لم يخطر ببال الجندي الأسترالي السابق كريستوفر إلويل أنه سيصبح شغوفاً باللغة العربية بعد خدمته في العراق عام 2016. بدأت علاقة إلويل باللغة العربية بدورة لتعليم اللغة في الأردن خضع لها قبل نقله إلى العراق ضمن الجنود الأستراليين هناك.
قضى إلويل هناك ستة أشهر لكن الأثر الذي تركه العراق في نفسه لم ينتهي بمجرد عودته إلى مسقط رأسه في تازمانيا. استئنف إلويل دراسته الجامعية بعد ترك الجيش، وكان توجهه هذه المرة محسوما، اللغة العربية والدراسات الإسلامية.
لم تكن التعددية الثقافية جزءً من هوية هوبارت كغيرها من المدن الأسترالية الكبرى التي استقطبت المهاجرين خلال التسعينيات. تذكر إلويل فترة نشأته في هوبارت "تازمانيا ليست مجتمعا متعدد الثقافات، خاصة في التسعينيات. الآن هناك بعض الصينيين لكن ليس العرب."

Christopher Elwell during his time in Petra, Jordan. Source: Supplied
التحق إلويل بالجيش الأسترالي عام 2007 واُرسل في مهمة عسكرية إلى أفغانستان عام 2010 حيث أمضى هناك ستة أشهر. وفي عام 2016 كُلف إلويل بالذهاب إلى العراق للانضمام إلى القوات الأسترالية الموجودة هناك منذ عام 2014.
ما زال يتذكر إلويل انطباعاته المبدئية "بعد عملي في العراق، فوجئت بالفرق بين الدولتين (..) كنت أعتقد أنها كلها مكان واحد."
كان أول تعليم يتلقاه إلويل في اللغة العربية في الأردن حيث خضع هناك لدورة تعلم اللغة العربية قبل الذهاب إلى العراق. قال إلويل "أساتذتي في الدورة كانوا من الأردنيين والصوماليين واحتكاكي بهم وسّع مداركي ورسم لي صورة أوضح عما أنا على وشك القيام به (..) لا يزال الانطباع الذي تركوه لدي حاضراً معي حتى اليوم."
كريستوفر إلويل البالغ من العمر تسعة وعشرين عاما كان على وشك الالتحاق بالجهود الدولية لدحر تنظيم داعش في سوريا والعراق. التنظيم المتشدد اكتسح نصف سوريا وثلث العراق بما فيه مدينة الموصل، ثاني أكبر مدن البلاد، ويخضع لحكمه نحو 8 ملايين إنسان.
كانت فكرة الذهاب إلى الشرق الأوسط بالنسبة لإلويل "مرعبة" ولكن دورة اللغة العربية منحته شعورا بالراحة من اليوم الأول لوصوله إلى المنطقة. في العراق، استمرت علاقته الحميمة باللغة العربية والتي مكنته من التواصل مع محيطه "عندما ذهبت إلى العراق وبعد أن اقتربت من الناس، شعرت بالامتياز لكوني جزء من تجربة كتلك ولأنني استطيع التحدث مع الناس."
يؤكد إلويل "أحب أن أقضي يومي مع العراقيين، كانوا مهتمين أكيد بمعرفة المزيد عن أستراليا، لكنهم كانوا مهتمين أيضا بمعرفتي على المستوى الشخصي."

Christopher Elwell in Petra, Jordan. Source: Supplied
وقال "تحدثنا عن كرة القدم، وقتها هزمت أستراليا العراق في كأس آسيا، وكان هذا حدثا كبيرا. تحدثنا أيضا عن العائلة والدوري الأنجليزي الممتاز. اندهشت للغاية وأنا هناك، كانوا يعرضون علي صور عائلاتهم ويسألون عن عائلتي، كونا علاقة حميمة واستطعنا التواصل على المستوى الإنساني."
معرفة إلويل باللغة العربية كانت نافذة على تاريخ وثقافة العراق والمنطقة بأسرها. وقال "مكنتني اللغة من فهم المنطقة و حمستني لأعرف المزيد عن اللغة العربية وثقافة الشرق الأوسط، بخلاف ما تنقله وسائل الإعلام الشعبية في أستراليا."
"الخرافة الشائعة أن هذه المنطقة من العالم لطالما كانت مسرحا للنزاعات والقتال، وهذا أمر دائما ما احتج عليه، حيث أتمنى أن يعرف المزيد من الناس، الإمبراطوريات العظيمة، وسلالات الحكم ونماذج التسامح التي شهدتها تلك المنطقة على مدار التاريخ."
بمجرد عودته قرر إلويل استئناف رحلة التعلم التي بدأها هناك "أحضرت معي الكثير من الذكريات وحافز لتعلم المزيد عن اللغة العربية والثقافة الإسلامية." نجح في الحصول على دبلومة اللغة العربية والثقافة من جامعة تشارلز ستارت عام 2018، وحاليا يدرس بكالوريوس الآداب في تخصص الفلسفة مع تخصص فرعي في التاريخ والدراسات الإسلامية.
"هذا أمر كنت أرغب في فعله، أن أتعلم المزيد عن اللغة العربية والتاريخ الإسلامي." رحلته في تعلم اللغة العربية جعلته عازما على تعليم ابنه لغة ثانية، فتعلم اللغة بالنسبة له كانت تجربة غيرت حياته. "لا يمكن أن أمنع تجربة مشبعة كتلك عن شخص أحبه للغاية مثل ابني."
"الوقت الذي أمضيته في تعلم اللغة العربية ومع العرب كان أحد أفضل الأوقات التي أمضيتها في حياتي." وأكد إلويل "أرغب في اصطحاب عائلتي إلى هناك يوما ما."