بعد أكثر من 60 جلسة استماع في المحكمة على مدار سنوات، وجدت محكمة إسرائيلية أن مالكا لايفر المتهمة بالاعتداء الجنسي على الأطفال في وضع عقلي يسمح بترحيلها إلى أستراليا للخضوع للمحاكمة. الحكم الذي صدر يوم الثلاثاء يعتبر تطورا كبيرا في الحملة التي تقودها ثلاث شقيقات من الضحايا لإعادة لايفر إلى أستراليا.
إذا لماذا استغرقت القضية كل هذا الوقت لنصل إلى النقطة الحالية؟ وما الذي سيحدث بعد ذلك؟
من هي مالكا لايفر وما هي التهم الموجهة إليها؟
مالكا لايفر تحمل جنسية مزدوجة إسرائيلية وأستراليا وكانت مديرة مدرسة Adass Israel في ملبورن في مطلع الألفينات. المدرسة تخدم مجتمع Adass Israel والذي يعد أكثر مجتمع يهودي متشدد في أستراليا.
وفي عام 2008، بدأت شائعات عن اعتداءات لايفر، حيث سرت حكايات عن اعتدائها جنسيا على الطالبة داسي أيرلتش داخل هذا المجتمع المغلق. وبعد وقت قصير من ظهور تلك الادعاءات، قامت المدرسة بشراء تذاكر سفر لعائلة لايفر إلى إسرائيل، وبقيت مديرة المدرسة هناك من ذلك الحين.

The outside of the Adass Israel Shool in Melbourne. Source: Getty
مالكا لايفر في إسرائيل
بعد تحقيق من شرطة ولاية فيكتوريا تم توجيه 74 تهمة بالاغتصاب والاعتداء على الأطفال لمالكا لايفر. وبدأت محاولات السلطات الأسترالية في إعادة لايفر إلى ملبورن للمثول أمام المحكمة.
خلال عامي 2014 و2016 فشلت جهود إعادة لايفر بسبب دخولها مصحة عقلية وكان رأي الخبراء أنها ليست في وضع عقلي يسمح لها بالوقوف أمام المحكمة.
ولكن في وقت لاحق، تم تصوير لايفر دون معرفتها وهي تتسوق وتودع شيكا في أحد البنوك. هذه المقاطع المصورة دفعت السلطات الإسرائيلية إلى بدء تحقيق لمعرفة إن كانت لايفر تدعي المرض العقلي لتجنب ترحيلها، وهو التحقيق الذي أسفر عن إلقاء القبض عليها في فبراير شباط 2018.

Malka Leifer in an Israeli court. Source: Getty
ولكن على مدار ستين جلسة محاكمة، بدا أن القضية لن تراوح مكانها على الإطلاق. وخلال المحاكمة كانت لايفر مصرة على إنكار كل التهم الموجهة بحقها.
حملة إعادتها إلى أستراليا
مع الوقت، بدأ عدد من ضحايا لايفر في الحديث علنا على مدار سنوات، ونجحن في الحصول على دعم سياسي ملموس لجهودهم لإعادتها إلى أستراليا. انضم للطالبة التي ظهرت الإشاعات بحقها في البداير أيرليش، أختيها نيكول ماير وإيلي سابر واللتان تزعمان أنهما من ضحايا لايفر أيضا.
الأخوات الثلاثة تصدرن الحملة لإعادة مديرة مدرستهم السابقة إلى أستراليا. وسافرن إلى إسرائيل للقاء مسؤولين حكوميين، بينما عملن على حشد الدعم من شخصيات بارزة في أستراليا مثل رئيس الوزراء السابق مالكوم تورنبل ورئيس الوزراء سكوت موريسون ورئيس حكومة فيكتوريا السابق تيد باليلو ورئيس الحكومة الحالي في الولاية دانيال أندروز.
باليلو شارك الأخوات الثلاثة في رحلتهن إلى إسرائيل، وقال إن النظام القضائي الإسرائيلي "مسرحية هزلية". وقال رئيس حكومة فيكتوريا السابق متحدثا عن ضحايا لايفر "لقد تعرضوا لعذاب جسدي وشخصي خلال تلك الجرائم والآن يتم تعذيبهم مجددا على مدار أكثر من عشر سنوات من قبل نظام قضائي خذل تماما ونهائيا، ليس فقط الفتيات ولكن الأستراليين والإسرائيليين."
وقالت إيرليتش في وقت سابق من العام الجاري إنها لا يمكنها وصف حجم الغضب الذي تشعر به بسبب طول مدة عملية ترحيل لايفر. وقالت "يبدو أنها عملية لا تنتهي أبدا ونحن نريد موعدا محددا للنهاية. لا أعتقد أن هناك أي كلمات يمكنها وصف غضبنا خلال الوقت الراهن."
في وضع عقلي يسمح بترحيلها
يوم الثلاثاء الماضي، قبلت المحكمة المحلية في القدس قرار بالإجماع من هيئة من الأطباء النفسيين أن لايفر في وضع عقلي يسمح لها بالخضوع لجلسة استماع ستقرر إن كان سيتم ترحيلها إلى أستراليا.
