ليس هناك من عمر محدّد للتطوع والعطاء. هذا ما تثبته قصة جميلة جوزيف التي لا تزال متطوعة وتقدم المساعدات لرعية كنيسة سيدة لبنان في هاريس بارك وهي في الثمانين من العمر.
" أنا عمري 80 سنة ولكن عندما أشارك في العمل التطوعي في الكنيسة أشعر وكأنني في العشرينات"، هكذا تصف لنا جميلة شعورها عند المشاركة في نشاطات الكنيسة وهي لا تزال تتذكر بإسهاب كيف بدأت العمل التطوعي منذ أكثر من 50 عاماً عندما كانت كنيسة سيدة لبنان لا تزال قيد الإنشاء: "منذ بدء العمل على بناء الكنيسة كنا نذهب ونشعل الحطب لكي نخبز على الصاج. ونحن مستمرون في العمل حتى اليوم."
وصلت جميلة إلى استراليا منذ 66 عاماً مع عائلتها قادمة من بلدة كفرصغاب في شمال لبنان. وبالرغم من مرور السنوات، لا تزال تتكلم اللغة العربية بطلاقة وقد أصرّت على تعليمها لأولادها وأحفادها وهي فخورة اليوم بأحد هؤلاء الأحفاد الذي يساعد أيضاً في العمل التطوعي في الكنيسة: "ربيّت أولادي وأحفادي على القيم التقاليد وعلى المحافظة على تراثنا وثقافتنا اللبنانية".

Source: Supplied
تشارك الجدّة المتطوّعة في نشاطات كل من أخوية الرعيّة ولجنة المسنين في الكنيسة. وتقوم كل امرأة في اللجنة بتحضير طبق في بيتها ثم يحضرن الأطباق كلها إلى صالة الكنيسة حيث يشاركن كبار السن الغداء ليوم واحد كل أسبوع ويتخلل اللقاء صلوات وأغان وقصص وترانيم. أما في المناسبات الأخرى التي تنظمها الرعية فيتم بيع الطعام وتذهب الأموال لمساعدة الفقراء والمحتاجين.
وبالرغم من أن جميلة بارعة في جميع الأطباق إلا أنها تشتهر بالحلويات وبخاصة "النمورة": "الناس أصبحوا يطلبون نمورة جميلة". وهي لا تخفي شوقها لعودة الحياة إلى طبيعتها ولعودة النشاطات في الرعية: " أعد الأيام والساعات لكي تعيد الكنيسة فتح أبوابها ونستطيع معاودة نشاطنا، أشتاق كثيراً لرؤية الوجوه الطيبة التي كنت أراها كل يوم".

Source: Supplied
ولا يشكّل العمر عائقاً أمام نشاط الجدة المجتهدة في خدمة مجتمعها ولا يمعنها لا تعب ولا مرض من المساعدة والمشاركة في نشاطات الكنيسة: "حتى لو كنت تعبانة ما بقبل إلا بدي روح وإذا لم أكن أنا موجودة، يجب على أحد أولادي أو أحفادي تقديم المساعدة بدلاً عني".
تعبّر جميلة عن سعادتها بمشاركة الكثير من أبناء الجيل الشاب في العمل التطوعي في الكنيسة: "خلال السنوات الأخيرة زاد عدد الشبان والشابات الذين يساعدوننا وأنا أقول لهم دائماً 'نحنا ختيرنا وراح دورنا صار دوركن انتوا'".
قصة جميلة التي روتها عبر أثير أس بي أس عربي 24 أثرت بكثير من المستمعين والمستمعات ومن بينهم رئيسة الجمعية الأسترالية للمرأة المسلمة السيدة جليلة عبد السلام التي اتصلت وعبرت عن تأثرها العميق: "صوتها رائع يعطي الكثير من الأمل. قصتها حركت قلبي. أتمنى لو يقتدي بها المهاجرون جميعاً لأنها بنت حياتها على مبادئ محددة وربت أولادها وأحفادها على العادات والتقاليد التي تربت عليها. هي عظيمة برأيي وتستحق أجمل وأحلا الألقاب في أستراليا. ذرفت الدموع عند سماع صوتها لأنها تمثل أجمل ما في أستراليا".

Source: Supplied
وتحتفي أستراليا بالأسبوع الوطني للتطوع الذي يمتد من 18 ولغاية 24 أيار/مايو، حيث يتم توجيه الشكر لأكثر من 5.8 مليون أسترالي من مختلف الأعمار يتطوعون كل عام ويساهمون في بناء مجتمع أفضل لنا جميعاً.