لا يزال الشارع الأمريكي في حالة صدمة بعد أحداث اقتحام مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن وما ترافق مع ذلك من أعمال عنف أوقعت خمسة قتلى من بيتهم رجل أمن. ووُصف الحدث بغير المسبوق حيث لم يسجل تاريخ الولايات المتحدة اعتداءً على ما يُنظر اليه على أنه معقل الديمقراطية الأمريكية سوى في عام 1814 على يد القوات البريطانية.
ويبدو أن الجدل الذي طبع فترة رئاسة دونالد ترامب سيبقى مستمراً إلى الساعات الأخيرة من ولايته التي تنتهي رسمياً في العشرين من كانون الثاني يناير الجاري، فالديموقراطيين بقيادة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي مصرون على توجيه تهم رسمية بحق ترامب باعتباره "محرضاً" وراء أحداث الشغب.
وقال الكاتب الصحافي في واشنطن طارق الشامي في حديث لأس بي أس عربي24 ان ترامب قد يقدم بالفعل على إصدار عفو رئاسي لنفسه مما قد يضع المشرعين الأمريكيين أمام مأزق قانوني فهكذا عفو لم يصدر من قبل. وأضاف الشامي: "اذا قام بذلك ستكون هناك مقارعات قضائية امام المحكمة العغليا الفدرالية لان الاعفاء يتنافض مع بنود اخرى في الدستور تقول انه لا يجوز للشخص ان يعفي نفسه بمعنى ان يكون المذنب والقاضي."
وبالنظر إلى علاقة ترامب بنائبه مايك بنس والتي بات واضحاً أنهما لم يعودا على وفاق، فإن السيناريو الذي يقضي باستقالة ترامب وتسلم نائبه لمهام الرئيس بحيث يصدر عفواً رئاسياً لترامب لم يعد ممكناً.
ورجح الشامي أن تكون التهمة الرئيسية بحق ترامب هي "التحريض على اقتحام الكابيتول" وهذا برأيه يعود إلى ضيق الوقت وسعي الديموقراطيين إلى إسراع الخطى في هذا الملف تمهيداً لإرسال لائحة التهم إلى مجلس الشيوخ الذي لا تزال أغلبيته في يد الجمهوريين حتى الآن.

مؤيدون لترامب داخل مبنى الكابيتول في العاصمة واشنطن. Source: AP
هل هناك متسع من الوقت لعزل ترامب قبل انتهاء فترته الرئاسية؟
يقول الشامي انه لن يكون هناك امكانية لاستكمال إجراءات محاكمة العزل فالملف لن يصل إلى مجلس الشيوخ قبل التاسع عشر من كانون الثاني يناير أي قبل يوم من مغادرة ترامب بشكل رسمي لمنصبه في اليوم التالي.
وأضاف: "سيتم استكمال المحاكمة بكل الأحوال وستسغرق عدة أيام وسيكون صوت نائبة الرئيس الجديد كامالا هاريس هو الحاسم. الديموقراطيين سيحتاجون الى 17 صوتا من الجمهوريين للوصول لأغبية الثلثين وهي النسبة المطلوب لإدانة الرئيس ولم يتضح بعد ما اذا كان ذلك ممكناً."
من المرجح أن يسعى المشرعون الديموقراطيون إلى منع ترامب من ترشيح نفسه مجدداً لأي منصب فدرالي.

رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي. Source: Rod Lamkey - CNP/Sipa USA
الحزب الجمهوري في ورطة
يُشار إلى الحزب الجمهوري بالـ Grand Old Party أي الحزب القديم العظيم وهو أحد الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة.
ويرى طارق الشامي ان الحزب اليوم بات في "ورطة كبيرة" وكان يوصف بأنه "حزب ترامب الجمهوري" نظراً لنجاح ترامب في فرض هيمنته على الحزب وتوجيهه في طريق أجندته السياسية الخاصة من خلال منابره الإعلامية: "كان لديه سلاح تويتر والذي يستطيع من خلاله إقصاء خصومه والتهكم عليهم."
تجدر الإشارة إلى أن شركات التواصل الاجتماعي الكبرى (تويتر وفيسبوك وانستاغرام) قررت ايقاف حسابات ترامب، مما يحجم من قدرته على التأثير في مجريات الأمور في الفترة القادمة وفق ما قال محللون.
واعتبر الشامي ان الشعبية التي يتمتع بها ترامب في الأوساط الجمهورية – على صعيد الناخبين الذين يشكك عدد كبير منهم في مصداقية الانتخابات وفوز بادين - قد تتسبب في مفاجآت في الفترة القادمة لا يمكن التنبؤ بها.
وحسب استطلاعات رأي فإن 60-70% ممن صوتوا لترامب ينظرون إلى ترامب على أنه الرئيس الشرعي ولذا فإن القيادات الجمهورية مطالبة باتخاذ الكثير من الخطوات للنأي بالحزب عن ترامب حسب الشامي.
استمعوا إلى اللقاء مع الكاتب الصحافي طارق الشامي في الملف الصوتي أعلاه.