Feature

الملكة تعلق عمل البرلمان البريطاني ومعارضون يعتبرون القرار "فضيحة دستورية"

رئيس الوزراء عازم على إتمام خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نهاية أكتوبر تشرين الأول حتى دون اتفاق

In this image released by the House of Commons, new British Prime Minister Boris Johnson gestures as he speaks in Parliament in London, Thursday, July 25, 2019. (Jessica Taylor/House of Commons via AP)

British Prime Minister Boris Johnson gestures as he speaks in Parliament in London Source: Jessica Taylor/House of Commons via AP

وافقت الملكة إليزابيث الثانية ملكة بريطانيا على طلب رئيس الوزراء الجديد بوريس جونسون تعليق عمل البرلمان البريطاني قبل أسابيع من الموعد النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأعلن جونسون تعليق أعمال البرلمان لمدة خمسة أسابيع بعد أيام قليلة من عودة البرلمان من أجازة الصيف وحتى الرابع عشر من أكتوبر تشرين الأول القادم.

وقال معارضون إن فترة التعليق الطويلة نسبيا تعني أن البرلمان لن تتاح له فرصة كافية لمناقشة شروط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل الموعد المحدد لها في 31 أكتوبر تشرين الأول. وتراجع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.6% مقابل اليورو والدولار بعد هذا الإعلان، الذي يرجح فرضية الخروج دون اتفاق. وتخشى الأوساط الاقتصادية في لندن من هذا الخيار، ويُعتقد أنه سيتسبب في هزة وقتية للاقتصاد البريطاني قد تصل إلى حدوث نقص في بعض المواد الموجودة في الأسواق.
Britain's Prime Minister Boris Johnson is under pressure to avoid a messy and complicated Brexit strategy.
Britain's Prime Minister Boris Johnson is under pressure to avoid a messy and complicated Brexit strategy. Source: AFP
وأثار القرار موجة كبيرة من الاحتجاج داخل البلاد وصلت إلى الشارع حيث تظاهر مئات الاشخاص احتجاجا على قرار جونسون أمام البرلمان ثم أمام مقر رئاسة الحكومة.

تعليق اعتيادي في وقت غير اعتيادي

وعادة ما يعلق البرلمان عمله في سبتمبر أيلول لفترة قصيرة قبل افتتاح الموسم البرلماني الجديد وخطاب العرش الذي تلقيه الملكة. ويجري التعليق بناءا على "إرادة ملكية" تصدر بطلب رئيس الحكومة. يحدث التعليق كل عام، لكن الدورة البرلمانية الحالية مستمرة منذ سنتين بسبب أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث أُجريت آخر انتخابات عامة في حزيران يونيو عام 2017.

آخر مرتين عُلق فيها البرلمان في سنة لم تشهد انتخابات عامة كانت مدة التعليق 4 أيام و13 يوما على التوالي، لكن الآن جونسون أعلن تعليق البرلمان خمسة أسابيع كاملة.
ووصل جونسون إلى قمة هرم السلطة بعد انتخابات داخلية في حزب المحافظين هزم فيها الزعيمة السابقة للحزب تيريزا ماي والتي أمنت الفوز في الانتخابات العامة الأخيرة. وقالت مادي تيمونت من معهد "من أجل الحكم" إن التعليق ليس أمراً "غير عادي" لكن المشكلة تمكن في "توقيته"، فهو يحدّ من فرص النواب لتعطيل الخروج دون اتفاق. وأضافت " لا يزال هناك فرصة أمام النواب لتقديم مشروع قانون الأسبوع المقبل واعتماده قبل بدء التعليق".

غضب بريطاني وحفاوة أميركية

جونسون اعتبر أن التعليق لا شئ فيه إذ أن جدول الأعمال المحدد "يعطي متسعا من الوقت للنواب لمناقشة الاتحاد الأوروبي وبريكست". لكن زعيم حزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة، جيريمي كوربن اعتبره "فضيحة وتهديد" للديمقراطية البريطانية، وقال مصدر في حزب العمال إن كوربين بعث برسالة إلى الملكة إليزابيث الثانية طالبا عقد لقاء معها.

