ذكر تقرير صادر عن اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان أن 80% من المسلمين في أستراليا قد عانوا من التحيّز أو التمييز لكن 65% منهم اعتبروا أن المجتمع الأسترالي مجتمعا مرحبا ومضيافا.
شملت الدراسة أكثر من 1000 مشارك وبدأت بعد الهجمات التي تعرض لها مسجدان في مدينة كرايستشرش النيوزيلندية في أذار مارس 2019، واستمرت حتى كانون الأول ديسمبر من نفس العام.
وفي التقرير الذي حمل عنوان "مشاركة تجارب المسلمين الأستراليين"، والذي صدر هذا الأسبوع، قال 50% من المسلمين الأستراليين الذين شملهم الاستطلاع، إن التمييز حدث عند التعامل مع سلطات إنفاذ القانون، فيما قال 48% إنهم استُهدفوا في أماكن العمل أو عند البحث عن عمل، وقال 29% إنهم عانوا التمييز في مؤسسات تعليمية.
كما وجد تقرير اللجنة الأسترالية لحقوق الإنسان، الذي تضمن أيضاً محادثات مع أعضاء وقادة المجتمع المسلم في جميع أنحاء أستراليا، أن واحداً من كل أربعة مسلمين في أستراليا يخافون جداً من رفع الصوت أو التحدث عن تجربتهم عندما يتعرضون هم أنفسهم أو أي شخص يعرفونه للتمييز.
ورغم المستويات العالية للتمييز التي تم الإبلاغ عنها في الاستطلاع، قال حوالي 65 % من المشاركين أنهم وجدوا المجتمع الأسترالي مجتمعا مرحِبا ومضيافا.
وردا على سؤال حول ما إذا كانوا يشعرون بأنهم أستراليون، كانت النتيجة أن ثلاثة من كل أربعة مشاركين أو ما يقدر ب (74%) قالوا إنهم يشعرون بأنهم "أستراليون".
ويقول البروفسور فتحي منصوري، الذي كان عضوا في اللجنة الاكاديمية الاستشارية للجنة حقوق الانسان عند إجراء هذه الدراسة، في حديث مع SBS Arabic24 إن الهدف منها معرفة تجارب المسلمين من ناحية التمييز العنصري والتعرف على التجارب الشخصية وفهم العراقيل التي لا يزال العديد من الأستراليين المسلمين يتعرضون لها سواء في مجال الدراسة أو الشغل أو حتى على مستوى التغطية الإعلامية.

البروفسور فتحي منصوري مدير معهد ألفرد ديكن ومركز المواطنة والعولمة في جامعة ديكن Source: Professor Fethi Mansouri
وأضاف أن هذه الدراسة تعطي بعض الإمكانيات لصياغة نوع من الحلول الجديدة لمقاومة العنصرية في أستراليا بصفة عامة، وخاصة العنصرية والكراهية الموجهة للإسلام والمسلمين.
ويقول البروفسور فتحي منصوري إن العنصرية في أستراليا بدأت تزداد بعد أحداث عالمية.
"إذا عدنا للتاريخ وإلى الإحصائيات التي كان يقوم بها مكتب الإحصاء الأسترالي، نجد أنه منذ السنوات الستين، هناك ربما نسبة معينة من المجتمع الأسترالي تحمل أفكار عنصرية. كانت هذه النسبة في حدود 7 أو 8 بالمئة، ثم رأينا أنها بدأت تزداد بعد أحداث سياسية عالمية مثل حروب الخليج، مثل 11 سبتمبر، ووصلت في أستراليا إلى حدود 15%. لكن الشيء المنذر بالخطر ربما اجتماعيا وثقافيا هو أن هذه النسبة لا تزال في تزايد ووصلت إلى حد الآن في هذه الدراسة وغيرها من الدراسات إلى أكثر من 20 في المئة، أي أن 20 بالمئة من سكان أستراليا لديهم أفكار سلبية جدا تجاه الإسلام والمسلمين تصل إلى حد الكراهية والعداوة".
ويقول البروفسور منصوري إن هذه المعلومات مهمة جدا وخطيرة جدا في نفس الوقت.
"ربما الشيء الجديد الذي نتعلمه من مثل هذه الدراسات هو أين نجد ما هي محاور التمييز العنصري، كيف تتمظهر هل تتمظهر في السلوكيات اليومية أو في وسائل التواصل الاجتماعي، في الإعلام، على مستوى القيادات؟ ثم من هنا تأتي عملية الإصلاح وعملية التصدي لهذه الظواهر العنصرية. نحن لاحظنا أنه من بعض الأمور التي ساهمت تواصل هذهن الجوانب السلبية في المجتمع الأسترالي المتعدد الثقافات هي أن المنظومة القانونية ليست ربما قادرة بما تحمله الآن من أدوات، ليست قادرة أن تواجه هذه المظاهر العنصرية".
وقال أحد أعضاء المفوضية السيد تشين تان إن الدراسة أجريت بعد الهجمات في كرايستشرش، من أجل فهم أفضل لتجارب المسلمين الاستراليين فيما يتعلق بالكراهية والجريمة. وأضاف إنه قد حان الوقت لكي تعتمد أستراليا إطار عمل وطني مناهض للعنصرية، يمكن أن يشمل حملات تثقيف وطنية وبرامج للشركات والأعمال يمكن أن تقدمها لموظفيها كبرامج توعية وتدريب.

Race Discrimination Commissioner Chin Tan. Source: SBS News
من جهتها قالت وزارة الشؤون الداخلية إنها تنظر في نتائج التقرير وهي مستعدة لتخصيص مبلغ 63 مليون دولار على برامج التماسك الاجتماعي.
ويقول البروفسور فتحي منصوري إن هناك دائما مستويين من الإصلاحات أو التغييرات التي يمكن للحكومات القيام بها لخفض نسبة العنصرية في المجتمع:
أولا على صعيد المؤسسات: نقوم بإصلاح النسيج المؤسساتي في استراليا حتى يصبح قابلا أكثر على دمج الآخر، على إعطاء الآخر فرصة ليكون جزءا فعالا في صنع القرار، حتى يكون لديه القدرة على صياغة الحلول لحل هذه المشاكل. وهناك المزيد من العمل الذي يجب أن ينجز على هذا الصعيد، وهذا للأسف يسير ببطء".
أما المستوى الثاني فيقول البروفسور فتحي منصوري إنه على الصعيد الاجتماعي والشخصي، وهناك حملات التوعية وإدخال بعض الأمور على القطاع التربوي، أو ما يسمى بالقوة الناعمة:
"لحد الآن أغلب التركيز هو على هذا المستوى في المجتمع الأسترالي كإعطاء بعض المنح لبعض المؤسسات او الجمعيات للقيام ببعض العمل الذي ربما يساهم في خلق هذا الوئام الاجتماعي، لكن بدون إصلاح جذري لبعض المنسوجات المؤسساتية في المجتمع الأسترالي على مستوى الأنظمة والقوانين، حتى التمثيل السياسي والإعلامي، ربما لا يمكننا أن نرى تحسنا جذريا في مثل هذه الأمور ما لم نقم بمثل هذه الإصلاحات الجذرية".