زمن وباء فيروس كورونا لا يشبه أي شيء شهده معظمنا على الإطلاق.
من أحد الأمور العديدة المتغيرة التي طرأت على حياتنا الآن هي طريقة أكلنا للطعام. اذ ان الكثير منا إما يأكل أكثر مما كان يأكل في العادة، أو فقد شهيته للطعام.
جميعنا يدرك بأن سلوكنا الجديد في تناول الطعام هو اما ردة فعل للضغط النفسي والقلق الذي نشعر به في ظل الظروف الراهنة وغموض المستقبل، وتعليق خططنا المستقبلية، أو الشعور بالملل إثر جلوسنا في المنزل لساعات طويلة.
ويحث خبراء وأخصائيو التغذية المهتمون بمستويات السمنة الوطنية الأشخاص في الحجر الصحي على تجنب الافراط في تناول الطعام كرد فعل للشعور بالضغوط والضجر.
اذ وفي الوقت الذي يسيطر فيه الملل على البلاد، يلجأ الناس إلى ثلاجاتهم وخزائنهم لتمضية الوقت، لكن خبراء الطعام يقولون إنه يجب علينا بدلاً من ذلك اتباع نظام غذائي نظيف وجيد.
قال عالم النفس الإكلينيكي كريستوفر باستن لشبكة الـ ABC: عندما تصبح الأيام طويلة ومملة، فنلجأ إلى الطعام. وإن الأكل للشعور بالراحة هو استجابة لاشعورية للمشاعر السلبية المرتبطة بالضغط والملل.

Comfort food Source: Sigrid Gombert/Getty Images
وأضاف إن الناس يأكلون دون التفكير في الكمية والنوعية طوال اليوم كآلية للتكيف مع الوضع. وإن مشكلة السمنة في أستراليا قد تزداد سوءًا نتيجة للحجر الصحي.
وأوصى الناس بالجلوس للتمتع بطعامهم. بدلاً من تناول الطعام أمام شاشة التلفاز أو شاشة الكمبيوتر، ونصح بتنظيم الوجبات عن طريق جدولة مكالمات الفيديو مع صديق.
كما حث الناس على التخطيط للمستقبل، خاصة عند الخبز أو تحضير الطعام.
"إذا كان لديك ثماني حصص لشيء ما، فمن المغري قليلا ان تقوم بتناوله كله."
وينصح الطبيب النفسي الدكتور سمير إبراهيم، بتنظيم اليوم قدر المستطاع لتجنب الدخول في دائرة الملل والضجر التي قد تؤدي الى سلوكيات تؤثر على نمط حياتنا الصحي والمتوازن.
وأضاف: "يمكن للعائلة والأفراد بتخطيط يومهم بالكامل وتقسيم مهماتهم اليومية واحترام هذا الجدول."
يتزايد قلق خبراء التغذية بشأن كيفية تأثير الطبخ في الحجر الصحي على مستويات السمنة - اذ أفاد مكتب الإحصاءات الأسترالي أن ثلثي البالغين الأستراليين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة.

Comfort food often reminds us of childhood, or happy moments Source: mikroman6/GettyImages
وقالت جين فريمان من جمعية أطباء التغذية في أستراليا لشبكة الـ ABC: "نحن من أولى الخمس دول في العالم من حيث إحصاءات السمنة".
"إنه وقت مهم بالنسبة لنا جميعًا لحراسة صحتنا، وتعزيزها، وتناول الطعام بشكل جيد، والتحرك قدر الإمكان."
وأوصت بوضع ألوان وأنواع مختلفة على أطباقنا والاعتراف عندما نشعر بالشبع.
وأضافت فريمان: "من المهم حقًا ألا نستخدم COVID-19 كسبب لعدم الأكل جيدًا أو عدم الحفاظ على ليقتنا".
وقال الدكتور باستن إن الإفراط في تناول الطعام ليس الطريقة الوحيدة التي يهمل بها الناس صحتهم.
وأضاف إن الافتقار إلى الحافز والوصول إلى الصالات الرياضية يمكن أن يؤدي إلى "حلقة مفرغة من عدم اتباع خيارات صحية".
كما أثار قضية فقدان بعض عملائه شهيتهم كرد فعل شديد على التوتر والاكتئاب.
ومع ذلك، في النهاية، إن الزيادة في الطهي المنزلي كان نشاط إيجابي حيث تعلم الكثير من الناس التحكم في الكمية المناسبة وشعورهم بالإنجاز والإبداع.

