أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة أن سلالة B.1.1.529 المكتشفة حديثًا من كوفيد-19، والتي تم اكتشافها لأول مرة في جنوب إفريقيا، مثيرة للقلق وتم تسميتها "أوميكرون".
يضع التصنيف أوميكرون في الفئة الأكثر إثارة للقلق من متحورات كوفيد-19، جنبًا إلى جنب مع متحور دلتا الأكثر انتشاراً على مستوى العالم، بالإضافة إلى منافسيها الأضعف Alpha وBeta وGamma.
الموقف الأسترالي
ستغلق أستراليا حدودها أمام تسع دول في جنوب إفريقيا وتعلق جميع الرحلات الجوية من تلك البلدان وسط مخاوف متزايدة بشأن المتحور الجديد أميكرون.
وقال وزير الصحة الفدرالي غريغ هانت، إن أستراليا في وضع مختلف تمامًا عن البلدان الأخرى بسبب معدلات التطعيم المرتفعة، لكن هناك إجراءات يجب اتخاذها لحماية البلاد.
وقال إنه سيتم تعليق جميع الرحلات الجوية على الفور لمدة أسبوعين من جنوب إفريقيا وناميبيا وزيمبابوي وبوتسوانا وليسوتو وإسواتيني وسيشيل وملاوي وموزمبيق.
ويجب على أي مواطن أسترالي أو أحد أفراد عائلته ممن كانوا في تلك البلدان خلال الـ 14 يومًا الماضية الخضوع للحجر الصحي الإلزامي وسيتم حظر غير المواطنين الذين كانوا في جنوب إفريقيا من دخول أستراليا.
وقال هانت إن أي شخص وصل بالفعل إلى البلاد من أي من تلك البلدان التسعة يجب أن يدخل في عزل صحي على الفور.
نيو ساوث ويلز
نيو ساوث ويلز هي أول ولاية تستجيب للمخاوف المتصاعدة بشأن متحور أوميكرون.
وصرح مسؤولو الصحة بالولاية في بيان إعلامي يوم السبت أنه تم دعوة أي شخص سافر إلى جنوب إفريقيا في آخر 14 يومًا لإجراء اختبار كوفيد-19 والخضوع للعزل الذاتي.
وتشمل هذه البلدان جنوب إفريقيا وليسوتو وبوتسوانا وزيمبابوي وموزمبيق وناميبيا وإسواتيني.
وتشجع وزارة الصحة بالولاية أيضًا جميع الأشخاص الذين يعيشون في نفس المنزل مع أولئك الذين سافروا إلى البلدان المتضررة على العزل حتى إشعار آخر.
وأكدت نيو ساوث ويلز عدم وجود حالات أوميكرون تم اكتشافها في الولاية.
وسيتم الاتصال بجميع المسافرين الدوليين الذين وصلوا في آخر 14 يومًا عن طريق الرسائل النصية والهاتف لمطالبة أي شخص كان في جنوب إفريقيا بإجراء الاختبار.
ولا يُطلب من المسافرين الذين لم يكونوا في جنوب إفريقيا الخضوع للعزل أثناء انتظار نتائجهم ما لم تظهر عليهم الأعراض.
يأتي ذلك في الوقت الذي من المتوقع أن تكشف فيه الحكومة الفيدرالية عن نصائح سفر جديدة يوم السبت، بعد أسابيع فقط من إعادة فتح حدود البلاد للسفر الدولي.
وقال بريندان كراب مدير معهد Burnet للأبحاث الطبية في ملبورن في تصريحات لشبكة ABC الإخبارية حول المتحور الجديد: "لم يحن الوقت بعد لإعلان حالة الطوارئ ولكن على أستراليا أن تتأهب وأن نكون في قمة الحيطة والحذر من المتحور الجديد".
