يكشف بحثٌ جديد، عن أنّ أكثر من نصف الأستراليين قلقون بشأن سلامة أقاربهم المسنّين الذين ما زالوا يعيشون في المنزل، وبسبب ضعف السّمع لدى كبار السّنّ الأستراليين، فهم معرّضون أكثر من غيرهم لخطر الحرائق القاتلة. ومع ذلك فإنّ أقلّ من نصفهم فقط يتحقّقون من أجهزة إنذار الدّخان في بيوت أقاربهم المسنّين للتّأكد من أنّها تعمل.
النقاط الرئيسية
- نوح الحربي اقتحم النّار بدون تردّد وكسر الزّجاج بيده للدّخول إلى غرفة الرّجل المسنّ.
- تعرّض لنزيف في يده وهو يسحب الرّجل المسنّ الذي اضطرّ على إخراجه من نافذة المطبخ.
- فكّر في أولاده الذي لم يرهم منذ سنة ونصف أثناء احتجازه في الغرفة بين ألسنة النّيران.
في الثّالث من نيسان-إبريل، وعند الّساعة الواحدة والنّصف، عاد المبتعث السّعودي نوح الحربي الذي يتخصّص في الهندسة في ولاية أدلايد جنوب استراليا، للإستراحة في منزله، بعد نهار جامعي متعب. وفيما هو يستلقي، سمع صوت امرأة تستنجد وتصرخ بشكل هستيري، ممّا جعله يلبّي النّداءوبدون أيّ تردّد!
عن الدّقائق المفصليّة، حدّثنا الشّاب السّعودي الشّهم نوح الحربي الذي هرع للمساعدة دون أي تردّد قائلًا: "الذي دفعني إلى مساعدة هو من منطلق الإنسانيّة التي تربّينا عليها في ديننا وثقافتنا بعيدًا عن الجنس أو العرق أو اللون".

Noah Alharbi Source: Supplied
لحظاتٌ مفصليّة
لقد استرجع معنا نوح وببطءٍ شديد، اللحظات المفصليّة التي عاشها منذ سماع صراخ الامرأة قائلًا: "كنت عائدًا من الجامعة إلى المنزل للاستراحة لمدّة ساعتين قبل العودة إلى الجامعة، وإذ، سمعتُ صراخًا هستيريّاً، وعند خروجي رأيت منزل جاري مغطّى بشكل كامل بالدّخان والنيّران، فلم أستطع إلّا التوجّه نحو الباب الأماميّ واقتحامه وسط تأكيد المرأة بأن زوجها عالقٌ في الدّاخل".
كسر نوح الزّجاج بيده ممّا تسبّب بنزيف حادّ لم يشعر به حتى إنهاء عمليّة الإنقاذ، وهو يعيش الإنقاذ كواجب إنسانيّ كما وصفه. لم يستطع مقاومة لهيب النّار والدّخان لدخول الغرفة التي كان الرّجل عالقًا فيها فتوجّه نحو الباب الخلفيّ من مدخل الحديقة الخلفيّة للبيت، وتمكّن من كسر الباب ليرى رجلًا مسنًّا ممدّدًا على الأرض.
وعن هذا المشهد قال: "كان الموقف الذي أتمنّى ألّا أراه مجدّدًا. رأيتُ الرّجل ممدّدًا على الأرض، ينظر إلينا وهو ينتظر الموت ويبحث عن النّفَس".

Noah Alharbi Source: Facebook
في البداية ظنّ نوح أنّ جاره جاره المسنّ قد مات، لكنّه ما انكفّ عن إسعافه عبر محاولة سحبه، وكاد نوح أن يحتجز وإيّاه في الغرفة. فحرارة النّار كانت تزداد بسرعة، وبهذا احتُجز الرّجلان مع المتطوّع الذي هرع لمساعدة نوح في الغرفة، ولحسن الحظّ تلك اللحظات ترافقت مع وصول رجال الإطفاء الذين راحوا يرشدونهم بالإشارة إلى مكان الإخلاء عبر نافذة المطبخ.
بداية كادت أن تكون النّهاية
عن تلك اللحظات التي كادت أن تنهي حياته قال نوح: "بصراحة، فكّرتُ في أولادي الذين لم أرهم منذ سنةٍ ونصف".
تحوّلت هذه اللحظات البطوليّة إلى بداية جديدة للرّجل المسنّ الذي يبلغ من العمر 94 عامًا، ولنوح الشّاب والأب. وعبّر عن هذه المشاعر قائلًا: "كلمةٌ من الرّجل المسنّ كانت أكبر وأعظم تكريم لي، فقد دعاني إلى منزله وكان محاطًا بأولاده ونظر إلى عينيّ قائلًا أنّا ممتنٌّ بحياتي لكَ! أحسد أي طبيب أو مسعف أو منقذ يشعر بهذه المشاعر العظيمة".

Nouh Alharby, with his children that he hasn't seen for the past 18 months. Source: Nouh Alharby
لا يعتبر نفسه نوح اليوم بطلًا، بل شخصًا قام بواجب الإنسانيّ فحسب وختم بالقول: "أتمنّى أن نعكس صورة أجمل عن العرب والمسلمين في المساعدة الإنسانيّة والأخلاق والجيرة الحسنة! وأتمنى أن تتكرّر المواقف الإنسانيّة كلّ يوم".