صرح الباحثون المهتمون بالدراسات والأبحاث الجينية لسكان مصر والشرق الأوسط أن نتائج تريفينا تعد طفرة بالمقارنة بالنتائج التي قاموا بتوثيقها على مر السنوات.
وأوضحوا بأن نتيجة تريفينا تؤكد على استمرارية وامتداد الحوض الوراثي المصري دون أي تأثير أجنبي خارجي عليه ليخالف توقعات أناس كثر بخصوص المظهر الذي يحاولون فرضه أو افتراضه على المصريين القدماء.
"خلطة وراثية مميزة"
لم تكن تريفينا باسيلي أول شخص في أستراليا أو مصر يسعى لإجراء فحوصات الحمض النووي لمعرفة مصدر أو جذور شجرة العائلة. وهي لن تكون الأخيرة.
لكنها لم تتوقع أن تكسر نتيجة فحصها الجيني الصورة النمطية للملامح العربية أو المصرية التي لطالما تحدثنا عنها في المجتمعات العربية.
وبحسب البروفيسورة جودي إنجلز من معهد جارفان للبحوث الطبية في أستراليا، يُستخدم الفحص الجيني الحمض النووي الخاص بنا لتحديد أي تغييرات قد تكون مرتبطة بصفات أو ظروف صحية مختلفة.
يتم استخدام الفحص عادة لتحديد أسباب الاضطرابات الوراثية. ويمكن استخدام أنماط التغيرات الجينية التي يكشفها الفحص لتقدير السلالة الجينية للفرد، وهي خدمة تقدمها العديد من الشركات مباشرة إلى المستهلك، مثل السيدة تريفينا باسيلي.
"قمت بإجراء هذا الفحص فعلا في أستراليا وجاءت نتيجتي لتخبرني بأن جذوري مصرية وتحديدا من منطقة الدلتا وهذا ما كنت أعرفه عن أصول عائلتي بالفعل".

Ms Treveina Basily
"تواصلت مع باحثين في المجتمع العلمي في مصر والمهتمين في بحث الأصول الجينية للمصريين وطلبت منهم أن يقدموا لي المزيد من المعلومات عن نتيجتي".
وتضيف السيدة تريفينا: "بعد مرور بعض من الوقت، تواصل معي أحد المسؤولين عن المشروع الذي يقوم بتجميع بيانات المصريين ومقارنتها ببيانات مومياوات مصرية لإثبات انتمائها لحوض جيني واحد ممتد منذ آلاف السنين".
"وافقت على ضم نتيجتي إلى قاعدة بيانات المشروع، ليكتشف الباحثون بعد مزيد من الدراسات التي قاموا بها على عينتي بأنها عينة نادرة جدا والأولى من نوعها وستحدث ضجة وثورة عند الباحثين المهتمين بالموضوع".
"وبالفعل، لم أتوقع أن يكون صدى الخبر بهذا الحجم. لم يكن الباحثين وحدهم المهتمين بنتيجتي، بل اكتشفت بأن مصر كلها مهتمة".

Researcher in genetics and history, Mr Mohamed Abdel-Hadi
"مشروعنا يستخدم نهجا مختلفا بحيث أننا نظهر بأن هذا المصري باسمه وشكله وأصله يعود الى قرية او مدينة معينة وينطبق ويتشابه مع المصريين القدماء بحوض وراثي بنسبة معينة مثلا".
"أي أنه يرث جزءا من أصوله من المصريين القدماء بنسبه معينة وباقي جذوره أجنبية بنسبة أخرى".
ويضيف السيد عبد الهادي: "يهمنا جدا في هذا المشروع أن نرد على ادعاءات أي شخص يحاول أن يشكك في أصول المصريين مهما كان توجهه".
"نحن بالفعل قطعنا شوطا كبيرا بالرغم من أننا بدأنا منذ فترة زمنية قصيرة، لنكتشف بأن جزءا كبيرا أو الجزء الأغلب من المصريين من كامل الأطياف التي قمنا بفحصها حتى الآن تحمل أصولا مصرية. وهم من لا يمتلكون أي اختلاط مغربي مثلا أو تركي وعربي حديث من ناحية الأجداد".
"بطلة المصريين في أستراليا"
أكد السيد عبد الهادي على أهمية النتائج التي توصل لها مشروعهم البحثي بإضافة نتائج تريفينا التي أدهشت باحثين كثر وملايين المصريين هناك.
"تعد تريفينا الآن بطلة المصريين في أستراليا بحكم الضجة الإعلامية التي حازتها بعد نشر نتائج البحث".
"نتيجة تريفينا تعد الأولى من نوعها التي تمثل استمرارية للحوض الوراثي المصري من غير أي تأثير أجنبي خارجي عليه، الأمر الذي أثار دهشتنا ولم نستطع تصديقه في البداية".
اقرأ المزيد

