحفل، الذي تم فيه تمرير العلم الصيني بين 56 شخصًا يمثلون مجموعاتها العرقية قبل رفعه للنشيد الوطني.

قام بإخراج الحفل المخرج السينمائي تشانغ ييمو، ليكرر دوره في نجاح تنظيم دورة الألعاب الصيفية في بكين لعام 2008.
ولكن، كما حدث في اليابان قبل ستة أشهر، فرضت الجائحة قيودًا كبيرة، من ضمنها تقليص عدد الزوار القادرين على حضور حفل الافتتاح والاستمتاع بالمشاهد المبهرة والعروض الراقصة داخل الاستاد.

مع استمرار الصين في التمسك بسياسة " القضاء على كوفيد-19 نهائيا" على الرغم من انتشار متحور الأوميكرون بسرعة في جميع أنحاء العالم، قرر المنظمون الشهر الماضي عدم بيع التذاكر للجمهورـ لتظل المدرجات خاوية في منظر مشابه لمثيلتها في اليابان العام الماضي.

على الرغم من أن أولمبياد بكين الشتوية أصغر حجمًا من دورة ألعاب 2008 - التي يطلق عليها اسم "حفلة الخروج" في الصين - إلا أن أولمبياد بكين الشتوية التي تنظمها الصين تتمتع بقدر أكبر من الازدهار والقوة والثقة وفي بعض الأحيان الصدام في عهد الرئيس شي.

قبل ساعات من بدء الحفل، كشف الرئيس تشي وبوتين عن تحالفهما، معلنين عن صداقة "بلا حدود" بين بلديهما.
Russian President Vladimir Putin
Vladimir Putin met his Chinese counterpart before the Opening Ceremony. Source: Pool Getty Images
يعد هذا التحالف تذكيرًا صارخًا بخلفية التنافس الجيوسياسي غير المرئي منذ المقاطعة المتبادلة للحرب الباردة في الثمانينيات، عندما رفضت الولايات المتحدة حضور الألعاب الأولمبية في موسكو وابتعد الاتحاد السوفيتي عن حضور دورة لوس أنجلوس لاحقا.

مع التوترات السياسية على جانبي المنطقة الأوراسية والتي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، اتخذ بوتين وشي جانبًا لبعضهما البعض علنًا بشأن مجموعة من القضايا وعلى الأخص المسألة الأوكرانية، حيث يتهم الغرب الرئيس الروسي بالاستعداد للحرب.

وشكر الزعيم الروسي - الذي استضاف دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الخاصة به في سوتشي في عام 2014، قبل أيام من إرسال القوات الروسية للاستيلاء على شبه جزيرة القرم في أوكرانيا -الرئيس الصيني على دعوته له، مضيفًا: "نحن نعلم بشكل مباشر أن هذه مهمة ضخمة".

في بيان روسي صيني مشترك، أيدت بكين دعوة روسيا طويلة الأمد لحلف شمال الأطلسي لوقف توسعها - وهو مطلب موسكو المركزي في نزاع مع الدول الغربية التي تقول إنها تعتقد أن بوتين يستعد للحرب في أوكرانيا.
من جانبها، تنفي روسيا التي نشرت أكثر من 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية، نيتها التخطيط للغزو، لكنها تقول إنها قد تقوم بعمل عسكري غير محدد ما لم يتم تلبية مطالبها الأمنية.

هذا وقد قالت موسكو إنها تؤيد موقف بكين بشكل كامل بشأن تايوان وتعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال.

وحث رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ القادة السياسيين في العالم على الالتزام بـ "الهدنة الأولمبية" و "منح السلام فرصة".

لكن القادة السياسيين من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى رفضوا حضور الحدث في مقاطعة دبلوماسية واضحة، وذلك في أعقاب اضطهاد الأويغور والأقليات المسلمة الأخرى في الصين، وهو ما تنفيه بكين بشكل قاطع.

جدير بالذكر ان هناك عدة جماعات حقوقية تتهم الصين بممارسة التعذيب والسخرة واحتجاز مليون شخص في معسكرات الاعتقال في شينجيانغ.

تقول بكين أنها تسميهم منشآت إعادة التعليم والتدريب، وتدعي إنها تحارب التطرف الديني وتنفي حدوث أية انتهاكات في تلك الأماكن.

وفي سياق متصل، قال ما هاييون الخبير في شينجيانغ والأستاذ المساعد في جامعة فروستبرج بولاية ماريلاند الأمريكية: "من خلال اختيار رياضي من الأويغور لإضاءة الشعلة، تحاول الصين مواجهة انتقادات الغرب بشأن الإبادة الجماعية أو اضطهاد الأقليات العرقية في البلاد".

واختتم حديثه قائلا "لكنني لا أعتقد أن هذا يمكن أن يكون له تأثير كبير على الغرب، الذي يميل إلى الاعتقاد بأن معظم ما تقدمه الصين هو مجرد ادعاءات لإخفاء الحقيقة على أي حال".

شارك
نشر في: 5/02/2022 11:34am
By Ramy Aly
المصدر: Reuters, SBS