ويعتزم كوربن الحصول على دعم النواب لتقديم مذكرة بحجب الثقة عن الحكومة، لكن يتعين عليه فعل ذلك خلال الأسبوع القادم، حيث يدخل التعليق حيز التنفيذ في التاسع من سبتمبر أيلول القادم.
Jeremy Corbyn’s opposition Labour Party has urged rebel Conservatives to help block a no-deal Brexit by bringing down Prime Minister Boris Johnson's.
Jeremy Corbyn’s opposition Labour Party has urged rebel Conservatives to help block a no-deal Brexit by bringing down Prime Minister Boris Johnson's. Source: AAP
وقال رئيس مجلس العموم جون بيركو إن تمديد التعليق حتى 14 تشرين الأول/أكتوبر بمثابة "فضيحة دستورية". واعتبر بيركو الذي لا يعلق عادة على المواقف السياسية باعتباره طرفا محايدا في غرفة البرلمان، إن التعليق أمرا طبيعيا لكن تمديده غير مقبول.

الانتقادات طالت جونسون من داخل معسكر المحافظين المعارضين للخروج دون اتفاق، حيث ندد وزير المالية السابق فيليب هاموند بالقرار واعتبره "فضيحة دستورية".  وقالت وسائل إعلام إن زعيمة الحزب المحافظ الإسكتلندي روث ديفيدسون صاحبة الشعبية الواسعة تعتزم الاستقالة، بالرغم من دورها الناجح في منح الحزب المحافظ حياة جديدة في اسكتلندا.

أكبر إشادة جاءت عبر الأطلنطي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب والذي كتب عبر تويتر "سيكون من الصعب للغاية على جيريمي كوربن (...) الحصول على تصويت بحجب الثقة (...) ولا سيما أن بوريس (جونسون) هو ما كانت المملكة المتحدة تبحث عنه تماما"، وقد لوح ترامب مرارا باتفاق تبادل تجاري طموح مع بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
US President Donald J. Trump (R) and Britain's Prime Minister Boris Johnson (L) pose as they arrive for a bilateral meeting during the G7 summit in Biarritz
US President Donald J. Trump (R) and Britain's Prime Minister Boris Johnson (L) pose as they arrive for a bilateral meeting during the G7 summit in Biarritz Source: AAP
وكتب كوربن على تويتر "أعتقد أن ما يعنيه الرئيس الأميركي أن بوريس جونسون هو تماما ما كان هو يبحث (ترامب) عنه، رئيس وزراء منصاع  يضع الخدمات العامة البريطانية بأيدي الشركات الأميركية".

وفي معسكر المحافظين المعتدلين كذلك، أثارت الخطوة استنكاراً. وندد وزير المالية السابق فيليب هاموند المعارض لخروج بدون اتفاق، بـ"فضيحة دستورية".

الخروج دون اتفاق

لم يتردد جونسون في إعلان رغبته في الخروج في الموعد المحدد وعدم التمديد مرة أخرى حتى دون اتفاق مع بروكسل. واعتبر أن خوف الساسة من الخروج من الاتحاد دون موافقتهم لا أساس له، حيث ينعقد البرلمان لمدة أسبوعين قبل الموعد النهائي للخروج. وقال جونسون في بيان "أرى أنه من الضروري اجتماع البرلمان قبل موعد قمة المجلس الأوروبي (17 و18 تشرين الأول/أكتوبر)، وإذا تمكنا كما آمل من التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي، سيتمكن البرلمان من اعتماد القانون الضروري للمصادقة على اتفاق الانسحاب قبل 31 تشرين الأول/أكتوبر".

وتابع "الأسابيع التي تسبق القمة الأوروبية ضرورية بالنسبة إلي لإجراء مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً "من خلال إظهار الوحدة والتصميم، سيكون أمامنا فرصة للحصول على اتفاق جديد يمكن إقراره في البرلمان".
A woman is seen with a flare on westminster bridge outside the houses of parliament where hundreds of people are seen protesting against Boris Johnson.
A woman is seen with a flare on westminster bridge outside the houses of parliament where hundreds of people are seen protesting against Boris Johnson. Source: EMPICS Entertainment
ورفض البرلمان ثلاث مرات اتفاق الخروج الذي توصلت إليه حكومة تيريزا ماي السابقة مع الاتحاد الأوروبي بعد عامين من المفاوضات. ولم يتمكن النواب من الاتفاق على شكل بريكست الذي وافق عليه 52% من البريطانيين في استفتاء عام 2016.

وتختلف لندن والاتحاد الأوروبي خصوصاً على البند المتعلق بمستقبل الحدود الإيرلندية التي تفصل المملكة المتحدة عن السوق الأوروبية المشتركة، لكن الطرفين يقولان إنهما مستعدان لمناقشة الأمر.

والأربعاء، اعلن المفاوض الرئيسي للاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أنه "جاهز دائماً لدراسة" المقترحات البريطانية.

 


شارك
نشر في: 29/08/2019 11:31am
آخر تحديث: 30/08/2019 7:24am
By Abdallah Kamal
المصدر: AFP