لم يكن الطلاق أمراً شائعاً منذ عشرين أو ثلاثين عاماً، أو على الأقل لم يكن الحديث حول هذا الموضوع شائعاً فالأحكام القاسية كانت تطارد كل من تسوّل له نفسه إعلان طلاقه والذي لطالما ارتبط في ذاكرة المجتمعات المحافظة بالتفكك الأسري وضياع مستقبل الأبناء وانطباع سائد بأن الأب أو الأم أو كليهما لم يقدما ما يكفي من التضحيات للحفاظ على وحدة الأسرة.
وبمرور الوقت وتحرر الجالية العربية من بعض المفاهيم المجتمعية المرتبطة بالأوطان الأم والتي لا تتناسب بالضرورة مع المجتمع الأسترالي وما يمنحه من حريات شخصية للأفراد تسمح لهم باتخاذ قراراتهم الشخصية بمعزل عن تأثير المجتمع، وبالتزامن مع انخراط المرأة في سوق العمل، أصبح كثر قادرين على الإعلان صراحة عن قرار الطلاق سواء بالتراضي مع الشريك أو من خلال معارك قضائية مريرة.
الناشط في الجالية أحمد أبو شبانة اختار الإعلان عن خبر طلاقه على صفحته على فيسبوك، وعلى الرغم من صعوبة ذلك في ضوء الدعوات التي انهالت عليه بضرورة المحاولة مرة أخرى ترميم العلاقة الزوجية وعدم "هدم" بيت الأسرة، تحلى أبو شبانة بجرأة كافية لمشاركة الخبر بشكل صريح مع الأهل والأصدقاء: "أكيد الموضوع صعب لأنه احنا متربيين في مجتمع الطلاق فيه عيب ومن يقدم على هذه الخطوة يبقيها طي الكتمان."
وحسب أرقام مكتب الإحصاء الأسترالي فإن أكبر نسبة من الأزواج الذين قرروا الانفصال هم أولئك المتزوجين لتسعة أعوام أو أقل، ففي عام 2017 وقعت 56% من حالات الانفصال ضمن هذه الفئة وحوالي 43% من حالات الطلاق كذلك.
سعى أحمد بشتى الطرق لإصلاح زواجه فهو كما قال ارتبط بزوجته السابقة بعد حب وقناعة وأثمر زواجهما عن طفلين ولكنهما اصطدما بمشاكل لم يعد بالإمكان تجاوزها: " حاولنا إصلاح خلافاتنا من خلال الاهل والاصدقاء وكذلك متخصصين في الاستشارات الزوجية (..) عوضاً عن استمرار المعاناة والسلبية قررنا الانفصال بطريقة متحضرة تنضوي على احترام للذات والطرف الآخر والأبناء."

Source: Getty Images
وبالنطر إلى نسبة الأزواج المطلقين ممن تجاوزت فترة زواجهم 20 عاماً، نلاحظ أنها في ازدياد في العقود الأخيرة في أستراليا، ففي عام 1980 و1990 لم تتجاوز نسبتهم من إجمالي حالات الطلاق 20% ولكنها ارتفعت إلى 27% في عام 2017.
واعترف أحمد بأن الجزئية الأصعب كانت إخبار الأطفال بقرار الانفصال: " للأسف كان صعب جداً مؤثر لأن أولادي هم الأهم في حياتي". وكان عليه أن يشرح لهما بطريقة مبسطة أنه ووالدتهما لم يتوقفا عن محبتهما ولكنهما باتا غير قادرين على الاستمرار في العلاقة. ويرى أحمد من الضروري أن يضع الأب أو الأم نفسيهما مكان الطفل وكيف سيتلقى الخبر وكذلك إخبار المدرسة ولا ضير من الاستعانة بأخصائيين نفسيين للتأكد من أن الأطفال قالوا كل ما لديهم.
وأخيراً قال أحمد أن أبناء جيله باتوا أكثر تفهماً لفكرة الطلاق في حال وصل الطرفان لحائط مسدود، أما الأشخاص الأكبر عمراً فكانوا أكثر تحفظاً وألقوا عليه بكثير من اللوم باعتبار أنه كان لا يزال بمقدوره فعل المزيد للحفاظ على أسرته.
استمعوا لقصة أحمد أبو شبانة في التدوين الصوتي.