انتقلت الدكتورة جومان فرجو من نيوزيلندا إلى أستراليا حيث استقرت مع عائلتها وشعرت بالانتماء لهذا الوطن.
جومان فرجو، طبيبة متخصصة في أمراض النساء والولادة. تختصر لنا رحلتها من العراق إلى نيوزيلندا فأستراليا ومناطقها النائية البعيدة التي خدمت فيها لسنين قبل استقرارها والعائلة في سيدني.
عشرون عامًا من رحلة الإصرار على النجاح رغم كل الصّعاب.

Dr. Juman Fargo in homeland Iraq. Source: Dr. Juman Farjo
النقاط الرئيسية
- معادلة الشهادات كانت الخطوة المحورية الأولى والمتطلبة لتمكينها من مزاولة عملها
- اضطرت للعمل في المناطق المحتاجة النائية بعيدًا عن زوجها وطفلها
- تخصص ابنها الأكبر في الطب تأثرا بوالدته وجهودها الاستثنائية
لم تعرف الدكتورة فرجو ولا زوجها أحدا في نيوزيلندا، وهناك لم يعرف أحد شيئًا إطلاقًا عن العراق.
عائق اللغة في نيوزيلندا كان بحد ذاته تحديا خاصا رغم أن اللغة الثانية في العراق هي الإنجليزية، لكن اللهجة النيوزيلندية كانت أكثر تطلبا للطبيبة الشابة من اللهجة الأسترالية التي ستتقنها لاحقا.
"كان لدينا خيار واحد وهو أن نكمل. ‘ذا لم أنجح، أعيد الامتحان وإذا لم أوفق أحاول تحقيق شيء آخر، لم يكن لدينا كعراقيين أي خط للعودة".
نظراً لأنه لم يكن لدى العراقيين خيار للعودة الى العراق، أوضحت الدكتورة فرجو أن هذا الأمر ساعد أغلبية العراقيين على تحقيق النجاح في ظل غياب احتمالية للتراجع.

Source: Supplied
تضحيات كبيرة مثمرة
قالت الدكتورة فرجو إن التحديات الأكبر كانت في إتمام المعادلات المطلوبة لمتابعة التخصص ومزاولة مهنة الطب التي أخذت منها سنين عديدة من الدراسة في كلية الطب في جامعة بغداد.
لم تستسلم الطبيبة الشابة الزوجة والأم، بل ثابرت رغم المتطلبات المعقدة التي تحتاجها ممارسة الطب في أستراليا من معادلة الشهادات، إضافة الى متطلبات أساسية مثل العودة لمقاعد الدراسة، واختبارات عديدة للحصول على تأشيرة العمل الخاصة بهذه المهنة.

Source: Juman
"لم أكن أعرف إلى أين سيوصلني قرار الانتقال هذا، ولكن أنا كعراقية لم يكن لدي أي خيار".
من نيوزيلندا إلى أستراليا
انتقلت العائلة من نيوزيلندا إلى أستراليا. إصرار الدكتورة فرجو على تحقيق أحلامها دفع بها للقبول بالعمل في المناطق المحتاجة البعيدة مما اضطرها للانتقال مع طفلها في المرحلة الأولى إلى تسمانيا ومن ثم لم يكن لديها إلا خيار الانسلاخ عن زوجها وطفلها حتى إنهاء عملها هناك.
لاحقًا انتقلت إلى مدينة نيوكاسل، حيث كانت تزور عائلتها مرتين في الأسبوع الى أن سمحت لها الظروف بالعمل قرب مكان إقامة العائلة.
"في البداية، انتقلت أنا وإبني ماثيو إلى تسمانيا للعمل، وكان آنذاك يبلغ من العمر ثلاث سنوات. كنت أعتني به ولكن لصعوبة عملي كطبيبة، اضطررت لاحقًا إلى العودة به إلى سيدني ومن ثمّ إلى أوكلاند حيث بقي بعناية والدتي لمدة ثلاثة أشهر حتى انتهاء عملي في تسمانيا."

Source: Supplied
كان الأمر صعبًا جدّا بالنسبة إلى الطبيبة الأم لأنها كانت تشعر بالذنب تجاه ابنها.
وهكذا وبعد مرور سنة كاملة من ممارسة عملها الطبي هناك، انتقلت الى نيوكاسل، مما سهل عليها زيارة عائلتها خلال عطلة نهاية الأسبوع.

Source: Supplied
هذه التضحيات قابلها حضور نوعي من الأولاد: "تعلّم الأولاد مني ومن والدهم العمل المجتهد والتضحية ولكن في الوقت عينه الاعتناء بالعائلة".
متى أصبحت أستراليا وطنًا؟
لم يكن الانسلاخ عن العراق والانخراط في المجتمع الأسترالي سهلا.
"أستراليا أبكتني مرات كثيرة ولكن لم أتنازل، لم أستسلم وبقيت أحاول، الحمد لله أنني وصلت."
ولكن رغم التحدّيات الكثيرة، قالت الدكتورة فرجو إنها من اللحظة الأولى شعرت أن أستراليا وطنٌ لها ولعائلتها.

Dr. Juman with her husband and youngest son. Source: Dr. Juman Farjo
"لم نشعر بالغربة، من اليوم الأول أحسسنا أنا وعائلتي بالانتماء لهذا البلد، نحن نحب العراق لكننا نشعر أن هذا هو وطننا الثاني."
بعد 23 سنة
تنظر الدكتورة جومان فرجو إلى الوراء، وتشعر اليوم بالرضا والفخر لأن تضحياتها أثمرت وابنها ماثيو طالب يتخصص في مجال الطب.
"شيء مهم أن يروا أن والدتهم تحاول أن تحقق أهدافها وفي نفس الوقت تعتني بهم، وبهذا أظن أنني علمتهم أكثر مما لو ضحيت بشهادتي وخصصت كل الوقت لهم، إصراري علمهم الاستقلالية والاعتماد على النفس."

Dr. Juman with her extended family in Australia. Source: Dr. Juman Farjo
وختمت داعية المهاجرين لتحقيق الإنجازات أينما كانوا موجهة نصيحتها لهم: "المكان ليس مهمّا، أينما كنت يمكنك أن تكون منجزا وأن تصل إلى ما تريد."
استمعوا إلى قصة الدكتورة جومان فرجو في الرابط الصوتي المرفق بالصورة أعلاه.