حدث ذلك في الأول من شباط/فبراير 2020. بلمح البصر خسرت ليلى عبدالله نصف أولادها الستة تحت عجلات شاحنة يقودها سائق مخمور في ضاحية أوتلاندز بسيدني.
النقاط الرئيسية
- خسرت ليلى جعحع عبدالله نصف أولادها الستة في حادث دهس مروّع لكن الله عوّضها بمولود سابع بداية هذا العام
- طلبت من ابنتها أن تسمّي الطفلة الجديدة فاقترحت الجمع بين اسمي شقيقتيها الراحلتين أنجلينا وسيينا
- أطلق داني وليلى عبد الله أسبوع i4give الذي يقام سنوياً في 1 شباط/فبراير تخليداً لذكرى "الملائكة الأربعة"
بعد أكثر من عامين، لا تزال أستراليا تذكر ذلك اليوم. ولا يزال قلب ليلى عبدالله يعيش بين عالمين. ولحظتين. وحياتين.
خسرت ليلى عبدالله نصف أولادها الستة. لكن الله عوّضها بمولود سابع بداية هذا العام. عن الحياة الجديدة التي دخلت عالمها، تحدثت ليلى إلى سيلفا مزهر، مديرة البرامج في أس بي أس عربي24.
"عندما عرفت أني حامل، طلبت من ابنتي ليانا أن تسمّي الطفلة الجديدة فقالت إننا يجب أن نجمع بين اسمي شقيقتيها الراحلتين أنجلينا وسيينا، فأسميناها سيلينا".
"اسمها الأوسط هو أنجلينا تكريماً لابنتي الكبرى"، تكمل ليلى وهي تحاول تهدئة طفلتها.
ثلاثة من أبنائها رحلوا وبقي لها أربعة. قلب ليلى الذي شطره الموت، مع من اليوم؟
قلبي نصفه في السماء ونصفه على الأرض
"أولادي الذين ماتوا لم يصبحوا أغلى من أولادي الأحياء. كلهم في قلبي".
مهمة صعبة تنتظر ليلى. منذ عامين وهي تحاول أن تعوّض أبناءها ما خسروه من أحباء وفرصة عيش طفولة طبيعية.
"وظيفتي كأم أن أكون بقربهم ليشعروا أن لهم نفس محبة أخوتهم الذين رحلوا".

كريس ومايكل عبدالله مع الطفلة سيلينا Source: Leila Abdallah
هم من بقي معي لذا أصبحوا أملي وهدفي في الحياة
هذه الحياة التي فاجأها الموت منذ عامين، هل ترك لها مساحة للفرح؟ الإجابة تجدها ليلى في عيون ليانا وأليكس ومايكل.
"أقول لأولادي إن الله باركنا لأنه أخذ من إخوتهم ثلاثة قديسين إلى السماء. أتكلم عن الموت بطريقة إيجابية كي لا يشعروا أنهم مكسورون".
ليلى واجهت المأساة بقوة نادرة. ثارت على مسلّمات كثيرة في المجتمع. رفضت أن تلبس الأسود. حزنها ظل في القلب. أما وجهها فكان ولا يزال يشع فرحاً أمام أولادها ليمنحهم الأمل.
"فيروس كورونا والإغلاق أعتبره نعمة لأنه أتاح لي التركيز على أولادي وقضاء وقت أكثر معهم".
تقول ليلى إنها اعتذرت لأبنائها بسبب ابتعادها عنهم خلال الفترة التي أعقبت الحادث المأساوي.
أنا خسرت أولادي، لكنهم هم أيضاً خسروا إخوتهم. التجربة كانت صعبة عليهم بنفس القدر
الأم التي حدّقت في عيون الموت لم تستسلم للنظرة المتشائمة إلى الحياة. لها فلسفتها الخاصة التي تساعدها في إخراج أبنائها من دائرة الحزن والإحباط.
"قلت لأولادي: من حقكم أن تعيشوا وتضحكوا. لا تشعروا بالذنب إذا فرحتم".
