تمكن المواطن الفلسطيني الأسترالي علي سدة من العودة الى أستراليا بعد أن علق في الضفة الغربية اثر اغلاق الأردن لحدوده مع إسرائيل والضفة الغربية.
لم يكن لديه خيار سوى بالرجوع عن طريق مطار تل أبيب، والذي كان بمثابة خيار مستحيل لحملة الجوزات الفلسطينية. ولكن السفارة الأسترالية في تل أبيب تمكنت من تقديم الدعم اللازم له هناك، لإتمام عودته الى أحضان عائلته في سيدني.
اليوم يحكي لنا رجل الأعمال علي سدة قصة حصاره وكيف تقطعت به السبل وعجز عن العودة الى استراليا، من غرفة الفندق الذي يخضع فيه للحجر الصحي في سيدني.
سافر السيد سدة من سيدني الى عمان في الـ 25 من شهر فبراير/شباط وعبر جسر الملك حسين (اللنبي) الى الضفة الغربية في الـ 27 من نفس الشهر.
"كان هناك تنبيهات حول فيروس كورونا صادرة عن أستراليا وفلسطين والأردن ولكن لم أدرك مدى خطورتها ولم أتوقع بأن ينتهي المطاف بإغلاق الحدود في هذه البلدان."

West Bank Source: Supplied
بعد أن وصل السيد سدة الى مسقط رأسه (قرية جيت القريبة من مدينة نابلس)، أعلنت إسرائيل، الثلاثاء، 10 مارس/ آذار إغلاق معبر "اللنبي"، الرابط بين الضفة الغربية والأردن، خوفا من تفشي فيروس كورونا. وجاء ذلك وفق ما أورده منسق عمليات الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية كميل أبوركن، في تغريدات بحسابه على تويتر.
كما أعلن وزير الصحة الأردني، سعد جابر، في ذات التاريخ ، أن الأردن قرر وقف حركة السفر مع لبنان وسورية وإغلاق المعابر مع فلسطين و اسرائيل وتجميد حركة المرور البحري مع مصر، في قرارات حكومية جديدة اتخذت لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد.
ومع اعلان هذه التدابير من الجهتين، كان السماح بالسفر من الضفة الغربية للمواطنين الأردنيين للعودة الى بلادهم والحالات الاستثنائية الأخرى التي لم ينتمِ اليها.
تواصل السيد سدة مع عائلته المقيمة في سيدني بعد أن علم بانه عالق لا محاله وطلب مساعدتهم.

Ali Saddeh in West Bank Source: Supplied
السيد سدة يحمل الجواز الأسترالي الى جانب جواز السلطة الفلسطينية. ولكن لم يستخدم جوازه الأسترالي في الدخول الى الأردن. لذلك سيعامل معاملة المواطن الفلسطيني الى أن تقوم أستراليا بالتدخل.
ويستخدم الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة -باستثناء مواطني القدس- جواز السفر الفلسطيني بناء على اتفاق الحكم الذاتي الفلسطيني الموقع في واشنطن عام 1993، وفق نص مدون على الغلاف الداخلي في كل جواز، وهو يصدر بعد موافقة الجانب الإسرائيلي.
ويُعد الأردن نافذة حاملي جوازات السفر الفلسطينية إلى الخارج، في حين تعد مصر نافذة حامليه من قطاع غزة.
كانت الطريقة الوحيدة التي ستمكن السيد سدة من العودة الى أستراليا هي ركوب طائرة من مطار بن غوريون في مدينة تل أبيب. ولكنه لم يتمكن من الحصول على التصريح اللازم للعبور الى الاراضي الإسرائيلية.
"عندما أغلقوا الحدود بدأت أشعر بتدهور حالتي الصحية والنفسية وارتفاع ضغط دمي. أنام في العادة وأنا أرتدي جهاز يساعدني على التنفس، وكنت أنام في المنزل وحيدا، وبدأت تراودني هواجس – ماذا لو انقطع نفسي ليلا ومت هنا وحيدا بعيدا عن عائلتي؟"
حاول السيد سدة التواصل في البداية مع الهيئات الفلسطينية للحصول على المساعدة ولكن لم يكن هناك أي حل أو أي شيء بيدها لتفعله من جانبها ، ونصحته بالتواصل مع السفارة الأسترالية لو أراد الرجوع الى سيدني.

