هل يقرع السيسي طبول الحرب في ليبيا وإثيوبيا؟

High ranking officers in the Egyptian Armed Forces (Left), Egyptian president Abdel Fatah Al-Sisi (Right)

High ranking officers in the Egyptian Armed Forces (Left), Egyptian president Abdel Fatah Al-Sisi (Right) Source: Getty

عززت القوات المسلحة المصرية عتادها من خلال صفقات شراء أسلحة من روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، حتى تم تصنيف الجيش المصري التاسع عالمياً والأول في الشرق الأوسط للعام 2020.


في تهديدٍ واضح وغير مسبوق، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارة رسمية للمنطقة العسكرية الغربية السبت الماضي، إن سرت والجفرة الليبيتين تشكلان خطاً أحمراً لن تقبل مصر بتخطيه ولوح بالتدخل العسكري المصري لصد زحف ما وصفه بـ"الميليشيات المسلحة الإرهابية والمرتزقة بدعم كامل من قوى تعتمد على أدوات القوة العسكرية". وأضاف أن الجيش المصري من أقوى جيوش المنطقة، كما أمر الجنود بالاستعداد للقيام بأي مهمة "داخل حدودنا أو إذا تطلب الأمر خارجها".

وجاء خطاب السيسي في ظلِ زيادة الدعم التركي اللوجيستي والعسكري المقدم لقوات حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً.

فوضى المشهد الليبي

منذ نشوب تظاهرات العام 2011 التي نجم عنها سقوط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي وليبيا تعاني من عدم استقرار. حيث باتت الأراضي الليبية ساحة معارك مستمرة تتنازع عليها عدة أطراف. وتشكل حالياً حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً في الغرب وقوات المشير خليفة حفتر في الشرق، المعسكران الرئيسيان المتصارعان على السلطة في ليبيا. كما تستحوذ بعض الميلشيات المتطرفة المسلحة المرتبطة بتنظيم داعش، على بعض المساحات جنوباً.  

تتمتع حكومة الوفاق الوطني باعترافٍ دولي ومقعد في الأمم المتحدة ودعمٍ تركي قطريٍ إيطالي. أما قوات المشير خليفة حفتر، فتقف وراءها مصر والإمارات والسعودية وفرنسا. ويسيطر كلا الطرفان على مناطق حساسة قد تستخدم كأوراق تفاوض في حال وقف إطلاق النار.

مصر تراقب المشهد عن كثب

وبحسب العميد خالد عكاشة مدير المركز المصري للدراسات الاستراتيجية وعضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب والتطرف، انخرطت مصر في العديد من المبادرات الدبلوماسية للوصول إلى حلٍ سلمي ومنها اتفاقية الصخيرات في 2015 ومؤتمر باليرمو في 2018 وأخيراً مؤتمر برلين في كانون الثاني \ يناير 2020. وقال عكاشة للأس بي أس عربي24 إن القيادة المصرية استنفذت كل الحلول السياسية لتأمين الوضع في الجوار الليبي.

وهو ما يتلخص في الأهداف التي حددها السيسي في خطابه. ومنها "حماية وتأمين الحدود الغربية للدولة المصرية بعمقها الاستراتيجي" و"سرعة واستعادة الاستقرار على الساحة الليبية باعتباره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار مصر والأمن القومي العربي".

ومن جانبٍ آخر علق محمد عبد الغني رئيس الاتحاد المصري الأسترالي، وممثل جبهة الضمير الوطني في أستراليا قائلاً إن من حق مصر تأمين حدودها ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار " من ندعم في ليبيا".

حيث وصف القائد العسكري خليفة حفتر بالـ"جنرال الانقلابي" وشكك في فاعلية التدخل العسكري في عمق دول الجوار كأفضل وسيلة لتحقيق الأمن القومي المصري.  

الجيش التاسع عالمياً والأول عربياً

منذ اعتلاء الرئيس عبد الفتاح السيسي لسدة الحكم في 2014، والقوات المسلحة المصرية تعزز عتادها من خلال صفقات شراء أسلحة من روسيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية، حتى تم تصنيف الجيش المصري التاسع عالمياً والأول في الشرق الأوسط للعام 2020 من حيث القوة العسكرية. متفوقاً بذلك على الجيش التركي الذي تراجع للمرتبة الحادية عشر .

من النسخة الحديثة  لطائرات "ميغ-٢٩" ومقاتلات "سوخوي-٣٥" الروسية، إلى دبابات أبرامز القتالية الأمريكية وغواصات "تايب" الألمانية، فيبدو أن الترسانة المصرية لا تخلو من أحدث أدوات الحرب الفتاكة.

سد النهضة: قنبلة موقوتة

وعلى صعيدٍ آخر تواجه مصر مأزقاً حقيقياً مع إثيوبيا التي تمسك بقبضتها شريان حياة المصريين، نهر النيل. فمع فشل المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان وإصرار أديس أبابا على بدء ملء خزان سد النهضة -الأكبر في القارة الإفريقية- تموز/يوليو المقبل، تنحسر الخيارات أمام القيادة المصرية. إما القبول بالأمر الواقع، أو اللجوء إلى الحل العسكري.

وفي هذا الشأن تكهن العميد خالد عكاشة بأن الموعد الإثيوبي مجرد "تصريحات دعائية" ولا يجب أخذها على محمل الجد. كما أكد أن التدخل العسكري لحل أزمة سد النهضة سيظل أحد الحلول المطروحة إذا شعرت القاهرة بأنها وصلت إلى "حائط مسدود" مع أديس أبابا.

أما محمد عبد الغني فيعتقد أن التدخل العسكري سيكون "مضراً جداً"  وستعاني مصر من عواقبه على الساحة الدولية أكثر من إثيوبيا.

وتشمل حصة مصر الحالية من مياه نهر النيل 55.5 مليار متر مكعب وهي نفس الحصة المتفق عليها منذ معاهدة 1959 حين كان تعداد سكان مصر 26 مليون نسمة، بينما يبلغ تعداد مصر السكاني 102 مليون نسمة اليوم.


شارك