لنبدأ مع فولوديمير أوليكساندروفيتش زيلينسكي. هو من مواليد 25 كانون الثاني/يناير 1978، ممثل وكوميدي سابق يتولى منصب رئيس أوكرانيا منذ عام 2019، وقد أصبح بطلاً في عيون الكثيرين حول العالم بسبب موقفه الحازم ضد الغزو الروسي لبلاده ورفضه مغادرة أوكرانيا رغم عرض الولايات المتحدة إجلاءه من كييف خشية تصفيته من قبل الروس.
النقاط الرئيسية
- ولد فولوديمير زيلينسكي عام 1978 وهو ممثل وكوميدي سابق يتولى منصب رئيس أوكرانيا منذ عام 2019
- تولى بوتين سدة الحكم في روسيا منذ عام 2000، مما يجعل منه الزعيم الروسي الأطول بقاءً في السلطة منذ عهد ستالين
- رغم كل ما يفرق فلاديمير وفلوديمير، فإن ما يجمعهما هو حب الأضواء والظهور في صورة البطل القومي في لحظات مفصلية من تاريخ بلديهما
زيلينسكي حائز على شهادة في القانون، لكنه لم يعمل في المحاماة بل توجه نحو الإعلام حيث أنشأ شركة لإنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، ومنها برنامج حظي بشعبية كبيرة لدى الأوكرانيين يحمل اسم "خادم الشعب" لعب فيه زيلينسكي دور رئيس أوكرانيا.
استثمر الممثل الشاب في نجاح البرنامج التلفزيوني لإنشاء حزب سياسي يحمل نفس الاسم في آذار/مارس 2018.
اقرأ المزيد

جولة على أستراليا والعالم في دقيقة
في نفس العام، أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية وسرعان ما تصدر استطلاعات الرأي وأصبح من أبرز المرشحين لتولي المنصب، رغم أنه يأتي من خارج الوسط السياسي. وبالفعل فاز زيلينسكي في الانتخابات حاصداً 73.2% من الأصوات.
لكن يبدو أن خلفيته كممثل كوميدي يعشق الأضواء ما زالت تطغى على أدائه كرئيس، حيث استثمر موهبته تلك لمصلحته وظهر على شاشات التلفزيون خارج مكتبه متحدياً الرئيس الروسي وأصبح ضيفاً دائماً على شعبه تارة بلباسه العسكري وتارة أخرى بثياب بسيطة تجعل الأوكرانيين يشعرون بأنه الأقرب إليهم في هذه الأوقات العصيبة.
بالانتقال إلى الضفة الأخرى من الصراع، رجل اسمه فلاديمير بوتين دخل عامه السبعين في الحياة.. والثاني والعشرين في السلطة.
تولى بوتين سدة الحكم في روسيا منذ عام 2000، مما يجعل منه الزعيم الروسي الأطول بقاءً في السلطة منذ عهد ستالين. ويسمح له الدستور الحالي بتمديد فترة رئاسته مما يعني أنه قد يبقى رئيساً حتى العام 2036.
قد تكون المهنة التي يُعرف بها بوتين قبل دخوله معترك السياسة شيئاً من الماضي. لكنها لا تزال حاضرة بقوة في وجدان الرئيس الروسي ونظرته للعالم بشكل عام والغرب بشكل خاص.
هذا الجاسوس السابق في الـ "كي جي بي" شهد انسحاق أحلامه الشخصية مع انهيار الاتحاد السوفياتي أمام عينيه عام 1991. ولا يزال حتى اليوم يعتبر ذلك السقوط "أكبر كارثة جيو-استراتيجية في القرن العشرين". ويبدو أن إصلاح الخطأ قد بدأ مع الجارة الأقرب، أوكرانيا.
هذا الشعور بالغبن والهزيمة ظل ملازماً للرئيس الروسي في سنواته حكمه، ولم يغيّر منه اختلال التوازنات الاستراتيجية وتداعيات العولمة وظهور أقطاب جديدة على المسرح الدولي ليس آخرها الصين.
لدى توليه الحكم، أعاد بوتين العروض العسكرية التي ميّزت الحقبة السوفيتية، وعادت صور ستالين تظهر مرة أخرى في البلاد بعد أن كانت محظورة.
هذا على الصعيد الرسمي. أما من الناحية الشخصية، فقد بدأ بوتين يستغل صورته كرجل روسيا القوي، بظهوره الشهير عاري الصدر يمتطي جواداً، ومهاراته الرياضية في الجودو التي عززت الانطباع الذي أراد نشره حول العالم كرمز لعودة القوة الروسية.
ذكاء بوتين أصبح مضرب المثل، رغم تشكيك البعض بصوابية قراره الأخير بغزو أوكرانيا. ورغم القسوة التي أضفاها على شخصيته العامة، حرص في الوقت ذاته على إبراز حسه الإنساني وقربه من المواطن الروسي العادي في مناسبات عدة، مدعوماً بآلة إعلامية عملت بكفاءة على تظهير صورته كإنسان، ومنها مقاطع فيديو شهيرة وهو يحتضن كلابه وأخرى يساعد فيها على رعاية نمور الآمور المعرضة لخطر الانقراض.
طفولة فلاديمير بوتين التي اتسمت بالفقر والعنف في أزقة لينينغراد، شكّلت شخصيته كرجل وقائد. ويُنقل عنه قوله: "قبل خمسين عاماً، علمتني شوارع لينينغراد أنه إذا لم يكن من المعركة بد، فعليك أن تسدد الضربة الأولى".
وها هي الضربة الأولى قد بدأت، وسوف تتلوها ضربات مماثلة من عدة جهات حول العالم أصبحت تشعر اليوم أن مصيرها يُكتب في شوارع كييف.
رغم كل ما يفرّق فلاديمير وفلوديمير، فإن ما يجمعهما هو حب الأضواء والظهور في صورة البطل القومي في لحظات مفصلية من تاريخ بلديهما.
وسوف يستثمر كل منهما بدون شك الكاريزما التي يتمتع بها لشد عصب شعبه في هذه الحرب التي قد تطول وقد لا تطول، لكنها بالتأكيد ستغيّر شكل العالم كما نعرفه.