Ali Saddeh Family Source: Supplied
تحدثت ملاك ابنة السيد سدة مع السفارة الأسترالية في تل أبيب في الـ 24 من مارس/اذار وشرحت لهم وضع والدها. فتواصلت السفارة مع السيد سدة للحصول على مزيد من المعلومات.
في الـ 31 من مارس/آذار اتصلت السفارة بالسيد سدة لتحديد موقعه. وفي الـ 3 من ابريل/ نيسان اتصلت السفارة مجددا بالسيد سدة وقالت له بأنه سيسمح له الآن بالسفر من مطار بن غوريون وطلبت منه حجز تذكرة الرحلة الى استراليا بناء على طلب الجانب الاسرائيلي.
وفعلا، قامت ملاك بحجز تذكرة طائرة لوالدها العالق في ذات اليوم.
وكان تاريخ الرحلة يوم الثلاثاء الموافق 6 من ابريل/نيسان الساعة 12 منتصف الليل.
"أرسلت بصورة عن حجزي الى السفارة الأسترالية ولكن فوجئت برد يخبرني بأنه تم رفض طلبي للعبور والسفر."
فقد قام الجانب الإسرائيلي بتغيير رأيه ومنعه من دخول الحدود.
تقول ملاك: " بعد أن علمنا من السفارة الأسترالية بتراجعهم، أرسلت خمس رسائل الكترونية في يوم السفر الموعود الى استراليا ، وقمت بالعديد من الاتصالات لأشرح لهم الوضع وأقدم تفاصيل الرحلة والحجز التي تثبت أنه سيعبر المطار فقط للمغادرة من خلاله."

Ali Saddeh in plane Source: Supplied
يوم السفر اتصلت السيدة ديان كورنل – مسؤولة في السفارة الأسترالية بالسيد سدة لتخبره بأن الجانب الإسرائيلي وافق على عبوره، وبأن السفارة سترسل له سيارة لتأخذه الى المطار مباشرة.
"قدمت لي السفارة الأسترالية مساعدة كبيرة جدا بالرغم من تعقيد وضعي. أود ان أشكر القنصل الأسترالي من كل قلبي والسيدة ديان التي رافقتني من باب منزلي في القرية الى مطار بن غوريون وحتى تخطينا جميع الحدود والحواجز."
"عندما وصلنا المطار، قالت لي سأنتظرك حتى تصل الى دائرة الهجرة، وفعلا عندما تخطيت استجواب دائرة الهجرة الطويل اتصلت بها وأخبرتها بأني عبرت وسأجلس لأنتظر الطائرة. ولكن، فوجئت باهتمامها وطلبها مني الاتصال عندما أصل الى مقعدي في الطائرة، وقالت لن أنام بانتظار مكالمتك."
بعد رحلة دامت حوالي ثلاثة أيام، وصل السيد سدة الى سان فرنسيسكو ومن ثم الى نيويورك عبر رحلة داخلية، واستقل من هناك رحلته الى استراليا.

San Francisco airport Source: Supplied
وصل الى سيدني الساعة السابعة صباحا في الـ 9 من ابريل/نيسان الى غرفة الحجر الصحي في فندق يقع في وسط مدينة سيدني.
"أنا سعيد في الحجر الصحي، بالرغم من أني متأكد من عدم إصابتي بكورونا، ولكن يجب أن أفعل ما بوسعي لحماية أفراد عائلتي والمجتمع الأسترالي من تفشي العدوى، هذا واجبي."
"السفارة الأسترالية قامت بمجهود عظيم لمساعدتي واعادتي الى أحضان عائلتي. وحتى ان كان هذا واجب الحكومة تجاه أي أسترالي عالق في الخارج، الا أنه بالنسبة لي كان فضلا كبيرا وأشعر بالامتنان لها ولكل شخص قام بمساعدتي."

Ali in his quarantine room in Sydney hotel Source: Supplied