وسارعت الدول إلى حظر الرحلات الجوية لإبطاء انتشار أوميكرون يوم الجمعة، بينما تراجعت أسواق الأسهم وأسعار النفط وسط مخاوف بشأن التفشي المحتمل لهذا المتحور، مما قد يوجه ضربة قوية للتعافي الاقتصادي العالمي.
من أين أتى أوميكرون؟
حدد علماء جنوب إفريقيا المتحور الجديد من فيروس كورونا هذا الأسبوع، ويقولون إنه وراء الارتفاع الأخير في عدد الاصابات في مقاطعة Gautteng الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد.
ومن غير الواضح أين ظهر المتحور الجديد، لكن تم اكتشافه لأول مرة من قبل العلماء في جنوب إفريقيا وتم رصده الآن لدى مسافرين إلى بلجيكا وبوتسوانا وهونغ كونغ وإسرائيل.
وقال وزير الصحة في جنوب إفريقيا جو فاهلا إن المتحور مرتبط بـ "ارتفاع أسي" للحالات في الأيام القليلة الماضية على الرغم من أن الخبراء ما زالوا يحاولون تحديد ما إذا كان البديل الجديد، المسمى B.1.1.529، مسؤول بالفعل عن هذا الارتفاع.
ومن حوالي 200 حالة مؤكدة جديدة يوميًا في الأسابيع الأخيرة الماضية، سجلت جنوب إفريقيا عدد حالات إصابة جديدة بلغت نحو 2,465 حالة يوم الخميس.
ويكافح العلماء لشرح الارتفاع المفاجئ في الحالات، ودرس العلماء عينات الفيروس من التفشي الحالي واكتشفوا المتحور الجديد.
وفي بيان صدر يوم الجمعة، صنفت منظمة الصحة العالمية المحور الجديد على أنه "مثير للقلق"، وأطلقت عليه اسم أوميكرون وهو من حروف الأبجدية اليونانية.
وبعد اجتماع مجموعة من الخبراء لتقييم البيانات، قالت منظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة إن "الأدلة الأولية تشير إلى زيادة خطر الإصابة مرة أخرى بهذا النوع" مقارنة بالمتحورات الأخرى.
وقالت منظمة الصحة العالمية: "يبدو أن عدد حالات هذا النوع يتزايد في جميع مقاطعات جنوب إفريقيا تقريبًا".
لماذا يخشى العلماء من المتحور الجديد؟
يبدو أن أوميكرون يحتوي على عدد كبير من الطفرات - حوالي 30 - في البروتين الخاص بفيروس كورونا، مما قد يؤثر على مدى سهولة انتشاره إلى الناس.
وقال شارون بيكوك، الذي قاد التسلسل الجيني لكوفيد-19 في المملكة المتحدة في جامعة كامبريدج ، إن البيانات حتى الآن تشير إلى أن المتحور الجديد يحتوي على طفرات "تتوافق مع احتمالية كونه سريع الانتقال والعدوى"، لكنه قال إن "أهمية العديد من الطفرات ودورها لا يزال غير معروف ".
ووصف لورنس يونغ، عالم الفيروسات بجامعة وارويك، المتحور بأنه "أكثر نسخة متحولة من الفيروس نشهدها حتى الآن".
وقال إن ما يثير القلق أنه على الرغم من أن المتحور تم اكتشافه فقط في مستويات منخفضة في أجزاء من جنوب إفريقيا، "يبدو أنه ينتشر بسرعة".
وقال أنتوني فاوتشي كبير أطباء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، إن المسؤولين الأمريكيين رتبوا مكالمة مع نظرائهم في جنوب إفريقيا يوم الجمعة لمعرفة المزيد من التفاصيل، وأضاف أنه لا يوجد ما يشير إلى أن المتحور قد وصل إلى الولايات المتحدة.
