شنت القوات الأميركية سلسلة غارات على قواعد تابعة لفصيل عراقي موال لإيران، ما أسفر عن مقتل 19 مقاتلا على الأقل بعد يومين من هجوم صاروخي أدى إلى مقتل أميركي في العراق.
وبعد ساعات قليلة من هذه الغارات، قال مسؤول أمني عراقي مساء إنّ "أربعة صواريخ كاتيوشا سقطت مساء في محيط قاعدة التاجي (...) التي تضم جنودا اميركيين دون أن تسفر عن ضحايا".
تأتي الغارات على قواعد ومخازن أسلحة تابعة لكتائب حزب الله العراقي عند الحدود العراقية السورية، بعد شهرين من تسجيل تصاعد غير مسبوق على مستوى الهجمات الصاروخية التي تستهدف مصالح أميركية في العراق.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان إنّ الغارات تهدف إلى "إضعاف قدرات كتائب حزب الله على شن هجمات مستقبلا".

U.S. Army soldiers stands next to a guided-missile launcher, a few miles from the frontline, in the village of Abu Ghaddur, east of Tal Afar, Iraq. Source: AP
ومنذ 28 تشرين الأول/أكتوبر، سُجّل 11 هجوما على قواعد عسكرية عراقية تضم جنودا أو دبلوماسيين أميركيين، وصولا إلى استهداف السفارة الأميركية الواقعة في المنطقة الخضراء المحصنة أمنيا في بغداد.
وأسفرت أول عشرة هجمات عن سقوط قتيل وإصابات عدة في صفوف الجنود العراقيين، إضافة إلى أضرار مادية، غير أنّ الهجوم الذي وقع يوم الجمعة الماضية مثّل نقطة تحوّل، حيث أسفر عن مقتل متعاقد أميركي عندما سقطت 36 قذيفة على قاعدة عسكرية موجود فيها جنود أميركيين، وفق مصدر أميركي.
واستهدف الهجوم قاعدة "كاي وان" في محافظة كركوك النفطية المتنازع عليها بين إقليم كردستان وبغداد. وتم تنفيذ الهجوم بدقة غير مسبوقة ما استدعى الرد الأميركي.

President Donald Trump and first lady Melania Trump pose for a photograph as they visit with members of the military at a dining hall at Al Asad Air Base Source: AP
وقال مسؤول عراقي إنّ "القذائف استهدفت بشكل خاص المنطقة التي يتواجد فيها الأميركيون، قرب غرفة الاجتماعات"، ووقع الهجوم قبيل اجتماع بين قادة من الشرطة العراقية ومسؤولين من التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش.
وكان الاجتماع يهدف إلى تنسيق الجهود لشن عملية عسكرية واسعة النطاق في مناطق جبلية لا تزال خلايا من تنظيم داعش مختبئة فيها، لكن جرى إلغاؤها في اللحظات الأخيرة بسبب سوء الأحوال الجوية، وفق الشرطة.
واتهمت مصادر أميركية كتائب حزب الله، أحد فصائل الحشد الشعبي، بالوقوف خلف تلك الهجمات.
ويخدم جزء من هذه الكتائب المسلحة والمدربة والممولة من إيران، ضمن الحشد الشعبي الذي يلعب دورا رسميا في العراق، بينما ينشط جزء آخر بصورة مستقلة في سوريا.
وأشار مدير "مديرية الحركات في هيئة الحشد الشعبي" جواد كاظم الربيعاوي، إلى أنّ الحصيلة بلغت 19 قتيلا و35 جريحا.
وندد المتحدث العسكري باسم رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، وهو القائد العام للقوات المسلحة، ب"انتهاك السيادة العراقية".
كما قالت عصائب أهل الحق التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قادة فيها مؤخرا إن "الوجود العسكري الأميركي صار عبئاً على الدولة العراقية بل صار مصدراً للتهديد والاعتداء على قواتنا المسلحة"، مضيفة في بيان "أصبح لزاماً علينا جميعاً التصدي لإخراجه بكل الطرق المشروعة".
وتثير الهجمات على مصالح أميركية وأخرى على قواعد تابعة لفصائل موالية لطهران خشية الحكومة العراقية التي حذرت منذ أشهر من لجوء حليفاها، الولايات المتحدة وإيران، إلى استخدام الميدان العراقي ساحة مواجهة.

Protesters chant anti US slogans and carry posters with pictures of Qais al-Khazali Source: AP
مع ذلك، تبدّل ميزان القوى في العراق حيث لا يزال 5200 جندي أميركي متواجدين على أراضيه. وعززت إيران نفوذها في العراق على حساب واشنطن الغائبة تقريبا عن انتفاضة غير مسبوقة مستمرة منذ نحو ثلاثة أشهر.
ومنذ استقالة الحكومة العراقية قبل شهر، تسعى الجمهورية الإسلامية وحلفاؤها إلى تسمية شخصية محسوبة عليهم لتشكيل حكومة. وإزاء التصلب الإيراني، لوّح الرئيس العراقي برهم صالح بالاستقالة.
ونجم انعدام الاستقرار السياسي عن اسوأ أزمة اجتماعية يشهدها العراق، ثاني أكبر منتج للنفط ضمن منظمة "اوبك".
وتؤدي تحركات المتظاهرين إلى شلل شبه متواصل في الإدارات والمدارس في غالبية مدن الجنوب. ومنذ السبت، تمكن هؤلاء للمرة الأولى في ثلاثة أشهر من وقف إنتاج حقل نفطي في الجنوب، ينتج ما يوازي 82 ألف برميل يوميا.