من هي الام الحقيقية، التي تلد أم التي تربي؟
ترى السيدة سمر دباغ أن الأم هي من تحمل الأطفال في رحمها وتلدهم ومن تقوم أيضا بدور تربيتهم حتى لو لم تكن أمهم البيولوجية وبصلة الدم.
"بالنسبة للأمومة، أفكر بأمي وبكل ما فعلته من أجلنا ونحن صغار. ولكن الآن، أفكر بالـ Foster Care (الرعاية البديلة) وأفكر بأمومتي للأطفال الذين عاشوا معنا. الذين أسهر على راحتهم ليلا، وأرعاهم وأحبهم من كل قلبي، وأضحك وأبكي معهم... لن يتمكن أي شخص من أي يخبرني بأني لست أمهم حقا."
لم تتمكن السيدة سمر وزوجها من الانجاب في محاولات دامت حوالي ست سنوات. وفي عام 2014 حضرت وزوجها حفل خيري يهدف لرفع مستوى الوعي حول حضانة الأطفال البديلة المعروفة بـ Foster Caring.
وتهدف الحضانة البديلة الى توفير الرعاية والدعم للأطفال مع عائلة غير عائلاتهم البيولوجية في منزل آمن وبعيد عن أي مشاكل قد تؤثر على الطفل ونموه بشكل صحي.

Samar Dabbagh and her Husband Source: Supplied
ويمكن أن تقدم العائلات الراغبة في الحضانة المؤقتة الدعم للأطفال لفترة قصيرة تتراوح بين بضعة أيام وبضعة أشهر، أو يمكن أن تكون الفترة أطول، من أشهر إلى عدة سنوات، أو يمكن عند الطلب، أن تصبح إقامة الطفل دائمة.
في حين أن الهدف الأولي غالبًا هو عودة الطفل المحتضن إلى منزله بعد مرور الأزمة التي يواجها والديه، الا ان بعض الأطفال قد يحتاجون الى الرعاية حتى يبلغوا 18 عامًا أو أكثر.
السيدة سمر استضافت الطفلة الأولى في منزلها عام 2015 وكانت تبلغ من العمر عامين ونصف.
"كانت التجربة في البداية صعبة، خصوصا وأنها كانت مبعدة عن بيئة مليئة بالمشاكل. بعد أسبوعين من استضافتنا لها بدأت حالتها النفسية تتحسن. وبدا وكأنها عرفت بأنه لن يتمكن أحد من ايذائها وأنها معنا ستكون في أمان"
"كنت سعيدة جدا. أحببناها وأحبتنا كثيرا. ولكن أصبح منزل خالها جاهزا لاستقبالها فغادرتنا بعد ثمانية أشهر."

Samar Dabbagh foster caring for a girl. Source: Supplied
لم يكن الفراق سهلا على السيدة سمر، ولم تستطع أن تحزن على فراقها لأنه كان هناك طفل آخر بحاجة لمن يرعاه أيضا، فلم تتردد.
"استقبلناه بعد يوم واحد من فراقي لابنتي الأولى."
وحتى الان استضافت السيدة سمر وزوجها 15 طفلا. ولكن كان أكثر الأطفال الذي أثر فيها، طفل بلغ من العمر ثمانية أيام.
"أحضروه من المستشفى الى منزلنا وعاش معنا ثلاث سنوات. في قلبي هو ابني، أحببناه كثيرا. ما زلت أذكر صوت ضحكاته وشقاوته، وهو يعيش الآن مع خالته التي ما زالت على تواصل معنا، وتبعث لنا بصوره دائما."
"في كل مرة يتركنا فيه طفل، نحزن كثيرا لأننا نشعر بأنهم أطفالنا، ولكن عندما نرى عائلتهم تحاول جاهدة لتقديم حياة أفضل لهم نكون سعيدين من أجلهم ونقدم كل ما بوسعنا لمساعدتهم.
لم تكتفِ السيدة سمر وزوجها بالحضانة البديلة، بل شاءت الأقدار بأن يقوما بتبني طفلا استضافاه في كنفهم عندما كان يبلغ ثمانية أشهر، بالرغم من تعقيد مسألة التبني في الدين الإسلامي.
"بعد مرور عامين، لم يسأل أحد من عائلة هذا الطفل عنه، ومن شدة حبنا له، حزنا كثيرا لأن عائلته لم ترغب باسترداده."

Samar's adopted child and a girl from foster caring. Source: Supplied
"قلنا للمنظمة المسؤولة عنه أننا نريد أن نخرجه من برنامج الحضانة البديلة وتبنيه ليبقى معنا، فنحن لا نود بأن يأتي شخصا بعد خمس سنوات بالمطالبة به."
"نريده أن يعيش معنا طول العمر، نود أن نراه يكبر ويتزوج ويزورنا مع أطفاله يوما ما."
اجتهدت السيدة دبغ وزوجها وقاموا بالبحث عن كل المعلومات لتساعدهم في اتخاذ القرار، وسألوا شيوخ الدين الإسلامي في مدينة سيدني عن أفضل وأصح الطرق لتبني هذا الطفل.
"بحكم الدين، لن نستطيع أن نغير اسم عائلة والده البيولوجي، وعندما يصل سن البلوغ، لن أستطيع أن أخلع حجابي أمامه لأنه ليس محرما."
"في قلبي هو ابني، ولن يغير أي شيء هذا، حتى لو اضررت أن أرتدي الحجاب أمامه طوال الوقت، لا أمانع، هذا ابني وسأفعل كل شيء ليتمكن بالبقاء معنا الى الأبد."
وتقول السيدة سمر أن هذا الطفل يعلم منذ سنين مبكرة بأنها وزوجها ليس والديه الحقيقيان. وبأن أمه حملته وولدته ومرضت ولن تتمكن من الاعتناء به بعد الآن.
"هو سعيد جدا معنا، وفي حفل تبنيه، كان يسلم على كل المدعوين جميعا ويخبرهم شكرا لحضوركم حفلة التبني الخاصة بي."

The adoption party Source: Supplied
ومازالت السيدة سمر تستقبل أطفال آخرين في منزلها ولم تتوقف حتى بعد أن تبنت طفلها، وبمناسبة عيد الأم تقول لجميع الأمهات اللواتي لا يستطعن الحمل، أن هناك أطفال كثيرين بحاجة للعطف والحنان.
"يحتاجون الى أم ومنزل يشعرهم بالأمان والسعادة والحنان، وفي المقابل، الجنة تحت أقدام الأمهات."