اقبال تاريخي على الاقتراع لاختيار الرئيس الأميركي الـ46 وسط انقسامات

الفور بأكثرية الأصوات لا قيمة له بدون موافقة المجمع الانتخابي

Politico's 2020 US presidential forecast

Politico's 2020 US presidential forecast. Source: Twitter/@270toWin

توافد عشرات ملايين الناخبين الأميركيين إلى مراكز الاقتراع أمس للإدلاء بأصواتهم وسط انقسام حاد غير مسبوق بينهم لاختيار رئيس بين المرشح الديموقراطي جو بايدن والرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب اللذين يعدانهم برؤيتين على طرفي نقيض للولايات المتحدة.

وتستعدّ البلاد لليلة طويلة من ترقب النتائج. وتبدو عملية الاقتراع أقرب الى استفتاء على أكثر رؤساء الولايات المتحدة المعاصرين إثارة للجدل.

وفي ختام ولاية رئاسية من أربع سنوات خارجة عن المعايير وحملة انتخابية طغى عليها وباء كوفيد-19، أدلى أكثر من مليون ناخب بأصواتهم بشكل مبكر في الأسابيع الأخيرة قبل موعد الانتخابات أمس لتجنب الوقوف في طوابير في ظل تفشي فيروس كورونا المستجد ما يدل إلى احتمال تسجيل مشاركة قياسية.

وبلغ عدد الوفيات بفيروس كورونا المستجد في الولايات المتحدة أكثر من 231 ألفا، ما أثر سلبا على شعبية ترامب. لكن الرئيس المنتهية ولايته أكّد صباح أمس أن لديه شعورا جيدا بشأن فرصه في الفوز. وقال لمحطة "فوكس نيوز" خلال مقابلة عبر الهاتف "لدينا شعور جيد للغاية".

وفي وقت لاحق، صرح خلال تفقده المقر العام للحملة الجمهورية في إحدى ضواحي واشنطن "إنها اللعبة السياسية، ونحن إزاء انتخابات ولا شيء أكيداً".
وقال بايدن لدى عودته الى مقرّه في ويلمنغتون إنّه "مطمئن"، تشجّعه النسبة العالية لمشاركة الشباب والنساء والأميركيين من أصل إفريقي في الانتخابات.

"أميركا أولا"

وطوال الحملة الانتخابية، عكست الولايات المتحدة صورة بلد منقسم إلى معسكرين متخاصمين انقطعت سبل التواصل بينهما.

فعلى مدى أشهر، لوّح ترامب بخطر وصول "يسار راديكالي" إلى السلطة عازم على تحويل أكبر اقتصاد في العالم إلى "فنزويلا على نطاق واسع". وقال أمس لمحطة "فوكس نيوز"، "في حال فوزهم سيتغير بلدنا إلى غير رجعة".

ويكثف الديموقراطيون وفي مقدمهم جو بايدن وباراك أوباما، تحذيراتهم من العواقب التي قد تكون مدمرة للمؤسسات الديموقراطية في حال فوز ترامب بولاية ثانية.

والمرشحان للانتخابات على طرفي نقيض.
Trump and Biden
It won't matter if Donald Trump or Joe Biden get the most votes - it's where they get them that counts. Source: SBS
فمن جهة المرشح الجمهوري ملياردير من نيويورك وقطب عقارات سابق انتقل من تقديم برنامج لتلفزيون الواقع ليقتحم المعترك السياسي برسالة شعبوية تقوم على أساس "أميركا أولا"، ولا يزال يصرّ على أنه "دخيل" على السياسة رغم أنه أمضى أربع سنوات في البيت الابيض.

ومن جهة أخرى المرشّح الديموقراطي بايدن مخضرم في السياسة متحدّر من الطبقة الوسطى. وقد أمضى 36 عاما عضواً في مجلس الشيوخ وثماني سنوات نائباً لأوباما، وهو يعد ببلسمة جراح البلاد إذا فاز في "المعركة من أجل روح الولايات المتحدة".

وقد فرض بايدن المعتدل نفسه في الانتخابات التمهيدية لحزبه مع رسالة بسيطة تقوم على إلحاق الهزيمة بدونالد ترامب الذي اعتبره "أسوأ رئيس" في تاريخ الولايات المتحدة. وطوال الحملة الانتخابية، جعل من الاقتراع استفتاء على إدارة الرئيس الجمهوري لوباء كوفيد-19.