عائلة عبدالله التي اختارت الحياة تجد كل يوم سبباً للاحتفال، مع أن ذكرى من رحلوا باقية للأبد.
في منزل العائلة الجديد في أوتلاندز تركت ليلى مساحة على الجدار للوحة ستجمع عائلتها كلها، من بقوا ومن رحلوا.

ليلى وداني عبدالله مع أبنائهما ليانا وأليكس ومايكل ومولودتهما الجديدة سيلينا Source: Leila Abdallah
أنا لدي سبعة أولاد. ثلاثة في السماء وأربعة على الأرض. ولآخر نفَس من حياتي لن أفرّق بينهم
المصالحة مع الموت جزء من حب الحياة. هذا ما تعلمته ليلى وقررت أن تعلمه لأبنائها.
"لماذا نحارب فكرة سنعيشها يوماً بكل تأكيد. أنا كنت أخاف الموت بشدة لكن عندما مات أولادي شعرت أنهم لا يزالون معي. نتحدث عنهم في العائلة كأنهم بيننا".
ربما هذا ما دفعها وزوجها لمسامحة السائق الذي حرمهما أطفالهما.
في شباط/فبراير من هذا العام، أطلق داني وليلى عبد الله أسبوع i4give الذي سيقام سنوياً في 1 شباط/فبراير تخليداً لذكرى "الملائكة الأربعة" الذين خسروا حياتهم ذلك اليوم.
يأمل الزوجان أن يساعدا غيرهما ممن مروا بتجارب مشابهة على تجاوز المأساة وإيجاد السلام الداخلي من خلال المسامحة.
"الغفران أعظم هدية يمكن أن تقدمها لنفسك وللآخرين. أطفالنا الأربعة هم الآن قديسونا الأربعة وهذا اليوم لهم".
السبت 1 شباط/فبراير يوم حزين لن تنساه ليلى.
ذلك اليوم الساعة الثامنة مساءً، كان أنطوني عبد الله (13 عاماً) وأنجلينا عبد الله (12 عاماً) وسيينا عبد الله (8 أعوام) يقودون دراجاتهم الهوائية برفقة قريبتهم فيرونيك صقر (11 عاماً) على ممر للمشاة في أوتلاندز شمال غرب سيدني، عندما صدمتهم شاحنة ميتسوبيشي تريتون.
السائق صامويل وليام ديفيدسون (31 عاماً) الذي دهس الأطفال تحت تأثير الكحول والمواد المخدرة، يقضي عقوبة السجن لمدة 21 عاماً مع عدم إمكانية الإفراج المشروط.
أذهل ليلى وداني أستراليا والعالم عندما أعلنا أنهما سامحا ديفيدسون، لأن القاتل الحقيقي كما قالا هو "ثقافة المخدرات والكحول".
القوة التي اكتشفتها ليلى في داخلها أصبحت مصدر إلهام للكثيرين في مجتمعها بعد أن دخلت قصتها كل بيت أسترالي.
في أيار/مايو 2021 نالت ليلى لقب "أفضل أم للعام" الذي أهدته لكل امرأة فقدت ابناً أو ابنة.
يومها قالت، "الأطفال هم أكبر فرح يمكن أن يناله الآباء".
الإعلام الذي غطى رحلة ليلى وداني لا يزال بعد مرور عامين يلاحق أخبار العائلة التي خطفت قلوب الأستراليين.
صفحتهما على فيسبوك The Four Angels يتابعها أكثر من خمسين ألف شخص وتضم مقاطع فيديو ومقالات ومنشورات توثق المحطات الهامة في حياة العائلة.
في صورة بأعلى الصفحة، تغمض ليلى عينيها رافعة يديها بتضرع نحو السماء.
إيمانها أساس ثباتها الذي يصفه البعض بالعجائبي.
"سلّمت حياتي للرب"، تقول ليلى قبل أن تنهض لتحمل سيلينا على ذراعيها عساها تغفو قليلاً.
للاستماع للمقابلة كاملة مع ليلى عبدالله، اضغط على المدونة الصوتية في أعلى الصفحة.