عالقون في اليمن: أطفال أستراليون بين الحرب والمجاعة

Ahmed Al-Shubaili and his children

Ahmed Al-Shubiili and his children Source: Supplied

بالرغم من محاولات أحمد على مر السنوات للحصول علي المساعدة أو الدعم من السلطات الأسترالية، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل.


أحمد الشبيلي، مواطنٌ أسترالي من أصولٍ يمنية. حصل على جنسيته الاسترالية الكاملة في العام 2005. ولكن بالرغم من كونه مواطناً كاملاً يتمتع بجميع حقوق المواطنة، إلا أنه لا يستطيع إحضار زوجته وأولاده إلى الأراضي الأسترالية.

يجد أولاد أحمد الثلاثة، الواثق بالله (10 سنوات) وانصاف (9 سنوات) وعاهد(3 سنوات)أنفسهم في "شبوة" باليمن، وسط الحرب المشتعلة بين الحوثيين وقوات "التحالف العربي". وتشير آخر تقديرات منظمة العفو الدولية، إلى مقتل أكثر من يمني نتيجة القتال والأزمة الإنسانية. بالإضافة إلى أزمة شح المواد الغذائية وعدم توفر الخدمات الرئيسية التي تؤثر على ما يقرب من، يعانون من الجوع.

محاولات منذ اندلاع الحرب في 2015

بدأ أحمد التواصل مع الحكومة الأسترالية منذ بداية الحرب في 2015 عن طريق السفارة الأسترالية بالرياض (أقرب سفارة أسترالية لليمن). حيث قال أحمد "ضرب الطيران السعودي على المقاومة الحوثية، كان في كل مكان ".  وقام أحمد بنقل زوجته وأولاده إلى منطقة "شبوة" القريبة من الحدود السعودية وسلطنة عمان في شرق اليمن، في محاولة لإبعادهم عن الخطر.
Ansaf and Alwathiq Be Allah Al-Shubaili
Ansaf and Alwathiq Be Allah Al-Shubaili Source: Supplied
في البداية وعدتهم السفارة بالرياض بإجلائهم في ظرف ثلاثة أو أربعة أيام، إلا أنهم "بعد أسبوع أو عشرة أيام" أخبروه بأنهم لا يستطيعون مساعدته. وبحسب أحمد "العذر، إن السلطات الأسترالية حذرت الأستراليين من السفر إلى اليمن وعلى من سافر بالرغم من التحذير تحمل مسؤولية سفره. ولكن أولادي ولدوا باليمن ولم يخرجوا منها أبداً." فلذلك في رأيه، لا تنطبق عليهم هذه الشروط.

ويدعي أحمد أن جيرانه اليمنيين من الحاصلين على جنسيات أخرى كندية وبريطانية وأمريكية تم إجلائهم بعد اندلاع الحرب.

ويقول أحمد إن الحكومة الأسترالية قامت بإجلاء أستراليين بعد زلزال في النيبال في 2015 "بعد زوال الخطر" على حد قوله. بينما
"أولادي مازالوا معرضين لخطر القتل والتشريد . داعش تقتل الحاصلين على الجوازات الأجنبية، وأخبرنا السفارة بذلك، ولم يتحرك أحد لمساعدتنا".

الحكومة ترفض الاعتراف بالطفل عاهد

يواجه أحمد تحدياً آخر وهو رفض الحكومة الأسترالية الاعتراف بابنه الأصغر عاهد المولود بالعام 2017. فبالرغم من أنه الشقيق الأصغر للواثق بالله وإنصاف من نفس الأم، إلا أن السلطات الأسترالية تطلب من أحمد أدلة لاثبات أن عاهد ابنه بالفعل. 

وبالرغم من تقديم أحمد لجميع المستندات المتعلقة بولادة عاهد من شهادة الميلاد وشهادة الطبيب المشرف على الولادة، إلا أن السلطات تطالبه الآن بتقديم تحليل الحمض النووي كدليل على أبوته له. ويقول أحمد "من أين سآتي لهم بإختبار الحمض النووي في اليمن؟ لا توجد معامل الآن."
Ahmed Al-Shubaili with his son Ahed
Ahmed Al-Shubaili with his son Ahed Source: Supplied
اضطر أحمد للاستعانة بخدمات محامية متطوعة لتساعده في استخراج جواز السفر الأسترالي لابنه. تقول المحامية إنه إذا عاش الأب مع الأم وهما متزوجان فلا داعٍ للطعن في أبوة الطفل بحسب القانون الأسترالي. كما أنه يجب على شخص مخول من دائرة الهجرة الإشراف على عملية اختبار الحمض النووي للتأكد من نزاهة النتائج، وهو أمرٌ يتعذر تحقيقه في اليمن.   