Lost your sense of smell or taste? It could be a symptom of COVID-19. Source: Getty Images/Tom Merton
وقالت ديبرا كيسن لجريدة NY Times، عضو جمعية القلق والاكتئاب الأمريكية، إن الأشخاص الذين يعانون من القلق هم الأكثر عرضة للتوقف عن تناول الطعام. هذا يعود إلى أسلافنا القدماء. "عندما تكون على وشك أن يأكلك أسد، وتحتاج إما للقتال أو الهروب، فإنه ليس فعالًا أن يكون في أمعائك طعام لتهضمه لأن هذه العملية قد تكون مضعفة للطاقة الجسدية.
وتضيف ان هذا النوع من ردود الفعل منطقي بالنسبة للتهديد الفوري، على الرغم من أنه ليس أفضل طريقة للتعامل مع الطعام على المدى الطويل. وقالت "ان هذه الطريقة القديمة للبقاء على قيد الحياة قد تكون غير فعالة لأزمة الحياة الحديثة".
من ناحية أخرى، يمكن أن يكون الإفراط في تناول الطعام نتيجة لعدة أسباب، من الشعور بالاكتئاب إلى مجرد تخزين الحلوى المفضلة لديك قبل العزلة الذاتية. بالنسبة لأولئك الذين يعملون الآن من المنزل، قد يعني هذا سهولة الوصول إلى المطبخ والمزيد من تناول الطعام.
وقالت ماكينزي كيلي، أخصائية علم النفس الإكلينيكي في المركز الطبي بجامعة راش لجريدة NY Times، إن الاستجابة الجسدية لجسمك يمكن أن تلعب دورًا أيضًا.
عند الإجهاد، تطلق أجسامنا هرمون الإجهاد الكورتيزول، وتصنع المزيد من الأنسولين، "مما يؤثر على عملية التمثيل الغذائي للكربوهيدرات والدهون، وعندما يتم تنشيطه، يمكن أن يؤثر على اختيار الطعام". غالبًا ما تكون الأطعمة التي من المحتمل أن تتوق إليها غالبًا هي الكربوهيدرات أو الأطعمة الغنية بالدهون مما يخفف من آثار زيادة الكورتيزول والأنسولين، مما يوقف الاستجابة للضغوط النفسية التي تشعر بها.
في حين أن فورة الطعام في بعض الأحيان مثل هذه لن تكون مشكلة ويجب عليك منح نفسك تصريحًا إذا كنت تأكل الطعام الذي تتجنبه عادةً، الا ان الافراط في تناول الكربوهيدرات والأطعمة عالية الدهون بشكل متكرر سيخفف من تأثيرها على حالتك المزاجية.

Comfort food is ok in moderation Source: Jonathan Knowles/Getty Images
قالت الدكتورة كيلي أن أحد أفضل الأشياء التي ستساعد في تناول الطعام بسبب الشعور بالقلق هو الوقت. وقالت: "إذا كان الناس يشعرون بالتوتر أو القلق، فإن مجرد إتاحة مرور بعض الوقت يمكن أن يساعد". بالنسبة لأولئك الذين يشعرون أنهم يتناولون وجبات خفيفة كثيرًا فإن القيام بشيء آخر لتمضية الوقت يمكن أن يساعد أولئك الذين يأكلون دون الشعور بالجوع على التلاشي.
بالنسبة لأولئك الذين يأكلون القليل جدًا تقترح العثور على شيء مقبول للأكل أو تجربة شيء غني بالسعرات الحرارية للشرب، خصوصا وان هذا الوضع سيبقى معنا لفترة طويلة.
إذا كنت تبالغ في تناول الطعام، فتأكد من أن الأطعمة التي تصل إليها ليست وجبات خفيفة مغلفة فقط، وتأكد من تناول أشياء مثل الفواكه والخضروات في خيارات الوجبات الخفيفة.
أيضًا، إذا وجدت نفسك تنسى تناول الطعام (ثم ربما تأكل كثيرًا في الوقت الذي تشعر فيه بالجوع في النهاية)، يمكنك أيضًا جدولة وجباتك في التقويم الخاص بك، تمامًا كما تفعل في أي موعد آخر في اليوم. أو ضبط المنبهات لتذكير نفسك بتناول وجباتك المعتادة وشرب كوبًا من الماء.
تذكر أن الرعاية الذاتية تعني أيضًا السماح لنفسك بالاستمتاع بطعامك بالكامل. الآن ليس الوقت المناسب للشعور بالذنب بشأن تناول عدد قليل من السعرات الحرارية الإضافية أو عدم تناول وجبة في ميعادها. اذ ان محاولتك لتقليل حجم القلق قد يجعل تناول الطعام أمرا طبيعيًا أيضًا.