القاضية في محكمة القدس شانا لومب قالت إنها "قررت قبول رأي هيئة الخبراء، المتهمة في وضع عقلي يسمح لها بالخضوع للمحاكمة."
وخلال حيثيات الحكم التي شغلت 40 صفحة، قالت القاضية لومب إنه في الوقت الذي تعاني فيه لايفر من "مشاكل عقلية" كما قالت لجنة الخبراء، فإن تلك المشاكل "ليست مشاكل ذهانية ناجمة عن مرض عقلي كما هو في التعريف القانوني."
وأضاف الحكم على لسان القاضية "انطباعي أن المتهمة تبالغ في مشاكلها العقلية وتتظاهر أنها مرضية عقليا." وأكدت "لذا فإن المحصلة هو أن المتهمة في وضع عقلي يسمح لها بالخضوع للمحاكمة وسيتم إعادة تفعيل إجراءات ترحيلها."
وتعليقا على القرار قالت أيرليتش إن "تلك الإجراءات تركت ندبات فينا ولكنها لم تكسرنا." وقالت اختها ماير "ست سنوات ونحن نناضل في تلك المعركة الخاصة بمدى سلامتها العقلية."
وأضافت "استغرق الأمر 66 جلسة استماع لنسمع ما كان ينبغي أن نسمعه في أول جلسة استماع."
من جانبه رحب النائب العام الأسترالي كريستيان بورتر بالأنباء: "هذه إشارة إيجابية وتعني أن إجراءات ترحيلها بشكل رسمي يمكنها أن تبدأ قانونيا، ما لم يتم إصدار قرارات أخرى تتعلق بأي طلب للاستئناف."
وستُعقد أول جلسات الاستماع في للنظر في طلب ترحيلها في العشرين من يوليو تموز القادم.
حل نهائي في الأفق؟
بينما احتفل الضحايا وداعميهم بقرار يوم الثلاثاء إلا أن أحد خبراء القانون الدولي قال إن القضية ما زال يمكن أن تمتد لفترة طويلة.
وقال البروفيسور دونالد روثويل من الجامعة الوطنية الأسترالية "لا أعتقد أننا نقترب من أي شكل من أشكال الحل، سأكون مستغربا للغاية أن تم حل قضية مالكا لايفر خلال العام الجاري، وإعادتها فعلا إلى أستراليا خلال العام الجاري لتمثل أمام محكمة في ولاية فيكتوريا."
وأضاف "تم حل واحدة من المشاكل المتعلقة بعملية الترحيل، وهي إن كانت مالكا لايفر في حالة عقلية تسمح لها بالخضوع للترحيل."
وقال الفريق القانوني الخاص بلايفر إنهم سيقدمون طعنا على قرار محكمة القدس أمام المحكمة العليا الإسرائيلية. لكن المدافع عن حقوق ضحايا الاعتداء الجنسي من اليهود ماني واكس قال إن تلك الخطوة لا تقلقه.
وقال واكس "كل مرة ذهبنا فيها إلى المحكمة العليا، كان القرار النهائي في صالحنا، لذا فإن تلك ساحة أكثر أمنا بالنسبة لنا."
ولكن بعد قرار البت في صحتها العقلية ما زال هناك جلسات الاستماع للنظر في قرار الترحيل نفسه، ثم الموافقة النهائية من قبل الحكومة الإسرائيلية. البروفيسور روثويل قال إن هناك الكثير من المعضلات التي يمكن أن يثيرها الفريق القانوني الخاص بها والتي ستشكل عقبات في الطريق.
وأضاف "يمكن للفريق أن يجادل في مدى سلامة ترحيل شخص ما من بلد إلى أخرى في ظل تفشي وباء كورونا، ويناقش أي مخاطر صحية يمكن أن تنجم عن عملية الترحيل."
وقال البروفيسور إن الفريق القانوني سيحاول استغلال تدخل شخصيات سياسية رفيع من أستراليا في القضية لمصلحته: "هذه التعليقات يمكن أن تكون غير مفيدة، حيث سيتم النظر إليها، على الأقل في إسرائيل، بأنها تسييس لعملية الترحيل، مما يثير سؤالا بشأن إمكانية حصول مالكا لايفر، المواطنة الإسرائيلية، على محاكمة عادلة في أستراليا."
كما قال إنه في كل خطوة على الطريق، يملك الفريق القانوني أن يقدم طعن على أي قرار يصدر من أي جهة: "بالنظر إلى الطريق التي سارت عليه القضية حتى الآن، يمكن أن نفترض أن الفريق القانوني سيسعى لاستنزاف كل الطرق القانونية خلال القضية."
Readers seeking support can contact Lifeline crisis support on 13 11 14, Suicide Call Back Service on 1300 659 467 and Kids Helpline on 1800 55 1800 (for young people aged 5 to 25). More information is available at Beyond Blue.org.au and lifeline.org.au.
Anyone seeking information or support relating to sexual abuse can contact Bravehearts on 1800 272 831 or Blue Knot on 1300 657 380.