وأضافت المحامية متحدثةً لأس بي أس عربي24 أنها لا تستطيع تفسير فترة البت في الطلب الطويلة. حيث أن الفترة المعتادة لاستخراج جواز سفرٍ لطفل بالخارج، عادةً ما تستغرق ٤ أشهر. أحمد ما زال يحاول استخراج الجواز الأسترالي لابنه منذ ثلاث سنوات.

كما تحدثت الأس بي أس عربي24 مع البروفيسور كيم روبينشتاين، خبيرة قانون المواطنة من جامعة كانبرا الوطنية والتي اتفقت مع المحامية في أن طول مدة البت بالطلب "غير معتادة." وأوضحت روبينشتاين أن في قضية مماثلة في كانون الأول/ديسمبر 2016، فرضت محكمة أسترالية على الحكومة الفدرالية لأخذ قرار بشأن طلبي جنسية مقدمان من لاجئين. حيث ادعى الدفاع إن الحكومة "عطلت" اتخاذ قرار بشأن هذين الطلبين من خلال

بالإضافة إلى ذلك قالت روبينشتاين إن طلب إثبات أبوة أحمد الشبيلي لعهد "غير ضروري" بحكم قرار المحكمة الفدرالية  وقالت إنه إذا استطاع الوالد إثبات أن الطفل يعيش مع أمه وأخوته في نفس المنزل وأنه هو الراعي الرئيسي للطفل، فهو بذلك وفا بتعريف الأبوة بنظر القانون الأسترالي.  

رد فعل السلطات

يقول أحمد إنه كمواطن أسترالي، يجب على الحكومة التدخل لانقاذ عائلته واستعادتها إلى أرض الوطن. ولكن بهذا الشأن علقت روبينشتاين أنه: "بجانب الاعتبارات الانسانية والأخلاقية، لا يستطيع أحمد الإدعاء قانونياً أن الحكومة الأسترالية تخرق حقوقه."

قامت الأس بي أس عربي24 بالتواصل مع وزارة الخارجية الأسترالية للحصول على إيضاح بشأن قضية أحمد، إلا أننا لم نتلقى إجابة بعد. ولكن بحسب الموقع الحكومي ، تشير صفحة ميثاق الخدمات القنصلية إلى أنه:
"ليس لديك الحق القانوني في الحصول على المساعدة القنصلية وينبغي أن لا تفترض بأنه سيتم توفير المساعدة لك."
ولكن أحمد يدعي إنه مضطهد بسبب عرقه كعربي. حيث قال إنه يرى أستراليين آخرين يتم إجلائهم وآخرهم 280 أعلنت وزيرة الخارجية ماريز باين عن عودتهم من بيرو في 9 نيسان/أبريل. وقالت باين إن الحكومة أبرمت صفقة مع شركة كوانتس للطيران بشأن توفير ثلاث رحلات جوية لإعادة أستراليين آخرين من البيرو والأرجنتين وجنوب إفريقيا.
يتسائل أحمد: "لماذا لا تقوم الحكومة بتسخير مثل هذه العلاقات الدبلوماسية لمساعدة عائلتي؟"
وكان أحمد قد تواصل أيضاً مع مكتب توني بورك، النائب الفدرالي العمالي عن دائرة لاكمبا في سيدني حيث يقطن، لطلب المساعدة. وبالرغم من مقابلته لإحدى الموظفات بمكتب النائب، والتي وعدته بمتابعة حالته ومساعدته، إلا أنه لم يتلق منها أي رد حتى الآن. تواصلت الأس بي أس مع مكتب توني بورك الذي رد بتعليق رسمي مفاده أنه لا يستطيع التعليق على حالات فردية.

كما تواصل أحمد مع مكتب عضوة مجلس الشيوخ عن حزب الخضر مهرين فاروقي ، وتحدث مع مديرة مكتبها، التي قالت له بدايةً إن باستطاعتهم مساعدته، قبل أن تغير رأيها لاحقاً خلال نفس المكالمة. حيث أخبرته أن باستطاعته عمل توكيل لمكتبها ليقوم بمتابعة قضيته بالنيابة عنه مع وزارة الهجرة. ولكن مع نهاية الحديث، قالت إنهم لن يستطيعوا مساعدته.

صعوبات مالية بسبب الكورونا

بالرغم من محاولات أحمد على مر السنوات للحصول علي المساعدة أو الدعم من السلطات الأسترالية، إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل. استطاع العودة إلى سيدني في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 ولكن بدون عائلته. وبينما يسعى لإعالة عائلته ووالدته وولديه الآخرين من زواجه الأول في اليمن، يقول إن النفقات اشتدت عليه في الآونة الأخيرة، خصوصاً بعدما تأثر عمله بجائحة الكورونا. 

ويقول أحمد إنه لم يتأهل للحصول على معونة Jobkeeper التي أطلقتها الحكومة لمساعدة الأستراليين الذين تأثرت أعمالهم بسبب إجراءات العزل والقيود المفروضة على المجتمع. 

ولا تزال عائلة أحمد الشبيلي في اليمن بانتظار إجلائها إلى أستراليا. 


شارك