"أستراليا لديها عقدة من اللاجئين": سيدتان عربيتان ترويان تجربتيهما المتناقضتين

Woman (L) from Villawood detention centre in Sydney in 2010 (R) Nancy Raed and her mother Manal arrived to Australia as refugees more than a year ago.

Nancy Raed and her mother Manal Al-Naddaf (R) arrived in Australia as refugees. Source: AAP and Supplied

تجربة اللاجئ في أستراليا بها الكثير من التناقضات وتتوقف على طريقة الوصول.


تجلس منال النداف، اللاجئة السورية التي وصلت لأستراليا منذ عام، كل يوم لحفظ كلمات جديدة من اللغة الإنجليزية.

منال التي انتقلت لأستراليا مع ابنتِها نانسي وزوجِها رائد، تسعى لإكمال دراستها في أستراليا، بروح معنوية مرتفعة تقول:"أحب أن أدرس القانون، أكون محامية أو أكثر، قاضية، أحب أن أكون مع المظلومين."

مع بداية الحرب في سوريا انتقلت منال التي تبلغ من العمر 32 عاماً مع زوجها للعراق، ومن هناك قدمت على لجوء لأستراليا وقُبِل طلبُها لتنتقل أسرتها الصغير إلى ملبورن.

رحلة اللجوء لمنال كانت قصيرة وتركت عندها انطباعاً جيداًعن أستراليا وهي تصفها بالشكل التالي:
عرفنا إن أستراليا هي بلدنا، وهذه أول خطوة للاستقرار.
يعمل زوج منال حاليا في قطاع البناء والتشييد ويدرس ليدخل الجامعة، تسعى الأسرة الصغيرة للوصول لحلمها هنا: "الحمدلله نسعى الآن للاستقرار المادي، نخطط للعمل والدراسة بالجامعة، ثم نتملك منزل وهو حلم كل الناس أن يتملكوا منزل، يشعرهم بالاستقرار."
Would-be asylum seekers to Australia are helped off a Sri Lankan naval craft on July 31, 2013 after their boat was intercepted off the island's eastern coast.
Would-be asylum seekers to Australia are helped off a Sri Lankan naval craft on July 31, 2013 after their boat was intercepted off the island's eastern coast Source: AAP
على النقيض، ترى منار غنيم، اللاجئة السورية التي جاءت بالقارب عام 2013، أن أستراليا عاملتها وأسرتَها بشكل ظالم: "لم أتوقع هذا من أستراليا، أن يعاملونا كأننا فئة مختلفة في المجتمع، ينظرون لنا نظرة مختلفة، يقولون لنا أنتم جئتم عن طريق البحر فليس لكم هذا ولا ذاك، وحتى الآن لا نعرف مصيرنا."

في حالة مرام انتظرت لسنوات طويلة حتى تحصل على تأشيرة حماية تسمح لها بالبقاء لمدة طويلة، لكنها مُنحت تأشيرة تجدد كل ثلاث شهور، وبعد ثمانية أعوام من الانتظار حصلت منار على تأشيرة حماية لمدة ثلاث سنوات، تسمح لها هذا التأشيرة بالدراسة، وبدأت منار على الفور بالالتحاق بدورة تأهلها للعمل في المختبرات الطبية.  

لكن فترة الانتظار تركت مرارة عند اللاجئة التي يبلغ عمرها 30 عاماً ووصلت إلى هنا وهي في ريعان الشباب وتقول
ضياع الوقت، ضياع عمر، لقد جئت صغيرة، أنا لو أخدت أوراق رسمية (منذ وصولي) كان معي الجنسية وأقدر أدخل الجامعة، كانت مرحلة صعبة بحياتنا.
القانون لا يساعد لاجئي القوارب

الفرق الشاسع في الانطباع عن أستراليا وعن تجربة اللجوء ليس مقصوراً على منار ومنال، فقد وصل نحو 50 ألف شخص خلال الأعوام العشرة الماضية إلى أستراليا عبر القارب طبقاً مجلس اللاجئين الأسترالي، ومن غير المعروف عدد اللاجئين الذين وصلوا لأستراليا في نفس الفترة عن طريق التقدم للحكومة بطلب لجوء رسمي عبر السفارات، ولكن خلال عام 2018 استقدمت استراليا لـ 4630 لاجئ من العراق و 3227 لاجئ من سوريا.

