وسط استمرار احتجاجات حاشدة في لبنان، أعلن وزير المالية علي حسن خليل، أن الحكومة اللبنانية تبنت، خلال اجتماع مع رئيس الوزراء، سعد الحريري، ميزانية خالية من أي ضرائب جديدة.
وقال خليل، في تغريدة نشرها على تويتر "في اللقاء مع الرئيس الحريري، تم التأكيد على إنجاز الموازنة بدون أي ضريبة أو رسم جديد وإلغاء كل المشاريع المقدمة بهذا الخصوص من أي طرف، وإقرار خطوات إصلاحية جدية مع مساهمة من القطاع المصرفي وغيره بما لا يطال الناس بأي شكل ولا يحملهم أي ضريبة مهما كانت صغيرة".
ومنح الحريري الجمعة "شركاءه" في الحكومة، في إشارة إلى حزب الله والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس اللبناني ميشال عون، مهلة 72 ساعة، حتى يؤكدوا التزامهم المضي في اصلاحات تعهدت حكومته القيام بها العام الماضي أمام المجتمع الدولي، مقابل حصولها على هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار.
وشهد منزل الحريري اجتماعات داخلية ولقاءات متواصلة من أجل الوصول إلى حل للأزمة الحالية، فيما قال الرئيس اللبناني ميشال عون على تويتر "سيكون هناك حل مطمئن للأزمة".
والتقى الحريري كلا من وزير الصناعة وائل أبوفاعور، الذي ينتمي الى الحزب التقدمي الاشتراكي، ووزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس، الذي ينتمي الى «تيار المردة»، ووزير المال علي حسن خليل، الذي ينتمي الى حركة أمل.
وقال الحريري في تغريدة عبر حسابه في موقع تويتر، إن بيت الوسط (منزله) خلية نحل اليوم، حيث (تعقد) اجتماعات داخلية وأخرى تقنية واتصالات ولقاءات بعيدا عن الإعلام، وذلك قبل الإعلان عن إقرار الموازنة الجديدة.
ونزل عشرات الآلاف من اللبنانيين السبت لليوم الثالث، احتجاجاً على فشل السلطات في إدارة الأزمة الاقتصادية، في وقت تبادلت القوى السياسية الاتهامات بالمسؤولية عن تدهور الوضع.
وكانت الهيئة السياسية في "التيار الوطني الحر" أعلنت، بعد اجتماعها برئاسة رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل تأييدها لـ"الحركة المطلبية"، مؤكدة "ضرورة انعقاد مجلس الوزراء بأسرع وقت واتخاذ قرارات ملموسة تستجيب لمطالب الناس التي هي في الأساس مطالب التيار".
ورقة إصلاحية
وفي غضون ذلك، أفادت مصادر حكومية لبنانية بأن مجلس الوزراء سيعقد، اليوم الأحد، اجتماعا لمناقشات سبل الخروج من الأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، حيث سيقدم االحريري ورقة إصلاحية من ستة بنود.
ومن أبرز بنود الورقة الاصلاحية، خفض رواتب الرؤوساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين 50%، ويقدم مصرف لبنان وباقي المصارف 3 مليار دولار الى الدولة اللبنانية، اضافة الى تحويل معامل الكهرباء الى غاز خلال شهر واحد. كما تتضمن الورقة الغاء بعض المجالس والوزارات كوزارة الاعلام، ولن تحمل الموازنة اي ضرائب او رسوم او تخفيض على رواتب الموظفين اضافة الى إقرار قانون استعادة الاموال المنهوبة.
نقمة شعبية
وفي مؤشر الى حجم النقمة الشعبية، بدا لافتاً خروج تظاهرات غاضبة في مناطق محسوبة على تيارات سياسية نافذة، أحرق ومزق فيها المتظاهرون صوراً لزعماء وقادة سياسيين، ما استدعى ردود فعل غاضبة من مناصريهم.
وفي مدينة صور جنوباً، حيث يطغى نفوذ حركة أمل بزعامة رئيس البرلمان نبيه بري، خرجت الجمعة تظاهرة مؤيدة له شارك فيها عدد من أنصاره بينهم مسلحون، رداً على تظاهرات شهدتها المدينة واتهم مشاركون فيها بري بالسرقة والفساد.
وتعرّض مؤيدو بري للمتظاهرين ضد السلطة بالضرب والشتائم. وتعهدت حركة أمل لاحقاً التحقيق في الأمر. كما ذكرت الحركة بـ”موقفها الثابت بالتصريح والممارسة بالانحياز لمطالب الناس وجمهورها، وذلك في ظل المعاناة التي يعانيها الشعب اللبناني، والتي تترجمها التحركات الشعبية المستمرة في مختلف المناطق اللبنانية”.
وفي مدينة بنت جبيل الحدودية جنوب لبنان التي يطلق عليها حزب الله لقب "عاصمة التحرير" اقتحم محتجون مكتب النائب في حركة أمل علي بزي، وفي مدينة النبطية، جنوب لبنان، هاجم المتظاهرون مكتبي النائبين محمد رعد (حزب الله) وهاني قبيسي (أمل)، كما تظاهروا أمام منزل النائب ياسين جابر، الذي أطلق عناصره النار في اتجاه المحتجين. ويبقى الحدث الأضخم، إحراق المتظاهرين "الريست هاوس" التي تملكها بواسطة شركات مموهة زوجة بري.
من جانبها أكدت قيادة الجيش اللبناني أمس، تضامنها مع المطالب المحقة للمتظاهرين، داعية إلى التعبير عن الرأي بشكل سلمي. وأوضحت مديرية التوجيه،
وانتهت التظاهرة بأعمال شغب من جانب شبان غاضبين أقدموا على تكسير واجهات المحال التجارية وواجهتي مصرفين وعدادات وقوف السيارات وإشارات السير.
وغطت بعض المصارف واجهاتها بألواح معدنية لحمايتها. كما أعلنت قوى الأمن الداخلي توقيف "سبعين شخصاً خلال قيامهم بأعمال تخريب واشعال حرائق وسرقة في وسط بيروت". وفي وقت لاحق، أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية عن إطلاق سراح جميع المحتجزين.

Source: EPA
استقالة وزراء القوات
من جهته، أعلن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ليل السبت استقالة وزرائه الأربعة من الحكومة تحت ضغط الشارع، في خطوة رحب بها المعتصمون في وسط بيروت.
وقال جعجع في مؤتمر صحافي عقده شمال بيروت "توصلنا إلى قناعة أن هذه الحكومة عاجزة عن اتخاذ الخطوات المطلوبة لإنقاذ الوضع الاقتصادي والمالي المتفاقم" لافتاً إلى أن حزبه "قرر الطلب من وزرائه التقدم باستقالتهم من الحكومة". وكان جعجع، حليف رئيس الحكومة سعد الحريري، قد دعا الأخير إلى تقديم استقالته.
نصر الله
وبينما أبدى الحريري استعدادا للتنحي، رفض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أبرز خصوم الحريري السياسيين، في خطاب متلفز السبت ان تستقيل الحكومة محذراً من "ترك مصير البلد للمجهول".
ودعا جميع الأفرقاء إلى "تحمّل المسؤولية"، منبهاً إلى أن "معالجة الوضع المالي والاقتصادي بالضرائب والرسوم ستؤدي إلى انفجار شعبي". وكان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، حليف حزب الله، رفض أيضاً استقالة الحكومة.

Source: AP