وقد طاردت هذه الأزمة الصحية الرئيس الذي سعى دائما إلى التخفيف من أهميتها حتى إصابته بالفيروس ودخوله المستشفى مطلع تشرين الأول/أكتوبر. وقد خرج بعدها ليقول "لقد شفيت وأصبحت لدي مناعة".

ولايات حاسمة

وتفيد استطلاعات الرأي  أن الرئيس قد يخسر التصويت الشعبي إلا أن فرصه بالفوز ليست معدومة.

ومن أجل الفوز، يجب أن يحصل المرشح على غالبية أصوات كبار الناخبين والبالغة 270 من اصل 538 والتي تمنح بشكل نسبي على مستوى الولايات.

وتضطلع ولايات تشهد منافسة محتدمة بين المرشحين، تاليا بدور رئيسي.

وستتجه كل الأنظار مساء الثلاثاء بداية  الى فلوريدا، إحدى الولايات الحاسمة في الانتخابات. وبدون الفوز بهذه الولاية التي سبق أن كسبها العام 2016، ستكون المهمة شبه مستحيلة أمام ترامب للبقاء في البيت الابيض.

في المقابل، في حال فاز في فلوريدا حيث المنافسة محتدمة جدا مع بايدن في استطلاعات الرأي، سينصب الاهتمام على بنسلفانيا، مسقط رأس المرشح الديموقراطي. وتظهر استطلاعات الرأي فيها تقدما لنائب الرئيس السابق لكن بفارق قريب من هامش الخطأ.

وثمة ترقب كبير لنتائج المرشحين إلى الكونغرس، إذ إن هامش تحرك الرئيس المقبل رهن بالغالبية في مجلسي النواب والشيوخ.

Map showing the electoral votes of US states and how they voted in 2016.
نتیجه انتخابات ٢٠۱٦ امریکا بر اساس کالج الکترال Source: 270toWin
المجمع الانتخابي

ليلة 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وبكلمة "جميل" وصف ترامب، حديث العهد آنذاك في معترك السياسة، فوزه المفاجئ على منافسته هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة الأميركية.

إنما تفاصيل الفوز ليست بهذا الوضوح. فالديموقراطية وزيرة الخارجية السابقة حصلت على قرابة 3 ملايين صوت أكثر مما حصل عليه منافسها الجمهوري، لكن بفوزه الضئيل في ولايات حاسمة تخطى ترامب عتبة 270 صوتاً الضرورية من أصوات المجمع الانتخابي المكون من 538 عضوا للفوز بمقعد البيت الأبيض.

ويتكون المجمع الانتخابي من 538 مندوباً يصوتون رسمياً على الرئيس ونائبه، وعدد المندوبين المخصص لكل ولاية يساوي عدد أعضاء مجلس نواب الولاية زائد عدد شيوخها، إضافة إلى ذلك يخصص ثلاثة مندوبين لمقاطعة كولومبيا التي تضم واشنطن العاصمة.

ومع أن مندوبي المجمع الانتخابي ليسوا مجبرين قانونيا على الالتزام بانتخاب المرشح الذي صوّت له غالبية المقترعين في الولاية، إلا أنهم يلتزمون بذلك في الغالب الأعم من الحالات، وهناك 24 ولاية تعاقب المندوبين عديمي الولاء faithless electors.

 والوضع الاستثنائي في 2016 المتمثل في خسارة الاقتراع الشعبي ورغم ذلك الفوز بالانتخابات، لم يكن غير مسبوق. فخمسة رؤساء سابقين وصلوا إلى البيت الأبيض بهذه الطريقة.

 وكان أولهم جون كوينسي آدامز عام 1824 أمام أندرو جاكسون. وقبل فترة غير بعيدة شهدت انتخابات 2000 التباسا كبيرا بين جورج دبليو بوش والديمقراطي آل غور.

 وكان غور فاز بفارق 500 ألف صوت عن بوش على المستوى الوطني، لكن عندما فاز بوش بأصوات فلوريدا ارتفع مجموع أصوات الهيئة الناخبة إلى 271 ما حسم الرئاسة لصالحه.


شارك
نشر في: 4/11/2020 11:41am
آخر تحديث: 4/11/2020 8:07pm
By Aaron Fernandes
تقديم: Jameel Karaki
المصدر: AFP