تراجع كبار القضاة البريطانيين عن القرار الأولي للقاضية فانيسا باريتسر التي عارضت منذ نحو عام تسليم الأسترالي البالغ من العمر 50 عامًا للسلطات الأميركية، مشيرة إلى احتمال اقدامه على الانتحار في حال سجنه في الولايات المتحدة.
واعتبرت محكمة الاستئناف الجمعة أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات ردا على المخاوف التي دفعت قاضية محكمة البداية إلى رفض تسليم مؤسس موقع "ويكيليكس" الذي سرب أعدادا هائلة من الوثائق السرية الأميركية.
وأعلنت وزارة الشؤون الخارجية والتجارة الأسترالية أن المسؤولين أثاروا قضايا الإجراءات القانونية الواجبة والحق بالحصول على الرعاية الطبية المناسبة لجوليان أسانج مع مسؤولين في المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وقال السناتور ريكس باتريك لأس بي أس إن الحكومة الأسترالية لم تمارس ضغوطاً كافية على حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن القضية.
وأضاف: "نائب رئيس الوزراء بارنابي جويس تحدث دعماً لجوليان أسانج أثناء وجوده في الحجر الصحي".
وقال جويس في بيان: "فيما يتعلق بالإجراءات الحالية في المملكة المتحدة، ينبغي الأخذ بالاعتبار أنه لم يكن في الولايات المتحدة عند القيام بالأنشطة المتهم بها ولم يكن مواطناً أمريكياً في ذلك الوقت، لذا لا يجب أن يكون ملزماً بقوانين الولايات المتحدة".
من جانبها، أعلنت ستيلا موريس رفيقة أسانج أن الأخير يعتزم الطعن في القرار الصادر الجمعة أمام المحكمة العليا. وأمامه 14 يوما للقيام بذلك.
وكانت موريس قد نددت من أمام مقر المحكمة في لندن ب"وقاحة" الحكم فيما يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان.
وأضافت "جوليان كشف جرائم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية. كيف عساهم يقبلون بعملية تسليم إلى بلد خطط لقتل جوليان (..) بسبب ما نشره؟" معتبرة أنه يجسد "كل حرياتنا وكل حقوقنا".
وفي ظل توترات متعاظمة مع الدول الغربية، اعتبرت روسيا التي تدافع بشكل مستمر عن أسانج، أن قرار المحكمة العليا "مشين".
ودانت منظمة مراسلون بلا حدود قرار المحكمة البريطانية، وجددت المطالبة بالإفراج عن أسانج.
تتهم الولايات المتحدة جوليان أسانج بنشره اعتبارا من 2010، أكثر من 70 ألف وثيقة سرية تتعلق بأنشطة عسكرية ودبلوماسية أميركية، لا سيما في العراق وأفغانستان.
وهو ملاحق بتهمة التجسس وقد يحكم عليه بالسجن 175 عامًا في قضية يرى فيها مؤيدوه هجوما خطرا جدا على حرية الصحافة.
تعتقل الشرطة البريطانية جوليان أسانج في سجن شديد الحراسة بالقرب من لندن منذ نيسان/إبريل 2019 بعدما أمضى سبع سنوات في سفارة الإكوادور في العاصمة البريطانية حيث لجأ بينما كان قد أفرج عنه بكفالة.
وكان يخشى تسليمه إلى الولايات المتحدة أو السويد حيث كان ملاحقا بتهمة الاغتصاب لكن الدعوى أسقطت.
- الكاتراز جبال الروكي -خلال جلسات الاستئناف بشأن تسليمه التي استغرقت يومين في نهاية تشرين الأول/أكتوبر سعت الولايات المتحدة إلى طمأنة القضاء بشأن المعاملة التي ستخصص لمؤسس موقع ويكيليكس.
وأكد جيمس لويس محامي الحكومة الأميركية أن أسانج لن يسجن في سجن "ايه دي اكس فلورنس" في ولاية كولورادو المعروف بقسوته ويحتجز فيه في عزلة شبه تامة كل أعضاء تنظيم القاعدة تقريبا. ويسمى هذا السجن "الكاتراز جبال الروكي".
وقال إن القضاء الأميركي سيضمن أن يتلقى مؤسس "ويكيليكس" الرعاية السريرية والنفسية اللازمة وأن يتمكن من طلب أن يمضي مدة عقوبته في أستراليا.
وشدد القضاة البريطانيون على أن الضمانات التي قدمتها الولايات المتحدة هي "التزامات رسمية صادرة من حكومة إلى أخرى".
من جانبه رد إدوارد فتزجيرالد محامي جوليان أسانج أن التأكيدات الأميركية لا تغير شيئًا وأن "خطر الانتحار ما زال ماثلا أيا تكن الإجراءات" التي يتم اتخاذها.
الشهر الماضي، أعلنت ستيلا موريس رفيقة جوليان أسانج التي أنجبت منه طفلين عندما كان في سفارة الأكوادور أنه سمح للشريكين بالزواج في سجن بلمارش حيث يُعتقل الأسترالي.
كذلك حصل جوليان أسانج على دعم نحو أربعين نائبا فرنسيا من أحزاب مختلفة، طالبوا بمنحه لجوءا سياسيا في بلدهم.
قرار مشين
دانت وزارة الخارجية الروسية الجمعة قرار القضاء البريطاني إلغاء قرار رفض تسليم الولايات المتحدة مؤسس موقع ويكيليكس جوليان أسانج الذي تريد واشنطن محاكمته بشأن تسريب كمية هائلة من الوثائق.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على حسابها على تطبيق تلغرام "هذا القرار المشين في قضية سياسية ضد صحافي وشخصية عامة هو دليل آخر على رؤية عالم آكلي لحوم البشر للثنائي الانغلو ساكسوني".