كشفت جائحة كورونا والتبعات الاقتصادية المترافقة معها، عن الضعف الذي أصاب قطاع الصناعة الأسترالية فلم يعد اقتصاد البلاد يعول عليها وبات الاعتماد على السلع المستوردة أساسياً في العقدين الماضيين. ظهر ذلك جلياً في ذرورة الوباء والتهافت غير المسبوق الذي شهدته الأسواق في المدن الرئيسية مما تسبب بتعطيل مؤقت لسلاسل التوريد.
"لا بد من تنشيط قطاع الصناعة" هذا ما يعتقده الخبير الاقتصادي رضوان حمدان والذي استذكر الفترة التي شهد فيها هذا القطاع انتعاشاً كبيراً ترافق مع إقبال الأستراليين على السلع المصنعة محلياً: "كان شعار (صنع في أستراليا) مهماً للغاية. ولكن قطاع الصناعة تراجع لأن قوانين العمل صارمة جداً وتصعب من مهمة صاحب المصلحة وهذا ما يحاول رئيس الوزراء سكوت موريسون إصلاحه."
الحديث عن تنشيط الصناعة أساسي في هذه الفترة وخصوصاً بعدما تعرض الاقتصاد لضربة قوية، تُرجمت بالأرقام في البيان الاقتصادي الذي قدمه وزير الخزانة جوش فرايدنبرغ، فالعجز المتوقع سيفوق 184 مليار دولار العام المالي المقبل والدين الوطني العام سيقفز إلى ما يزيد عن 850 مليار دولار.
بالعودة إلى الوراء، وتحديداً إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، نجد أن الصناعة الأسترالية ازدهرت بشكل كبير وفي قطاعات عدة من أهمها صناعة السيارات والمواد الكيميائية والنسيج وتكرير النفط، مستفيدة من سياسات تعرفة جمركية لحماية المنتج المحلي من منافسة لن يقوَ عليها مع المنتجات المستوردة الأرخص ثمناً.
الأجيال القادمة ستسدد فاتورة الدين الوطني. كأنه قرض ضخم على مدى 40 عاماً
بمرور السنوات وتغير الاتجاه العالمي نحو مزيد من الانفتاح الاقتصادي، وقعت أستراليا على الكثير من اتفاقيات التجارة الحرة ولم يعد بالإمكان دعم المنتج المحلي، لتتضاءل الصناعة ويقل عدد الوظائف المتاحة في قطاعاتها.
وقال حمدان ان مصادر دخل أستراليا في السنوات الذهبية التي سبقت الأزمة المالية العالمية 2007-2008 والتي اعتمد عليها الاقتصاد بشكل كبير في الآونة الأخيرة كانت الأكثر تضرراً من الجائحة: "الدخل من السياحة كان يقدر بحوالي 57 مليار دولار سنوياً والدخل من الطلاب الاجانب تقريباً 32 مليار وكل هذا تبخر تماماً مع إغلاق الحدود."

صورة لأحد المحال التجارية المعروضة للايجار في سيدني Source: AAP
تجدر الإشارة إلى أن حكومة الائتلاف كانت تسعى إلى تحقيق فائض في ميزانية هذا العام بقيمة 5 مليارات دولار ولكن الجائحة قلبت الموازين وبات العجز المتوقع بمئات الملايين من الدولارات، بسبب حزم الدعم التي تم تقديمها وفي طليعتها خطة دعم الأجور: "طبعا العجز مخيف ولكنه متوقع. الكلفة الإجمالية لخطتي JobKeeper و JobSeeker ستصل إلى 270 مليار دولار."
ولكن المشكلة في نظر الخبير الاقتصادي رضوان حمدان تكمن في تراكم الدين الوطني ليصل إلى 850 مليار دولار وليس في عجز الميزانية: "الدين يمثل 36% من الناتج القومي الإجمالي، وسنحتاج لما لا يقل عن 40 عاماً لسداده."
وفي النهاية، عبر حمدان عن اعتقاده بأن البيان الاقتصادي مبني على عوامل غير واضحة وقابلة للتغير ومن أهمها سعر الفائدة والذي لن يبقى بالضرورة منخفضاً: "التعافي مرتبط بقدرتنا على السيطرة على الوباء. لم نتوقع موجة عدوى جديدة في فكتوريا. أعتقد أن التوقعات الاقتصادية متفائلة رغم أرقامها المحبطة.
استمعوا إلى المقابلة مع الخبير الاقتصادي رضوان حمدان في الملف الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.