ماذا نعرف ( أو لا نعرف) عن المتحور الجديد حتى الآن؟
يعرف العلماء أن المتحور الجديد يختلف وراثيًا عن المتحورات السابقة بما في ذلك متحورات Beta و Delta لكنهم لا يعرفون ما إذا كانت هذه التغييرات الجينية تجعله أكثر قابلية للانتقال أو خطيرًا.
ولا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن المتحور الجديد يسبب أمراضا أكثر خطورة.
ومن المحتمل أن يستغرق الأمر أسابيع لمعرفة ما إذا كان المتحور الجديد معديًا بدرجة أكبر وما إذا كانت اللقاحات لا تزال فعالة ضده.
وعلى الرغم من أن بعض التغييرات الجينية في المتحور الجديد تبدو مقلقة، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت ستشكل تهديدًا للصحة العامة.
بعض المتحورات السابقة، مثل متحور بيتا، أزعجت العلماء في البداية لكن لم تسبب الكثير من الضرر في النهاية.
وقال الدكتور بيكوك من جامعة كامبريدج: "لا نعرف ما إذا كان هذا المتحور الجديد يمكن أن يتواجد ويتفشى في المناطق التي يوجد فيها دلتا".
"العلماء يبحثون الآن مدى فعالية هذا المتحور حيث توجد تحويرات أخرى متداولة".
حتى الآن، يعد دلتا التحور الأكثر انتشارًا لكوفيد-19، حيث يمثل أكثر من 99% من السلالات المسجلة في أكبر قاعدة بيانات عامة في العالم.
كيف نشأ أوميكرون؟
يتحور الفيروس التاجي أثناء انتشاره إلى العديد من المتحورات الجديدة، بما في ذلك تلك التي لديها تغيرات جينية مثيرة للقلق، والتي غالبًا ما تموت في الحال.
ويراقب العلماء تسلسل كوفيد-19 بحثًا عن الطفرات التي يمكن أن تجعل المرض أكثر قابلية للانتقال أو مميتًا، لكنهم لا يستطيعون تحديد ذلك بمجرد مراقبة نشاط الفيروس.
وقال الدكتور بيكوك إن المتحور "ربما يكون قد تطور لدى شخص مصاب لكن جهازه المناعي لم يتمكن بعد ذلك من القضاء على الفيروس، مما يعطي الفيروس فرصة للتطور وراثيا".
وسيكون هذا سيناريو مشابهًا لكيفية ظهور متحور ألفا كما يعتقد العلماء.
لماذا يتم إعادة فرض قيود السفر؟
اعتبارًا من ظهر يوم الجمعة، سيتعين على المسافرين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة من جنوب إفريقيا وناميبيا وبوتسوانا وليسوتو وإسواتيني وزيمبابوي عزل أنفسهم لمدة 10 أيام.
وتحركت دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا بسرعة يوم الجمعة في محاولة لوقف السفر الجوي من جنوب إفريقيا.
وقال نيل فيرجسون، خبير الأمراض المعدية في إمبريال كوليدج لندن، إنه بالنظر للارتفاع السريع الأخير في عدد الحالات في جنوب إفريقيا، فإن تقييد السفر من المنطقة "قرار حكيم" وسيوفر مزيدًا من الوقت للسلطات.
ويعتقد جيفري باريت، مدير علم الوراثة والجينات لكوفيد-19 في معهد ويلكوم سانجر، أن الاكتشاف المبكر للمتحور الجديد قد يعني أن القيود المفروضة الآن سيكون لها تأثير أكبر مما كانت عليه عندما ظهر متحور دلتا لأول مرة.
وأضاف: "مع دلتا، استغرق الأمر عدة أسابيع في الموجة الرهيبة للهند قبل أن يتضح ما كان يحدث، وقد تفشى دلتا بالفعل في العديد من الأماكن في العالم وكان الوقت قد فات لفعل أي شيء حيال ذلك".
"قد نكون في مرحلة مبكرة مع هذا المتحور الجديد، لذلك ربما لا يزال هناك وقت للقيام بشيء ما حيال ذلك".