و أستراليا تخصيص 18750 تأشيرة إنسانية للعام الجاري.
Yamamah Agha, General Manager of Settlement Services International
Yamamah Agha, General Manager of Settlement Services International. Source: Supplied
تقدّم يمامة أغا، المدير العام  لمؤسسة خدمات إعادة توطين اللاجئين ومقرها ليفربول بسيدني، تشخيصها للمشكلة، فبرنامج اللاجئين والمساعدات الإنسانية الذي تديره الحكومة مخصص لدعم اللاجئين الذين يأتون عن طريق تقديم طلب رسمي من الخارج، أما الذين يأتون عن طريق "القارب" أيضا يكونون بحاجة لنفس الحماية لكن طبقاً ليمامة: "المشكلة أنهم يأتون بدون تأشيرة صالحة على البلد ولهذا هؤلاء الأشخاص عندما يأتون لأستراليا لا يكون عندهم نفس الحقوق والخدمات الموجودة بأستراليا."

بعض هذه الخدمات ضروري للغاية مثل تعلم الإنجليزية أو الحصول على عمل، ولذلك تنادي يمامة بإصلاح هذا الخلل، وتقديم الخدمات اللازمة لكل اللاجئين الذين يحتاجونها.

الحياة الأسرية

تتمحور حياة منال وزوجها حول ابنتهما نانسي التي تبلغ من العمر أربعة أعوام، في السابق ساءت حالة نانسي بسبب ظروف الحرب والانتقال لأربيل، فالأب يعمل 14 ساعة في اليوم للإنفاق على الأسرة، والأم متخوفة من الخروج من المنزل في مدينة جديدة عليها، في هذه الفترة انطفأت نانسي وتوقفت عن اللعب.
Nancy Raed (L) the daughter of Manal Al Naddaf (R)
Nancy Raed (L) the daughter of Manal Al Naddaf (R) Source: Supplied
كانت حالة نانسي هي الشغل الشاغل لمنال التي تقول: "مرقت بحالة نفسية صعبة، أكثر شيء أثر في أن بنتي كانت تعبانة جداً، تغيرت فوراً (بعد القدوم لأستراليا) لأن زوجي كان معنا في المنزل، وهناك حدائق كبيرة تفتح النفس، تغيرت نفسيتها للغاية، وتحسنت أكثر عندما دخلت روضة الأطفال."

تعلمت نانسي العديد من الكلمات في الروضة، تحب الرسم وإطلاق النكات رغم صغر عمرها، ترى منال لنانسي مستقبلا واعداً في أستراليا وتتمنى أن تحقق نانسي أحلامها: "أتمنى أن تفعل كل ما تريده (..) عندنا نقص في الأحلام، كل ما تمنيناه لم نستطع تحقيقه، كان هناك نقص، ولذلك أتمنى لابنتي أن تفعل أي شيء تحلم به." 

تقول منال: "نحن لا ننوي الرحيل أبداً، بلدنا هنا هي أستراليا وسنظل هنا."

على الجهة المقابلة، تسعى منار لترك أستراليا تماماً، فقد تزوجت وزوجها مستقر في نيوزيلندا، حاولت منار أن تحصل له على تأشيرة للقدوم لأستراليا والاستقرار معها لكن هذا تعذر مع بداية وباء كورونا، وهي الآن تسعى للمغادرة وبدء حياة جديدة في نيوزيلندا، فقد خابت توقعاتها في أستراليا على حسب تعبيرها: "توقعت أن أصل إلى هنا وتحميني الدولة،" لكن منال ترى أن أستراليا لا تسامح لاجئي القوارب وتؤكد أن "أستراليا عندها عقدة" من هؤلاء اللاجئين.


شارك