كيف تصبح "مصري بِجَد" في أستراليا؟
ويضيف السيد عبد الهادي بأن هناك عدة باحثين عملوا في هذه الدراسة للتأكد من أن النتائج التي توصلوا لها صحيحة وبأن نتيجة تريفينا تمثل ثورة من كافة النواحي والمقاييس بالمقارنة بالحالات الأخرى في مشروعهم البحثي.
"كانت نتيجة تريفينا مخالفة لتوقعات أناس كثر بخصوص المظهر الذي يحاولون فرضه على المصريين القدماء. فهي مصرية دلتاوية أصيلة وملامحها ملامح مصرية منتشرة عند أهل الدلتا. وأهل الصعيد بالتساوي بدون أي اختلاف".
أما المومياوات التي تم مقارنة فحوصات تريفينا ببيانتها المسجلة والمتوفرة، فتعود لمومياوات تم فحصها عام 2017 في دراسة مشهورة نشرت بياناتها قبل سنوات وأتيحت للجمهور لأغراض البحث والدراسات خارج إطار النشر الجامعي.

"ما يهمنا هو أن المعلومات التي نتجت عن البحث تدل على أنها تعود إلى منطقة أبو صير من شمال الصعيد بني سويف التي تم فحص ثلاث مومياوات فيها ووُجد أنها ترجع إلى العصر الصاوي ما بين 700 إلى 321 قبل الميلاد ويُعرف بالعصر المتأخر أو عصر النهضة الأخير. وكان هذا العصر يشمل استعادة مصر لمركزها المرموق كقوة اقليمية".
"ويُحتمل أن هذه المومياوات يعود أحدها لكاهن أما الأخرى فقد تكون لشخصيات عامة وليس لدينا أسماء لهم".
"عرق نقي"
انتقد السيد عبد الهادي الأخبار الكاذبة التي نشرت على المنصات الإعلامية التي صرحت بأن جينات تريفينا تطابق جينات مومياوات ملوك الفراعنة.
"ليس من الصواب أن تقوم المحطات الإعلامية بالقول بأن نتائج تريفينا تتطابق مع مومياوات ملوك الفراعنة ومن الأمور المغلوطة الأخرى التي تم نشرها أيضا بأن المصريين يتحدرون من عرق نقي وهذا غير صحيح".
"تريفينا هي الحالة الأولى المسجلة لاستمرارية الحوض الوراثي بدون أي تأثير من الداخل".
ويشرح السيد عبد الهادي بأن استمرارية الحوض الوراثي تعني أن مجمل أجدادها وفي آخر 300 عام يرجعون لنفس السكان الذين يشكلون نواة للأصول المصرية. أي أنها تنحدر من الأصول القديمة للشعب الذين كانوا يحملون خلطة مميزة لأهل مصر من دون وجود أي تأثير أجنبي.
"ملامح مصرية أصيلة"
لم تغيّر النتيجة التي أذهلت ملايين المصريين في الأيام الماضية في انتماء السيدة تريفينا الوطني شيئا، وهي التي تتمسك بجذورها المصرية وتعتز بها أينما ذهبت. ولكنها اليوم وأكثر من أي وقت مضى تشعر بفخر كبير وسعادة غامرة. كيف لا، وهي التي كسرت الصورة النمطية للملامح المصرية، وتحمل خلطة وراثية نقية امتدت لآلاف السنين.
تقول السيدة تريفينا: "لطالما ظننت بأن الجمال المصري أو الملامح المصرية الأصيلة مرتبطة بمظهر معين، بشرة خمرية، عيون سوداء وشعر أسود".
"بالنسبة لي، جاءت النتيجة لتحطم الثوابت. ليس هناك دليل أكثر من هذا يثبت بأن ملامحي وملامح أفراد عائلتي مصرية أصيلة وبأن انتماءنا هو هذا التاريخ العريق".
"نتيجتي كسرت الصورة النمطية عندي وعند أشخاص كثر، تفكيرنا سيتغير الآن عندما نرى شخصا بعيون ملونة وبشرة فاتحة سنظن بأنه من أصول أوروبية. نحن أيضا بملامحنا مشتركين في حوض البحر الأبيض المتوسط".

Dr Mohamed Ibrahim El-Wakeel researcher in the Middle East Genome and the creator of the genetic calculator for the ancient Egyptians.
"التأثير العربي الجيني وليس الثقافي يتركز في الجزيرة العربية وامتداداتها في العراق والشام ومصر وحتى ليبيا والسودان وهذا الشيء مميز حتى عبر العصور القديمة. حيث اكتشفنا أن للعرب أصولا آفرو-آسيوية مع المصريين القدماء من خلال المكون النطوفي السائد في كلا المجموعتين رغم انفصالهما منذ زمن بعيد يعود لقرابة 10,000 عام ونجد مدى التطابق بينها".
ويضيف الوكيل: "المصريون القدماء منذ العصر البرونزي لديهم تركيبة مميزة رغم سيادة المكون النطوفي فيها وهو المكون الآفرو-آسيوي الشهير الذي يوجد في وادي نطوف جنوب فلسطين، ولكن هذا يعني أن للمصريين مكون نطوفي خاص بهم يميزهم، مما جعل استمرارهم الجيني يظهر حتى يومنا هذا".
يمكنكم أيضاً الاستماع لبرامجنا عبر أو عبر تطبيق SBS Radio المتاح مجاناً على